<%@ Language=JavaScript %> علي محسن حميد حزب للحراك

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            


 

حزب للحراك

 


علي محسن حميد*

06/12/2012

 

لاينص الدستور في فصله الأول "الأسس السياسية" على تحريم الانفصال. والمادة الأولى منه تحرم فقط التنازل عن أي جزء من الجمهورية (لطرف خارجي).المشرع كان وقتها مفعما بالثقة بحسن نوايا الحاكم الذي لن يغدر بأهله. من جهة أخرى فإن قانون إنشاء الأحزاب وهو أدنى درجة من الدستور لايسمح بقيام أحزاب مناطقية أو قبلية أو طائفية أو فئوية أو مهنية تتعارض مع سيادة واستقلال الوطن ووحدته (المادة 8 الفقرتان 2 و4 والمادة رابعاً). على الأرض خلقت سياسات صالح في الجنوب أحوالاً وحقائق تجعل هذا القانون عاجزاً عن فرض احترامه، ونفّرت جنوبيين كثر من الوحدة وخلقت تعبيرات سياسية مضادة قبلت بالتدريج في صنعاء، وهو ما يضعف قانون الأحزاب. الآن توجد حركة انفصالية هي الحراك الجنوبي، لا نتردد في التودد لها لكي تكون طرفا في الحوار الوطني كأبرز ممثل للجنوب. والحراك ليس جمعية خيرية أو منظمة مجتمع مدني بل كياناً سياسياً له مناصروه وهدفه النهائي، فك الارتباط والعودة باليمن إلى ما كان عليه في نوفمبر 1989. والحراك لم ينشأ من فراغ، بل هو أحد إفرازات سياسات صالح الرعناء الذي يتحمل وحده مسؤوليتها، وليس في ذلك شيطنة تضاف إلى شيطنة أصيلة فيه يحسده عليها إبليس لأن اليمن ككل سيظل يعاني من سياسات صاحب الملكية الفكرية الشيطانية لجميع أزماتنا لعقود قادمة. الاستياء الجنوبي من الوحدة مشروع ومبرر وإذا ما أجري استفتاء شفاف ونزيه الآن فقد لايكون الفوز من نصيب الوحدويين الجنوبيين على اختلاف انتماءاتهم لأن سياسات صالح خلقت تيارات جنوبية بعضها يطفح بكراهية كل ماهو شمالي وبعدم الثقة بأي شمالي حتى ولو كان متعاطفا مع القضية الجنوبية. وكما يعرف الكل فإن ما يجمع الجنوبيين هو رفض العودة إلى أوضاع يشتمون فيها رائحة سياسات صالح.أما علاقاتهم ببعضهم البعض، (محافظات وأفراد وتشكيلات سياسية جديدة)، فليست كلها محبة ومودة.ومن هؤلاء من يدرك أن مشروع الانفصال غير قابل للحياة لأن الخلل ليس في الوحدة التي خلقت مصالح واسعة ومتداخلة من الصعب الاستخفاف بها طالما أن هناك حلولاً أخرى غير الانفصال ومنها الفيدرالية. الانفصال لن يكون نزهة أو خبراً ساراً في ميكرفون، وسيكون ثمنه غالياً، وعلى الكل أن يتأمل عواقبه المدمرة لمصالح شرائح واسعة من الناس (جنوبيين وشماليين) وفي الشطرين. وليتأمل انفصاليو الجنوب في مآسي تقسيم شبه القارة الهندية إلى الهند وباكستان. لقد حدث أكبر نزوح قسري في تاريخ البشرية تضرر منه ملايين على الجانبين فقدوا عقارات وأراضي وأموالاً، وكانت النساء المسلمات والهندوسيات والسيخيات هن الأكثر معاناة لأنهن الفئة الأضعف.. معاناة أهالي أبين في الصراع مع القاعدة عندما أجبروا على النزوح إلى عدن لم تبرح الذاكرة. ثمن الانفصال الباهظ الكلفة سيتحمل مسؤوليته الأخلاقية والسياسية والمادية، من يكون الانفصال خياره الوحيد. ونحن ندرك أن البعض يرفع سقف المطالب ليساوم على مكاسب أكبر خاصة إذا كان يعي أن التجارب الانفصالية الناجحة في العالم محدودة وبعضها لم ينجح إلا بدعم قوى دولية ودول جوار (إريتيريا وتيمور الشرقية وجنوب السودان) . وهناك حركات انفصالية فشلت برغم لجوئها للعنف المسلح لسنوات كحركة (بيافرا) في شرق نيجيريا، أواخر ستينيات القرن الماضي، وكان أهم دوافعها هو الاستحواذ على النفط ، وحركة (نمور التاميل) في سريلانكا التي سيطرت لأكثر من عقدين على معظم إقليم التاميل، وكانت بالفعل دولة شبه مستقلة لاينقصها سوى الاعتراف الدولي، وكان من أسباب فشلها أن الهند تعارض أهدافها، والحركة الانفصالية السيخية في البنجاب الهندية التي تزعمها متحول من الهندوسية إلى السيخية وفشلت بعد ثلاثة عقود من الدعوة السلمية ومن العنف المسلح.. من زاوية أخرى فإن اليمن ليس الاتحاد السوفييتي لكي يتشظى، الاتحاد السوفييتي كان يضم أعراقاً وديانات وثقافات وشعوباً مختلفة، أما نحن فأهل وخلافاتنا بالأساس سياسية أساسها سوء الإدارة واستباحة الجنوب..إن من أكبر نقاط ضعف تيار الانفصال أنه يفتقد الإجماع ولتأييد إقليمي ودولي. ولن تجدي محاولات إضفاء شرعية دولية على مطلبه بتحميل قراري مجلس الأمن رقم (924و931)، يونيو 1994،ما لا يحتملان، فكلاهما يضعفان مطلبه لأنهما عالجا حالة الحرب، وطالبا بوقفها، وتعاملا مع المشكلة الجنوبية كمشكلة داخلية تحل بالحوار والتفاوض، وعبرا عن رفض استخدام القوة وطالبا بحل الخلافات السياسية سلميا وبالعودة للمفاوضات، وضمناً أكدا على التفاوض مع الحزب الاشتراكي كممثل للجنوب. وهنا أشير إلى أن الحزب هو المعني بمتابعة تنفيذ هذين القرارين اللذين جعلا القضية الجنوبية مفتوحة للحوار بين الطرفين اللذان حققا الوحدة وتصارعا في حرب 94. ولم ينص أي من القرارين على تقرير المصير، الذي لم يكن في بال أحد من الجنوبيين أنفسهم حتى عام 2007، وبعد يأس جنوبي من تجاوب صالح مع قضاياهم المطلبية المشروعة التي تعامل معها إما بقوة السلاح أو بالتجاهل. ويخطئ بعض الجنوبيين بتحميل الشماليين مسؤولية ما حاق بهم من ظلم لأن الشماليين عانوا من صالح مثلهم ولهذا السبب أطاحوا به. والجنوبيون كانوا شركاء نشطين في الحرب والفساد والفيد، والأصح هو تحميل صالح المسؤولية عن نكبتهم، وعدم تطبيقه للقرارين الدوليين اللذين قبلهما، ومعهما وثيقة العهد والاتفاق التي رفضها صالح، لأن الحقائق الجديدة في نظره جعلتها من الماضي.
من حق الجنوبيين المطالبة بمحاكمة صالح كمجرم حرب -أيضا- ولكنهم إلى الآن لم يفعلوا وكل مايفعله بعضهم هو صب جام غضبهم على الشماليين وكأنهم يبرئونه من دماء الجنوبيين ومن انتهاكه لحقوق الإنسان.. من حق انفصاليي الجنوب أن يعبّروا عن رغبتهم في الانفصال ولكن بدون أن يكون ذلك مصحوبا بعنصرية تصوب نحو الشماليين وتحط من شأنهم، وبدون زرع ثقافة الكراهية التي لايوجد لدينا قانون يعاقب عليها لأننا في كل الأوضاع سنبقى أخوة متجاورين، تجمعنا أواصر قربى ومصالح مشتركة. وإذا كانوا متحضرين ومدنيين حقاً وليسوا قبائل متخلفة مثلنا وأصحاب قضية عادلة فليثبتوا ذلك بتوحيد صفهم بتشكيل حزب يعبر عن قضيتهم، هذا أولا أما ثانيا فعليهم إدراك أن المتحضرين يتميزون بخطاب متحضر لايبني جدارا من الكراهية بين الأهل.. الحزب الوطني الاسكتلندي يطالب منذ سنين بالانفصال ولكنه لم يتفوه بكلمة تسيئ للإنجليز، ليكن الحراك في قلب العمل السياسي على المستوى الوطني ويختبر قوته وشعبيته في الجنوب ويخرج من حالة الشعبوية والزعامة التي يتصارع عليها أكثر من طرف بإنشائه حزب يتبنى مايراه من أهداف بما فيها الانفصال. هذا الحزب سيكون له فوائد لايراها الحراك الآن، إذ سيكون قوة رادعة لعدم تكرار تجربة صالح السوداء في الجنوب ومحفزاً على تصحيح ما اختل في الجنوب طوال عقدين ورقيباً على أداء السلطة ومصححاً لأي انحراف في أدائها.. أليس الحراك مدعوا الآن من قبل الكل للمشاركة في الحوار الوطني باسمه وصفته وأهدافه؟ ألا يناصر الحزب الاشتراكي وجزء لا بأس به من حزب الإصلاح في الجنوب الحراك.. وألم يقل الدكتور عبدالكريم الإرياني أن لا سقف للحوار ولكن لا شروط مسبقة.. والحراك مدعو للحوار بدون أن يطلب منه التنازل عن مطالبه.وكما تحققت الوحدة سلميا فعليه اتباع نفس الأسلوب الذي اتبع في تحقيقها. أما في الشمال فعلينا أن ننظر إلى الوحدة من باب تحقيق المصالح وليس القداسة الكاذبة. وإذا ما أثبتت التسوية فشلها واستمر قصر النظر في التعامل مع الجنوب من منطلق الأخ الكبير الذي أعاد الفرع إلى الأصل وبقيت مساوئ نظام صالح فإن أبواب جهنم ستكون مفتوحة.
الشعوب في تجاربها وفي سعيها نحو الأفضل تصحح أخطاءها، ولا ترتكب أخطاء جديدة أفدح تفاقم أوضاعها، وفي نفس الوقت لاترجع إلى الوراء.
إن الوحدة وسيلة لإسعاد المواطن وتطور الوطن وليست غاية في حد ذاتها وليس دونها الموت طبقا لسارق الحلم الوحدوي الانفصالي الأول. شعب الجنوب لم يرغم على الوحدة وقد عزز شرعيتها في استفتاءات وانتخابات برلمانية عديدة تحت إشراف دولي وهذه نقطة مهمة يجب أن يعيها الحراك ولا ينظر إليها كمباراة كرة قدم قد يحلو لفريق الطعن بنزاهة الحكم. والجنوبيون يعون أن الذين قاموا بالجهد الحربي الأكبر في حرب1994 جنوبيون، وأن جنوبيين نافذين لايزالون يبررون تلك الحرب.. ويفتقر إلى الدقة والموضوعية وصف الحراك للحرب بـ"تحالف قبلي عسكري إرهابي شمالي لغزو واحتلال الجنوب" كما جاء في بيانه بمناسبة الذكرى الـ45 للاستقلال. كما أن ذرف دموع الندم بعد عقدين وتكرار القول بأن الجنوبيين تسرعوا أو غدر بهم أو طعنوا من الظهر لايجدي، ويعرض الفاعل للمساءلة ولا يقبل في مجتمع متحضر تزعمه لمطلب سياسي.
إن مما يفاقم الأوضاع في الجنوب أن كل النوايا التي تم التعبير عنها نحو التصحيح لم تترجم إلى سياسات وأفعال لبناء الثقة وكجزرات للترغيب وللبرهنة بالأفعال أن نظام مابعد صالح يغادر مربع سياسات صالح ومنها تسوية أوضاع المتضررين من قراراته السياسية ،غير القانونية التي طالت عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين والأمنيين والدبلوماسيين وإعادة المنازل المنهوبة ومنها منزل البيض لأنه لا يصح أن يعود البيض كسياسي يصيب ويخطئ وكرمز وطني إلى فندق ودعوة البيض للعودة ليطالب بالانفصال من الداخل وليمتحن شعبيته على الأرض.. لنختصر الطريق ونبدأ بتطبيع الوضع في الجنوب واليمن كله ونتعلم التعايش والاختلاف حتى مع الدعوة للانفصال.. وأخيراً أقول لقد صبر التعزيون والتهاميون وغيرهم قرونا ولم تنصفهم حتى ثورة سبتمبر. وهاهم الآن على وشك قطف ثمار صبرهم، فقليلا من الصبر علينا أيها الجنوبيون.. أما للحراك فأقول إنك عندما تشكل حزبا ستجد أن الانفصال لن يكون هدفا موحدا (بضم الميم وكسر الحاء)، ناهيك عن أنه غير قابل للتحقيق.

 

Date: Fri, 7 Dec 2012 09:15:19 +0000

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا