<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن " الهجوم المباغت"

 

 

" الهجوم المباغت"

 

 

حمزة الحسن

 

عندما قال رئيس الوزراء قبل ايام،
ان الهجوم لتحرير الموصل سيكون مباغتاً،
ورفض الكلام في الأسرار،
لا يعرف الرجل انه كشف علناً أخطر الأسرار لعمل عسكري مصيري.

ماذا تبقى من المباغتة في هذه الحالة،
عندما يكون القائد العام قد عرى جنوده ومحاربيه ووضعهم تحت ضوء النهار أمام عدو شرس وخبير ويعرف كيف يتعامل في ساحات القتال؟

هذا الكلام الذي يفتقر الى الامن الاعلامي في زمن الحرب،
نسمعه ونقرأه كل يوم من قادة ومن مراسلين ومن جنود ومن محاربين،
وقد يكون السبب عائداً الى ان هؤلاء يجهلون دور وسائل الاعلام في تسريب الخطط العسكرية،
وخطورة ذلك على حياتهم،
لكن عندما يتعلق الامر بقائد عام،
يُفترض ان يكون الأمر مختلفاً،
حتى لو كان الرجل مدنياً،
وهنا الأخطر فمن الواجب استشارة الخبراء العسكريين وهم كثر.

ماذا يعني كشف خطة هجوم في انه سيكون مباغتاً؟
على ذلك، ستترتب نتائج خطيرة لكن أهمها،
ان عنصر المباغتة قد أُفرغ من محتواه تماماً،
لأن الجزء الكبير والحاسم من المباغتة هو شل العدو نفسياً،
وجعله يشعر انه وقع في مصيدة غير متوقعة،
وما سيرافق ذلك من إرباك وفوضى وذعر،
وانقلاب الخطط السابقة وعدم القدرة على بناء خطط جديدة في ظروف اشتباك.

لماذا لا نترك العدو يدوخ في وضع الخطط والتنقل وتعريض ارتاله للانكشاف والطيران،
خاصة وقد جهز نفسه لمعركة مواجهة وبناء خنادق حول الموصل،
وممارسة حرب استنزاف وخداع عسكري مهلك بدل ان نقدم له على طبق جاهز "اسلوب" المعركة القادمة،
والاسلوب لا يقل خطورة عن "محتواها "؟

العدو استعد كمرحلة اولى لهجوم جبهوي مباشر وخفر الخنادق،
أليس من الحكمة والذكاء تعميق هذا الوهم بحشود عسكرية مقابلة يجري سحبها في أي وقت،
ثم يبدأ" الهجوم المباغت" من المكان غير المنتظر؟

مثل هذا الكلام لا يكشف مكان الهجوم غير المتوقع، مما سيدفع العدو لتعزيز الثغرات الواهنة والنقاط غير الحصينة فحسب،
بل يوضح زمان الهجوم غير المتوقع،
مما سيجعله في تنبه دائم ويقظة ومستمرة.

بعد التصريح بنوع الهجوم، لا شك ان العدو سيبني حساباته الكثيرة على عدة احتمالات ومن بينها الهجوم المباغت،
وفي هذه الحالة سيتجنب عنصر الصدمة وهو هدف جوهري في هذا النوع من الهجوم، وستجري تعبئة قواته من ناحية نفسية على احتمال الهجوم المباغت،
وبذلك يتكيف، مسبقاً، مع هذا الاسلوب،
وتصبح الصدمة مضادة للجيش عندما تكون النتائج مُخيبة.

ان تقول لعدو ان الهجوم عليك سيكون مباغتاً،
لا يختلف عن القول لقاتل او لص محترف هارب ومطلوب بأننا سنقبض عليك يوما، نائماً، في الحقل القريب او في الوادي المجاور،
وعندها لا يمكن لأغبى مطلوب ألا يفكر في تجنب تلك الأمكنة،
وتطوير نظام الحذر.

أليس من الأفضل ترك مهمة الشرح والتوضيح في حالات الضرورة لناطق عسكري خبير في التعامل مع الاعلام،
وهو اختصاص يُدرس في الكليات العسكرية والاركان وصار جزءاً من الثقافة العامة للمشتغلين في وسائل الاعلام؟

أخطر حالة، قبل أي عمل عسكري، هو الغموض الصارخ، والصمت التام،
وهو غموض يسحق العدو أكثر من الاسلحة،
ولعلنا نتذكر الصمت المطبق التام لحزب الله بعد مقتل كوادره في القنيطرة،
والفوضى والذعر وتشتت الجهد ونقل القوات والمناورة من مكان الى مكان،
ووضع الخطط والاحتمالات من قبل قادة اسرائيل،
حتى وصل الانهاك، من هذا الغموض المدمر، الى درجة ان الاصوات ارتفعت داخل اسرائيل من عسكريين ومدنيين بأنهم يتمنون أن تبدأ الحرب اليوم،
لأن التوقع والانتظار والتذمر والفرضيات قد استنزف الاعصاب والموارد أيضاً،
ثم جاء" الهجوم المباغت" من المكان غير المتوقغ.

اذا كان الهجوم على الموصل سيكون مباغتاً،
وهو أمر صار من غير الممكن بسبب هذا التصريح وغيره من عوامل كثيرة،
فإن كشف اسلوب الهجوم، مع الأسف،
هو المباغتة الأخطر.

 

حمزة الحسن

https://www.facebook.com/hmst.alhasn/posts/10152882432922266

 

08.04.2015

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

08.04.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org