<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن " للحب وقت، وللموت وقت"

 

 

 

" للحب وقت، وللموت وقت"

 

 

حمزة الحسن

 

 

مع الاعتذار للروائي الالماني اريك ماريا ريمارك صاحب هذه الرواية الخالدة،
فالهجوم الذي قامت به مجاميع من الثُوْل، في النجف على محلات بيع هدايا عيد الحب،

لا يمكن أن يُفهم الا في اطار الفصل بين وقت الموت ووقت الحب،
ونحن في زمن موت، ليس الموت العادي، بل القتل والاغتيال وموت الانسان،
نحن في "الساعة الخامسة والعشرين" بتعبير كونستانتان جيورجيو،
أي ساعة ما بعد قيامة الوحش،
الساعة الشاحبة التي لا تخلف سوى الخرائب والحرائق والجثث.

ما يلفت النظر في الهجوم على الدباديب أو هدايا الحب،
ليس الهجوم نفسه لأن هذا يحصل كل ساعة ويوم في كل مكان في العراق،
على كل شيء حي،
كما لو اننا انتقلنا الى طور آخر هو طور الجراد،
للانقضاض على كل حقل أزهار وشاطئ وعلاقة صافية ونص حقيقي،
حتى صرنا خطراً على انفسنا قبل غيرنا،
لكن الملفت هو الدفاع المباغت والعنيف عن الدباديب البريئة التي تحطمت في غزوة الكراهية،
وكذلك ربط هذه الحماقة غير المسؤولة وغير المبررة بقطاع أو طرف عراقي واسع،
كما لو اننا ننتهز أية فرصة،
مهما كانت صغيرة وتافهة لنخرج الحقد الطائفي والاجتماعي والنفسي،
حتى لو تعلق الأمر بانطفاء النور في سينما أو انفجار اطار سيارة في شارع،
او انهيار راقصة في ملهى سري من الاعياء،
او انقطاع المياة في مبولة عامة.

ضحايا هجوم الثول ـــ جمع أثول ــــ من الدمى،
لكن الفرح بسلامة صانع او بائع الدباديب المنسي في حفلات التضامن،
ولأول مرة يقع هجوم على كائنات فاقدة للحس وللحياة والشعور،
هذا اذا كان المهاجمون يمتلكونها،
والأمر لا يتجاوز دمى تهجم على دمى،
مع فارق جوهري في الوظيفتين: دمى الحب ودمى الكراهية.

العجيب ــــ هل هناك ما يثير العجب حقا وقد رفعت علامات التعجب منذ عام 2003؟ ــــ ان بعض مقالات الاحتجاج صدرت من كتاب لم أقرأ لهم حرفاً واحداً خلال مذابح السنوات الأخيرة،
واذا كان هناك من أثر لتلك المقالات،
فهي لا تخرج عن قصدية الدفاع عن الدباديب،
أي الصاق أي فعل بمكون عراقي واسع للتنفيس عن أهواء ورغبات اللاشعور،
وفي الوضع العراقي زال الفارق بين الشعور واللاشعور،
بعد انتصار الغريزة،
بعد انتصار دبدوب الكراهية.

نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يخوض جنوده وحشوده المتطوعة وقبائله حرب وجود من أجل الأرض والشرف وليس من أجل السياسة،
حرب دفاع وليست حرباً عدوانية لكي نتنصل منها،
ومع ذلك نشاغب في الخطوط الخلفية،
ونشعل المفرقعات والنيران والحساسيات والاحقاد والفتن خلفهم،
لكي يُهزمون أمام أقذر وحوش التاريخ.

يغرق المحاربون في الوحل والدم والتوقع،
ونغرق نحن في التفلسف وحملات الردح والتجريح والكلام الفارغ والصاخب ضد كل ظاهرة سلبية فردية او من جماعة منعزلة عن محيطها العام،
وندمج كل سلوك طائش وانتهازي واستعراضي بنصف أو أكثر من سكان العراق،
مع ان هناك ما يعرف بالمسؤولية الفردية عن الفعل،
ودمج الناس في سلوك واحد هو ارهاب إن لم يكون محاولة صب الزيت على النار،
في بلد لا شيء فيه لم يحترق،
إلا الوعي الصلب،
واللغة الميتة.

لندع الجنود يحاربون ويموتون من أجل وطن
لم نحافظ عليه جميعاً كالرجال:
الحب لا دكاكين له ولا وقت،
وليس للموت العراقي من وقت.

 

حمزة الحسن

15.02.2015

عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/hmst.alhasn?fref=nf

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

15.02.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org