<%@ Language=JavaScript %> د. ماري ناصيف العلاقة بين نتائج إنتخابات 2013 والثروة النفطية والإصلاح

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

العلاقة بين نتائج إنتخابات 2013

 

والثروة النفطية والإصلاح

 

 

د. ماري ناصيف – الدبس

 

تتراكم الملّفات ذات البُعد الإصلاحي لمختلف مجالات الحياة داخل الحواسيب القابعة على طاولة مجلس الوزراء وفي جوارير المكاتب الموزعة داخل مجلس النواب.. الى درجة تكاد معها هذه الحواسيب وتلك الجوارير أن تنفجر لكثرة محتوياتها.

وتستفيد المؤسسات الثلاث، الناظمة لحياة المواطنين مبدئياً، من الأزمة السورية المتفاقمة، ومن الخوف الناجم عمّا ستؤول اليه تداعياتها على الوضع اللبناني- خاصة وأن الرئيس السوري قد ألمح في خطابه أن الحل الأمني هو الوحيد المتاح-، لتستمر في تطبيق سياسة "النأي بالنفس"، ليس فقط عمّا يجري على حدودنا الشمالية والشرقية من إشكالات وتدخلات سافرة بالاتجاهين، بل وكذلك عمّا تطالب به تحركات أغلبية الشعب اللبناني من إصلاحات في مجالات الحياة كافة.. بدءاً بالمجال السياسي ووصولاً الى المجالات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.

فالحكومة، بكل مكوناتها الآذارية والوسطية، ومعها المعارضة الآذارية التي هي على صورتها ومثالها، ترفض الدخول في رحاب الإصلاح، بل إنها ترى فيه خطراً على مصالحها الآنية، وخاصة على المستقبل السياسي – الاقتصادي للطبقة المسيطرة التي تنتمي اليها. لذا، تحصر اهتمامها اليوم في مجالين مترابطين لإعادة إنتاج نظامها المتآكل الذي لم يستطع إتفاق الطائف حمايته سوى لبضع سنوات تكاد تنتهي.

والمجالان اللذان نتحدث عنهما في ترابطهما المتين هما: قانون الإنتخاب، الذي يؤمن أفضل تقاسم للسلطة بين مكونات البرجوازية اللبنانية، وخطة التنقيب عن النفط وأسس تلزيمه وتأمين أفضل أشكال المحاصصة في الموارد العائدة منه، التي تؤمن المال والذي هو العماد الثاني للسلطة، الى جانب الإنقسام الطائفي. من هذا المنطلق السياسي – الاقتصادي – المالي ندخل الى دراسة مشاريع القوانين الإنتخابية المطروحة اليوم على بساط البحث، واإرتباط هذه المشاريع بالنسبة لأصحابها بمستقبل النظام في لبنان، من جهة، وبالخطة الغازية – النفطية الدسمة التي أقرتها الحكومة في 27 كانون الأول الماضي، والتي أطلقت عليها صفة "العيدية" دون أن تحدد لمن من اللبنانيين ستذهب تلك العيدية.

ذلك أن الأكثرية التي ستتشكل لإمرار أحد تلك المشاريع، بدءاً بمشروع الحكومة ووصولاً الى المشروع الأرثوذوكسي (دون نسيان قانون الستين) هي نفسها التي ستحاول أن تستأثر بالحصص الوازنة في المجلس النيابي العتيد، في حال جرت الإنتخابات في موعدها الدستوري.. والصراع على الحصص والأحجام، هذه المرة، سيحاول، الى حد كبير، إما الى استعادة بعض من التوازن الذي اختل منذ انتخابات العام 1992، أو الى تكريس صيغة جديدة (يقال إنها مثلثة الرؤوس طائفياً). وهذا يعني أن القوى السياسية المتصارعة ستحاول، ان عبر الإتيان بهذه الصيغة أو تلك، وبالتحديد صيغة مجالس المِلَل الذي ينطوي عليه "المشروع الأرثوذوكسي"، أم عبر صيغة النسبية في دوائر صغرى ذات أكثرية طائفية واضحة، أن تؤسس للإتيان برئيس للجمهورية مولود من رحمها؛ كما إنها ستؤكد حصتها، المأخوذة أصلاً بالنسبة للبعض داخل السلطة اليوم أو المطالب بها لمن هم من الخارج، في عملية إقتسام عائدات استخراج الغاز ( ومن بعده النفط) التي ستنطلق مع بدايات العام 2014، كما هو مقرر..

ولا ننس كذلك أن الصراع الدائر عندنا مرتبط جداً بأجندات إقليمية مهمة، أقربها زمنياً ما ستؤول اليه الإنتخابات الإسرائيلية من تكريس سيطرة التطرف الفاشي الموجود اليوم داخل حكومة العدو وخارجها، يليها ما ستؤول اليه الأزمة السورية، التي تزداد استعصاء، بحسب قراءتنا لخطاب الرئيس السوري بشّار الأسد وللمعارك التي تأكل الأخضر واليابس في سوريا. وبين هذا وذاك نشير أيضا الى تطور الصراع في عدد من البلدان العربية التي شهدت إما إنتفاضات ثورية (كمصر وتونس) أو تغيرات قيصرية، من خلال عودة المخطط الأميركي – الرجعي العربي الى الواجهة مجدداً واستعجاله إفراغ الإنتفاضات الثورية العربية من محتواها الاجتماعي، من خلال إنتاج سلطات (خاصة في مصر) تعتمد النموذج الباكستاني في الجمع بين القوى السياسية الدينية والعسكر وتحل محل الأنظمة التي تهاوت، في استكمال مشروع "الشرق الأوسط الجديد".

وحتى لا نتوسّع كثيراً في الربط بين ما هو داخلي وما هو إقليمي، وتأثير المتغير الإقليمي على الوضع الداخلي، سنركز تحليلنا على الدور الذي ستلعبه مصادر الطاقة المكتشفة في مياهنا الإقليمية، في ظلّ محاولات "الطبقة السياسية" المسيطرة إنهاء وجود القطاع العام، ورفضها التعاطي مع ما تشكله سلسلة الرتب والرواتب من حلٍ إصلاحي للوظيفة العامة، وتآمرها على الضمان الاجتماعي، بل في ضوء المحاصصة التي برزت في تشكيل مجلس إدارة هيئة قطاع النفط، خاصة وأن لهذه الهيئة الجديدة مهام أقل ما يقال فيها إنها ستحدد مستقبل لبنان لعشرات السنوات.

مجلس إدارة هيئة قطاع النفط

تكريس للمحاصصة الطائفية بإشراف حصري من قبل وزير الطاقة

بما يحولها الى شركة نفطية سباعية:

ستة أعضاء يمثلون الطوائف الستة الأكبر حجماً في البلاد

وعلى رأسهم وزير الطاقة

 

من خلال هذه الهيئة (بمن تمثل وماذا تمثل) سيتم تقويم الطلبات المقدمة من شركات النفط العالمية للحصول على التراخيص؛ وهي التي ستتفاوض. مع الشركات المتقدمة بالطلبات، بإشراف حصري من وزير الطاقة وبموافقته دون غيره من الوزراء؛ وهي التي ستتقدم الى وزير الطاقة، المشرف عليها حصرياً، بالتوصيات لمنح التراخيص.. بما يحولها الى شركة نفطية سباعية (ستة أعضاء يمثلون الطوائف الستة الأكبر حجماً في البلاد وعلى رأسهم وزير الطاقة)، حصرية لمدة 12 سنة على الأقل (ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة).. ونقول "على الأقل"، كون التجارب قد علمتنا أن التوافقات الطائفية يمكن لها أن تعدل مواد أساسية من الدستور، وبالتحديد ما يتعلق بالتمديد لعدة رؤساء للجمهورية أو السماح بانتخاب موظفين وعسكريين خلافاً لما هو منصوص عليه.. خاصة وأن القيمة المادية لما نتحدث عنه كبيرة وكبيرة جداً.

فنحن نتحدث - بحسب شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية - عن أن لبنان يضم الجزء الأكبر من حوض حقول النفط والغاز. نتحدث عمّا يقارب 40 تريليون قدم مكعب من الغاز، منها 16 تريليون في المنطقة الجنوبية، وعن وجود أكثر من 4.2 مليار برميل من النفط فقط تحت الحدود اللبنانية مع فلسطين... أي أننا نتحدث عمّا أصبح مكتشفاً وليس عمّا يمكن اكتشافه لاحقاً ما بين الجنوب والشمال، وهذا المكتشف يقدر بمئات المليارات من الدولارات.

وما يحاول زعماء الطوائف وممثلوها السياسيون أن يصلوا اليه عبر رؤاهم للمحاصصة اليوم، إنما يمكن تلخيصه في ما يمكن أن تعنيه لهم هذه الثروة الهائلة التي يتقاتلون اليوم لتقاسمها من خلال السعي الى ترميم نظامهم، ولو على جثث عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين يمكن أن يكونوا وقوداً لحرب أهلية جديدة يجري الإعداد لها.

من هنا، تأتي أولوية التحرك للخلاص من النظام الطائفي. لأننا بذلك نحمي الوطن من السقوط ونحمي المواطن من التشرد والضياع والقتل.

لقد أصبح النظام الطائفي، الذي اعتمدته البرجوازية اللبنانية في ثلاثينيات القرن الماضي والذي حاول إتفاق الطائف تلميع صورته، عائقاً أمام تقدم الوطن وتطور الشعب. لذا لا بد من أن يأخذ على عاتقه حماية الوطن وتطويره، من خلال الاصرار على الاستفادة من الثروات التي تختزنها أرضه قبل أن تذهب مناصفة الى جيوب أمراء الطوائف والشركات الرأسمالية الكبرى.

فلنسعَ الى التغيير.. قبل فوات الأوان.

 

 

مقال نشر في مجلّة "النداء" – العدد 203 –تاريخ 12 كانون الثاني 2013

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا