<%@ Language=JavaScript %> عبدالنبى العكرى الاتحاد الخليجى بين رؤيتين

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الاتحاد الخليجى بين رؤيتين

 

 

عبدالنبى العكرى

 

 

خلال القمة الخليجية فى ديسمبر (ك1) 2011 فوجئ زعماء مجلس التضامن الخليجى بمقترح من قِبل ملك السعودية بتقديم مقترح إقامة «الاتحاد الخليجى» بعد كلمة عاطفية حول الأخطار المحدقة بمجلس التعاون الخليجى ودوله، وما يجمع بين دوله من روابط مشتركة، تحتم توحده فى صيغة اتحادٍ أرقى من مجلس التعاون الخليجى، ويأتى هذا المقترح بعد واحد وثلاثين عاما من قيام المجلس فى مايو 1980.

وكما هى العادة فى تعاطى زعماء المجلس مع القضايا الخطيرة، وتماشيا مع التقاليد القبلية والتى هى فى عمق التفكير وسلوك هذه القيادات أو ما يُعرف بلهجتنا «بالسفح» فلم يعارض أى منهم صراحة المقترح، وتقرر أن يحال إلى لجنة مختصة لدراسة المقترح والتقدم بتقرير فى القمة غير الاعتيادية المقررة فى جده فى مايو 2012، وهو ما حصل لكن اللجنة لم تتوصل إلى نتيجة قاطعة وبررت خلافات فى أوساطها وتقرر إجراء المزيد من الدراسات ومن الواضح بعدما أنه باستثناء مملكة البحرين، فلم يكن أى من الآخرين مرحبا بالفكرة بل إنها جميعا فى علاقات غير مريحة مع الأخ الأكبر حيث مشكلات الحدود ما زالت عالقة بين السعودية والأعضاء الأربعة «الكويت وقطر والإمارات وعمان».

بل إن مشروعا حيويا إقامة جسر يربط قطر والإمارات فتعطل بسبب رفض السعودية مروره فى مياهها الإقليمية الفاصلة ما بين قطر والإمارات بعد أن اقتُطعت أراضى من البلدين وترتب عليها مياه إقليمية فى خور العديد.

وقد أُضيف عامل مستجد على الخلاف حيث أن السعودية تُعتبر الراعى للاتجاهات والتنظيمات الإسلامية السنية وخصوصا تنظيمات الإخوان المسلمين والسلفيين فى منطقة الخليج، حيث دخلت كل من الكويت والإمارات فى صدام مع تيار الإخوان المسلمين والسلفيين.

●●●

فى ظل حالة الاستقطاب السياسى والطائفى الذى عمقته رياح الربيع العربى، والذى تمثل فى انتفاضة 14 فبراير فى البحرين وحركة 17 فبراير فى عمان والحراك الجماهرى فى الكويت والحركات السياسية الحقوقية فى السعودية والتحرك الحقوقى فى الإمارات.

كانت معارضة القوى السياسية فى البحرين للمشروع حازمة وعبرت عن ذلك خلال تجمع جماهرى فى الماحوز، بالمنامة العاصمة فى يناير 2012. كما أصدرت بيانا واضحا لتحالف القوى المعارضة تؤكد فيها أنها تشترط فى إقامة أى اتحاد خليجى أن يقومك على الإرادة الشعبية المتمثلة فى استفتاء مواطنى المجلس فى كل بلد على حده، وأن يكون ذات بنية ومحتوى ديمقراطى ويضمن المشاركة الشعبية.

●●●

كان واضحا أنه باستثناء السعودية الداعية للمشروع والبحرين التى تعلقت بالمشروع كخشبة خلاص، فأن باقى أعضاء المجلس لم تكن متحمسة بالأساس للمشروع لأنها ترى فيه مزيدا من تشديد القبضة السعودية على مجلس التعاون الخليجى وعليها. كانت عمان هى الأوضح والأكثر حزما، فقد صرح يوسف بن علوى فى اجتماع وزراء الخارجية فى الرياض. أثناء التحضير للقمة الجليجية التشاورية فى مايو 2012، بأن المشروع مؤجل حتى اجتماع وزراء الخارجية القادم فى سبتمبر 2012.

ومن الواضح أن مشروع الإتحاد قد طوى مؤقتا، فقد صرح وزير خارجيو البحرين الشيخ خالج الدين أحمد الخليفة. وعلى هامش حوار المنامة 7-8 /11/2012 على أن مشروع الاتحاد الخليجى لن يكون على جدول أعمال القمة المرتقبة فى المنامة فى ديسمبر 2012. وهذا يعنى تأجيل مناقشته إلى أجل غير معروف.

كما أن الكويت وعلى لسان رئيس مجلس الأمة المُنحل أحمد السعدون قد صرح بشكل صريح أن الكويت ترفض مشروع الاتحاد الخليجى لأنه لا يستند إلى آليات ديمقراطية وأنه سيشكل إضعافا للنظام الديمقراطى فى الكويت. ورغم أن كلا من الإمارات وقطر لم تصرحها بشكل علنى معارضتها للاتحاد إلا أنها لم تصرح تأييده.

●●●

حتى إجبار بريطانيا العظمى ومشايخ الخليج على توقيع الاتفاقيات المانعة فى 1820 تحت دعوى مكافحة القرصنة وتجارة العبيد والسلاح. ثم اتبعتها باتفاقية الحماية فى نهاية القرن التاسع عشر. لم تكن هناك كيانات سياسية أو هويات محلية أو حدود مرسومة فيما بين الخليجيين ليس فقط على الساحل العربى بل أيضا على الساحل الإيرانى. فقد كانوا ينتقلون ويتملكون ويقيمون ويعملون بكل حرية. وكان الجليج العربى مفتوحا للتجارة وللصيد والغوص من أجل اللؤلؤ. لكن بريطانيا وفى معالجتها لوضع حدٍ لفوضى اقتتال القبائل والقرصنة وتجارة العبيد والسلاح، ولتقزيم الإمبراطورية العثمانية، عمدت على إضفاء الشرعية على زعماء القبائل وحولت التجمعات القبائلية إلى كيانات سياسية عشوائية.

الشعب فى الخليج شعب عربى واحد يرتبط بروابط العيش والهوية والدين. لذلك ينتهى كل تعريف وعنوان بريدى: «الخليج العربى». وبشكل مبكر طرح رواد الوطنية فى الخليج وحدة شعب الخليج كما فى الحركة الإصلاحية للمجالس التشريعية فى الكويت والبحرين ودبى 1938. كما أن بواكير الحركة الوطنية الحديثة فى البحرين والكويت وعمان والإمارات وقطر فى الخمسينيات أكدوا على وحدة الخليج العربى وخصوصا فى وجه الأطماع الإيرانية والإخضاع البريطانى.

وقد سارت حركات القومية واليسارية فى الستينيات على ذات الهدى مع إضفاء محتوى تقدمى وتحررى وديمقراطى على هذه الوحدة.

وقد وحدت صفوف الثورة والنضال بين الخليجيين وسقط الشهداء على ثرى ظفار. كما استضافت الزنازن الخليجيين المناضلين من مختلف البلدان والاتحادات.

●●●

من الواضح أن قيام مجلس التعاون الخليجى جاء إثر إنتصار الثورة الإسلامية بايران فى فبراير 1979 وما شكلته من تحديات لنظم الحكم الخليجية. أيضا يليها الحرب العراقية الإيرانية المدمرة والتى شكلت تهديدا أمنيا وعسكريا بخطورة امتدادها وتأثيرها على الملاحة وتوقف النفط شريان الحضارة.

فالمجلس تم بقرارات فوقية من قِبل حكام لا يعتبروننا مواطنين لهم حقوق ورأى فى مصيرهم، بل مجرد رمايا يتم التصرف بهم وبأوطانهم حسب قولهم «الشيوخ أبخص أى أفهم» ولا تزال هذه العقلية مستمرة حتى اليوم وغدا.

يقال أن مجلس التعاون هو الأنجح بين المشاريع الإتحادية العربية، مثل الاتحاد المغاربى والإتحاد العربى. وهذا صحيح لأن الأنظمة الخليجية الأقرب للتماثل بين نظرائها من الأنظمة العربية لكنه ليس نجاحا بالمقاييس الإتحادية العالمية مثل الاتحاد الأوروبى والمشكل من أمم مختلفة.

صحيح أيضا أنه قد تحققت للمواطن الخليجى بعض المكاسب مثل حرية التنقل والتملك والعمل وتنسيق محدود فى مختلف المجالات مثل العلاقات الخارجية والصحة والتعليم والمواصلات، والتجارة وغيرها، لكن ذلك بثمن باهظ دفعه المواطن الخليجى من حريته ودفعته الشعوب من حريتها وهويتها الخليجية لحساب هويات محلية.

فمنذ الاتفاقية الأمنية فى 1985 حتى الاتفاقية الأمنية الأخيرة فى اجتماع وزراء الداخلية فى نوفمبر 2012، فقد طورت الأنظمة الخليجية آلياتها وتعاونها لإحتواء وقمع أى تحرك جماهيرى للثورة أو للتغيير فى أى بلد خليجى. لقد سبق أن تكاتفوا مع ايران فى قمع الثورة العمانية فى الستينيات وها هم قد تكاتفوا فى قمع انتفاضة 14 فبراير 2011 البحرينية، وما بينهما فقد أمعنوا فى ملاحقة المناضلين السياسيين المعارضين والحقوقيين والإصلاحيين الخليجيين بمختلف السبل قبل الرصد، والحرمان من العمل، والمنع من التنقل والسجن وها هى قوائم المناضلين الخليجيين متداولة فى ما بين سلطات المخابرات الخليجية.

●●●

ومنذ انطلاقة الربيع العربى وهبوب نسائمه على الخليج، فقد تصاعدت وتيرة وشمولية القمع ضد حركة التغيير فى البلد الخليجى بدعمٍ أمنى وسياسى ودعاوى من قِبل مجلس التعاون ودوله الأعضاء.

لقد أطلق الربيع الخليجى قوى جماهرية خليجية هائلة فى الصراع عمادها الشباب وبمشاركة النساء بشكل واسعٍ وليس رهنا لاتفاق القوى السياسية المعارضة التقليدية، ويتجاوز للانتماءات الإيدلوجية والسياسية والإجتماعية. وها نحن نشهد الحراك الجماهرى بشكل قوى فى البحرين والكويت وبدرجة ما فى السعودية وعمان والإمارات، وحتى قطر.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا