<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي في العراق جحوش ولكن رؤساء !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

في العراق جحوش ولكن رؤساء !

 

 

جمال محمد تقي

 

ظاهرة التجحش السياسي شائعة في اغلب الصراعات السياسية حول العالم ، وهي ليست اسيرة لجغرافية محددة او تاريخ معين ، انها ظاهرة عابرة للمكان والزمان ، مادام فيهما دبيب للصراعات الاجتماعية الكبيرة والصغيرة منها ، ويعلمنا الذكر ان النفاق هو الحاضنة الطبيعية لدورة حياة المنقلبين على تجانسهم ، وهو محركهم لبيع النفس الامارة بالسوء لرجس الشيطان والطغيان ، فكلما ارتفعت اصوات طقطقة الصراعات الطبقية او الحروب السياسية والعسكرية ، كلما تجلت ملامح التجحش السياسي ، واذا كانت على مسالخ الانسلاخ الطبقي تعتاش طفيليات الانتهازية وبكل اشكالها المألوفة وغير المألوفة ، فانه وعلى حواف الغزوات والاحتلالات الناجزة تتفطر درنيات الارتزاق وعلى عينك يا تاجر !

 المتجحش من يصير نفسه ، وهو بكامل قواه العقلية والجسدية ، وسيلة للركوب ، يستخدمها عند الطلب كل مقتدر وواهب للعطايا والمغانم ، او كل متجاوز للحدود ، ان كانت قبلية او دولية ، او كل مستأسد ، وباغي ، او مغير على عتبات البلاد والعباد ، حيث يجعل من دوره عبارة عن مطية لكل من يهمه الامر وبمقابل ما ، ان وعي المتجحش بدوره هذا ، يجعله حتى امام نفسه بمنزلة هي احط من منزلة الجحش نفسه ، وذلك لان الاخير لا يعي ما يجري عليه وحوله !

لهذه الظاهرة في العراق خصوصية ، جعلتها تكتسب توصيفا محليا اسقط بمقاربة سياسية ولاغراض النبذ والتهكم على الاستخدام المعتاد للمركوب الطائع ـ الجحش ـ !

 عندما يذكر ابو رغال او ابن العلقمي او سعد حداد او اي متعاون مع اعداء شعبه ووطنه تتوارد الخواطر عن حصان طروادة ، والرتل الخامس ، والنقطة الرابعة ، وربما عن الماسونية ، وافلام الجاسوسية ، ولكن عندما يأتي ذكر من هم على شاكلة الفطريات المتوالدة على خطوط الازمات والمواجهات المستدامة ، الذين يغادرون بين المواسم خنادقهم الى الخنادق المقابلة حيث تتجدد ادوارهم كلما تغيرت تلك المواسم فان الخواطر العراقية ستذهب مذاهب اخرى قد تخالف التوقعات بشأن مصير من جعل لنفسه وبندقيته او حركته  سعر صرف في سوق الصراعات السياسية الدائرة حول او في المناطق الساخنة التي يشوي عليها خبزته ، فهؤلاء ليسوا من الصنف الذي يستخدم لمرة واحدة فقط ، وانما من صنف الاستخدام المتجدد ، وعليه فهم جحوش متمرسون ومتفاعلون !

عندما أجرت بندقية التمرد نفسها لمصلحة شاه ايران وتحت اشراف السافاك بالضد من سيادة الجمهورية العراقية الاولى ، ثم شارك بستئجارها موساد اسرائيل ، وذلك في عقد الستينات من القرن الماضي ، اضطرت الحكومة العراقية حينها لاستئجار ما يعينها على التمرد المدعوم غربيا واسرائيليا ، حيث استخدمت بندقية من نفس الصنف ، وكانت هذه البندقية هي جلال الطالباني التي سميت وقتها بندقية الفرسان ، لمقارعة بندقية البيشمركة التي كان البرزاني الكبير قد تعاقد وبدون شروط على وضعها  تحت تصرف ايران واسرائيل والسي اي اية !

 حين تغيرت الاوضاع بعد 17  تموزعام 1968 وبعد منح البرزاني الامان والنفوذ وكل ما يجعله محصنا من الانحدار الى سوق الارتزاق ، تصالح الطالباني مع البرزاني حتى عام 1974 وهو عام نهاية الهدنة والشروع بتنفيذ خطة ذوبان حركة البرزاني بالمشهد السياسي العراقي ومن دون اي ارتباطات خارجية ، لكن البرزاني عاد واختلف مع حكومة 17 تموز ، وبدفع شاهنشاهي اسرائيلي ممول بريع شركات النفط الاحتكارية التي ارادت رد الاعتبار لنفسها بعد قرار تأميم النفط العراقي عام 1972 ، وقتها كان الموقف حرجا من طرف الحكومة العراقية التي لجأت مكرهة لخيار مهادنة شاه ايران باتفاقية الجزائر حيث قايضت الموافقة على تعديل الحدود مع ايران مقابل عدم تدخلها بالشؤون الداخلية العراقية ، انهارت بندقية البرزاني ، لكن ظهور شبح الثورة الاسلامية في ايران شجع غريمه الطالباني على العودة للتمرد مجددا ، وهذه المرة وبطبيعة الحال ضد الحكومة العراقية ايضا ، وبعد قيام الحرب العراقية الايرانية عام 1980 وفي سنتها الثانية والثالثة استخدم النظام العراقي الطالباني لمقارعة الايرانيين في مناطق حدود السليمانية بعد ان اغدق عليه بالاموال والتسليح ، وقبلها كانت هناك عودة لابناء البرزاني مجددا على تخوم الحدود المتصارعة ، فاستخدم الطالباني لمقارعتهم ومقارعة حلفائهم الشيوعيين فكانت مجزرة بشتاشان التي مارس بها الطالباني واعوانه ابشع صور الغدر والابادة ، وبعدها استطاع الطالباني اقصاء تلك البنادق من عموم المناطق التي تقع تحت رحمة بندقيته ، واصبح الوضع على النحو التالي : البرزاني يعمل لمصلحة ايران والطالباني لمصلحة العراق ، وسرعان ما تغيرت الصورة عندما تغيرت موازين الحرب واصبحت حرب استنزاف ارادت ايران من اطالتها المراهنة على انهيار داخلي للحكم في العراق ، في ظل هذه التوجهات انطوى البرزاني والطالباني ومن معهما تحت جناح الهجمة الايرانية لاحتلال ما يمكن احتلاله من الارض العراقية !

في عام 88 وقبل موافقة ايران على وقف القتال حاولت احتلال الشريط الحدودي من شمال العراق والتقدم نحو مراكز المدن والقصبات ، وكان قضاء حلبجة واحدا منها ، حيث تقدمت القوات الايرانية لاحتلالها وبمساعدة قوات الطالباني وفعلا جرى احتلاله ، ثم دارت حوله معركة شرسة بين القوات العراقية التي كانت تريد استرداد القضاء وبين القوات الايرانية والطالبانية التي احتلته ، وجرى استخدام غازات سامة في القصف المدفعي ، ومن كلا الجانبين، مما ادى لسقوط المئات من الضحايا ، ونقل عن شهود عيان بان انتشار اشاعة استخدام السلاح الكيمياوي جعلت اغلب سكان القضاء يفرون من بيوتهم ، وفي ظل تلك الفوضى كان المرتزقة الجلاليين يدخلون تلك البيوت ليسرقوا منها كل ما قل وزنه وغلى ثمنه !

عند نهاية الحرب انسحب البرزاني والطالباني مع المنسحبين الايرانيين ، حتى حلول حرب الخليج الثانية التي ادت وبدفع امريكي مبيت الى استصدار قرار دولي يعتبر منطقة شمال العراق المحددة بمحافظات السليمانية واربيل ودهوك جيب آمن خاضع لسيطرة قوات التحالف ، ومن يومها عاد البرزاني والطالباني الى شمال العراق حيث فرض كل منهما سلطته على المناطق الخاضعة لنفوذه العشائري ، وحدثت بينهما معارك طاحنة لتوسعة نفوذ احدهما على حساب الاخر راح ضحيتها اضعاف ما ذهب من ضحايا في صراعهما ضد السلطة ، ومن المفارقات هنا ان البرزاني قد توسل خاضعا وهو يخاطب صدام حسين راجيا اياه طرد الطالباني من منطقة اربيل معبرا عن اخلاصه لوحدة العراق ومحرضا على الطالباني بوصفه اياه بالعميل الايراني ، واضعا نفسه تحت تصرف صدام وجيش العراق !

 بعد عام 2003 وكنتيجة للهندسة الامريكية تقاسم الطالباني والبرزاني الحكم مناصفة للاقليم وحتى الان فالسليمانية حصة الطالباني واربيل ودهوك حصة البرزاني ، وبعد ان اقام بريمر حكم المحاصصة الطائفية والعرقية ، صار البرزاني يتمسك بحصة التفرد بالمناصب الرئيسية في الاقليم مقابل منح الطالباني وحزبه حصة الاسد من حصص الكرد في حكومة بغداد !

النتيجة نلمسها اليوم الطالباني رئيسا للعراق ، والبرزاني رئيسا للاقليم ، والبرزاني ابن الابن "سرور" البرزاني رئيسا بلا منازع لمجلس الامن الكردستاني !

لا يفوتنا هنا ان نذكر بان حزب السيد المالكي ايضا كان قد دخل لعبة التجحش ، وخاصة اثناء الحرب العراقية الايرانية ، حيث كان حزب الدعوة ينفذ عمليات نوعية داخل المدن العراقية بتخطيط ودعم ايراني ، وهو قد تجحش في النهاية للامريكان كغيره من جحوش مجلس بريمر !

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا