<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر حراسة المسؤولين

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

حراسة المسؤولين

 

 

 

 صباح علي الشاهر


هل هو أمر طبيعي أن يكون لوزير المالية فوجاً من الحماية؟ وأن يكون هذا الفوج بقيادة عقيد، قيل أن عدد حماية الوزير 150 فرداً، وتبين فيما بعد أنهم 350 فرداً، لقد تفاجأت فيما بعد عندما عرفت أن العقيد آمر فوج حماية وزير المالية العيساوي، هو العقيد محمود العيساوي ، وأن هذا العيساوي ابن عم الوزير العيساوي
لماذا يكون رئيس حماية الوزير ابن عم الوزير؟ ولماذا يحمي الوزير فوجاً؟ لماذا حماية الوزير السني من السنة، وحماية الوزير الشيعي من الشيعة، وحماية الوزير الكردي من الأكراد؟
وياليت حماية العيساوي من السنة فحسب، وانما هم من محافظة الوزير، لا بل من مدينة الوزير، وأغلبهم من عشيرة الوزير حصراً
ولكي لا نظلم الوزير العيساوي نقول إن جميع الوزراء، من كل الأثنيات والأديان والطوائف يتشاركون في هذا، فليس بينهم من أوكل مهمة حمايته للأجهزة الرسمية المختصة، لا بل إن البعض، وبالأخص بعض النواب يتقاضون ثمن العدد المخصص لهم من الحمايات ويكتفون بعدد قليل من الأخوة وأبناء العمومة، ويستحوذون على بقية مخصصات الحماية حلالاً بلالاً لهم سواء كانوا حاسرين، حالقين، أم معممين بلحية . مدير مكتب رئيس البرلمان أخوه، وحمايته من الأقربين، وطبيعي أن عدد حماية رئيس البرلمان أكثر بكثير من حماية وزير المالية، وكلهم من السنة، ومن كتلة الرئيس، ومن مدينته، ومن أقرب الناس اليه، لا فكراً وانما دماً . أما رئيس الجمهورية فلديه حرس جمهوري خاص، يتجاوز الآلاف، وكلهم من الكرد، ومن البيشمركة، ومن حزب الاتحاد الوطني، حزب الرئيس شفاه الله وعافاه. لماذا الحرس الجمهوري بيشمركة؟ أليس هذا سؤال يستحق أن يُثار؟ أما رئيس الوزراء فقيل أن رئيس مكتبه هو ابنه أحمد، وأن حمايته من الشيعة، ومن دولة القانون، ومن حزب الدعوة حصراً، والله وحده يعلم كم عدد أعضاء مكتبه، وكم عدد حمايته؟ ترى كم تنفق الدولة على حماية كل وزير؟ وكم تنفق على حمايات الوزراء والرئاسات الثلاث، ونواب الوزراء، ووكلائهم، والمديرين العامين، والنواب؟
أحسبوها معي.. كم وزير لدينا؟ وكم وكيل؟ وكم مستشار، وكم عدد رؤساء الكتل، ونواب أو مساعدي رؤساء الكتل، ورؤساء وأعضاء الهيئات الخاصة، وكم عدد من هم بمرتبة الوزير، والذين يشغلون مناصب خاصة، بعناوين ما أنزل الله بها من سلطان، وليخبرني أي شاطر في الحساب، كم سيبلغ العدد؟ وكم سيكلف جيش الشمخره الفارغ هذا، المتكون من العاطلين والمتقاعدين، ومن لا عمل ولا مهنة له، والذين لا شغلة ولا مشغلة لهم سوى احداث الفوضى أينما حل المسؤول واينما ارتحل، والذين لا يخضعون لأي قانون، ولا ينصاعون لأي أمر، سوى ما يأتيهم من سيدهم وولي نعمتهم. أليست هذه التشكيلات هي المليشيات بعينها، والتي هي أقرب الى المافيات . خدعونا بالترشيق الوزاري، وتقليل عدد الوزراء، في حين أننا نحتاج الى ترشيق الوزير. وترشيق مكتب الوزير، وترشيق الرؤساء، وترشيق الحمايات، وترشيق المؤسسات، وايقاف هذا النزف الذي هو أسوء أنواع الهدر، ومصدر من مصدار الفساد والافساد.
عندما احتل أبو ناجي عراقنا الحبيب، اتجه لتأسيس ما سُمي بـ الشبانة ، والشبانة كما يعرف العراقيون، هي قوات غير نظامية من أفراد العشائر، والمرتزقة، وهم أيضاً حرس خاص يستخدمه شيوخ العشائر في أعمال الحراسة والحماية .
وعندما احتل الأمريكان بلدنا، عمدوا الى ما عمد اليه الانكليز من قبل، فأباحوا الحراسات الخاصه، وشركات الحمايات الخاصة التي أسهمت في الخراب، والقتل والتدمير . كانت حجة الانكليز يومها عدم وجود شرطة وطنية في العراق، ونفس الحجة تحجج بها الأمريكان الذين قاموا بحل الجيش والقوات المسلحة كافة، وجعلوا قضية حماية المسؤول والمواطن قضية خاصة، يتكفل بها المواطن والمسؤول، يُعطى للمسؤول مبلغاً معينا لتوظيف حماية خاصة له، أما المواطن فيستطيع شراء السلاح من السوق التي لم تعد سوداء، أصبحت بغداد بين ليلة وضحاها شيكاغو، تستطيع شراء أي نوع من السلاح بمثل ما تستطيع شراء علبة دخان، ومثلما علبة الدخان في العراق هي الأرخص، فان قطعة السلاح، ومن أي نوع كذلك .
ومثلما اعتمد الانكليز، وكذا الحكومة التي نصبوها على العشائر، للمساهمة في توطيد الأمن، فان الأمريكان أيضاً فعلوا نفس الشيء، ولكن على نحو مختلف نوعاً ما. التأثير على مئات أو بضعة آلاف من الأشخاص، أسهل من التأثير على الملايين، وبربط الملايين بالعشيرة ورؤساء العشائر، أمكن توجيه هذه الملايين الوجه التي تنسجم مع ما يستهدفه وما يخطط له المحتل .
ومن أجل أن يحدث هذا الربط، لابد من اضعاف الحكم المركزي، ومنع وجود قانون عام شامل يشمل البلد كله، وابقاء البلد بلا جيش قوي، ولا شرطة مركزية، بحرمانه من تأريخه العسكري وامتداد الخبرة المتراكمة، والتعويض عن هذا بعناصر عشائرية، يتم اختيارها ليس وفق الكفاءه وانما وفق الانتماء القبلي، أو المناطقي، أو الأثني، وبهذا يستحيل استحداث جيش قوي، أو قوات مسلحة قادرة على حماية البلد، أو تحقيق الأمن الداخلي، وبهذا تصبح وحدة البلد مرتهنة بما يتقرر خارج البلد، وبما تستوجبه مصالح الآخرين، والدول الأخرى، التي أصبحت أو ستصبح فاعلة، أو قادرة .
لماذا يُعطل استحداث شرطة خاصة، مسؤولة عن الحراسة والحماية، تتكفل بحماية المؤسسات كافة، وحماية المسؤولين، وفق ضوابط يُنص عليها، وبهذا نجعل حماية المؤسسات وحماية الأفراد شأناً وطنياً، من مهام الدولة الوطنية، اذ لا يجوز التساهل في هذا الأمر لأنه يتعلق بالأمن الوطني، ولا يمكن أن يترك لهذا الشخص أو ذاك، أو لهذه الجهة أو تلك . بين أن تكون مهمة حماية أمن الأفراد، من مسؤولية الأفراد والعشيرة أم الدولة، ومهمة حماية أمن المؤسسات من مسؤولية شركة الحماية الخاصة أم الدولة، ينبغي أن نتذكر أن العراق تاسس فيه أول جيش في المنطقة قبل ثمانين عاماً، وتأسس فيه جهاز للشرطة قبل أن توجد العديد من الدول التي أصبح لها شأن وأعتبار، وان هذا العراق تجاوز مرحلة الشبانة منذ أن أصبح كياناً حراً موحداً، يحكم من أبنائه.
 

 

18.01.2013

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا