<%@ Language=JavaScript %>  د. كاظم الموسوي التغلغل الامبريالي الجديد في العالم العربي

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

التغلغل الامبريالي الجديد في العالم العربي

 

 

 د. كاظم الموسوي

 

لم تعد خطط التغلغل الامبريالي اخبارا إعلامية بل اصبحت عمليات جارية على قدم وساق. ولم تحجم وسائل الاعلام الغربية، خاصة، وتعيد ترجماتها بعض وسائل الاعلام العربية احيانا، عن نشر تفاصيل لها يوما بيوم. وتتابعها في تطبيقاتها العملية ايضا. وتنشر اخبارها كاملة، حيث لم تعد الامبريالية في زمن التطورات التقنية وثورة الاتصالات قادرة على التعمية والتستر على مخططاتها العدوانية. فتلجأ كعادتها للتبرير وتصنيع ذرائع وحجج لها في عمليات غزوها وتسربها السري والعلني، وبالتالي تغلغلها واحتلالها للبلدان والشعوب التي ابتلت او ستبتلي بأخطارها وتداعياتها. ويلعب الترويج المكثف والإعلام المنظم لها دوره في تخريب الوعي وتزيف الفكر، الذي يؤدي الى تسميم الادراك وغسيل الدماغ لدى قطاعات اجتماعية لم تكن يوما من المراهنين على الامبريالية وحلفائها في العالم العربي. اضافة لتوظيف مؤسسات ومنظمات تحت مسميات بحث ودراسات او مجتمع مدني وغيرها وتضع لها عناوين تنتهي بإستراتيجية لتشير الى "صاحبها " الفعلي.

ادارات الاستعمار القديم والجديد تتعاون بديهيا فيما بينها وترسم خرائط جديدة للعالم العربي وتنجز ما تخطط له بوسائلها المتعددة، الناعمة والوحشية، وتسربها بشتى الطرق أيضا وفي كثير منها تكلف حكومات عربية معروفة بدفع اثمانها المادية وحتى البشرية. وما حصل ويحصل في احتلال العراق، كبلد عربي، واضح لكل ناظر، إلا اذا اعمى بصيرته ومارس دور النعامة المعروف في الامثلة. ولا حاجة للأسف وتكرار ذكر ان اغلب تكاليف وأثمان تلك الخطط مدفوعة مقدما من المال العربي ومشاركة رسمية في الاغلب في تدمير البلدان التي عاشت حالات احتلال، من فلسطين الى العراق، وليبيا مؤخرا.

لم تكتف الادارات الامبريالية وذراعها المعروف حلف شمال الاطلسي/ الناتو بقواعدها العسكرية المنتشرة على خارطة الوطن العربي ولم تعتد بالمعاهدات والاتفاقيات العسكرية والسياسية الاستراتيجية الموقعة بينها وبين الحكومات المتخادمة معها فقط، بل تزيد عليها ما نشر مؤخرا ونفذ عمليا بإرسال قوات خاصة لأغلب البلدان العربية. وهنا كما يعلم ان الادارات الامبريالية لم تدخر جهدا لإعادة حالات احتلال وانتداب للبلدان ذاتها وبأسماء جديدة احيانا او حتى بالقديمة نفسها، والسبب الرئيس في كل ذلك لم يعد مخفيا ولا مكتوما، بل اصبح اكثر من معلن ومكشوف. ولعل دروس التاريخ وتجربة الاستعمار في البلدان العربية التي استعمرت عقودا طويلة وما سجله التاريخ منها كافية لكل ذي بصر وبصيرة.

خلال الانتفاضات والثورات العربية واصلت الادارات الإمبريالية بأساليبها المعروفة وعبر امكاناتها ذاتها، التسرب الناعم في الجمهوريات التي خاضت شعوبها حركة التحرر الوطني من تلك الادارات ومشاريعها الاستعمارية وناضلت بتضحيات جسيمة من اجل الاستقلال الوطني وسيادتها وثروات شعوبها وحريتها وكرامتها. ومعلوم كيف مارست تلك الادارات حصار تلك الشعوب واحتواء انظمتها وحكوماتها ورهنها بمخططاتها العدوانية؟، وكذلك دور المال العربي في تلك المخططات ومساهمة اصحابه فيها بمختلف السبل والممارسات التي مازالت مستمرة ومتواصلة بدون حساب!.   

المضحك في كل ما يحدث ان الادارات الامبريالية تعلن خططها وتنفذها وتمارسها دون مواربة بينما الحكومات العربية تعلن معارضتها اعلاميا وترد عليها، ويتبجح الناطقون باسمها على شاشات التلفزة بتكذيب الوقائع التي قد لا تبعد عن مكانهم كثيرا، أي امام او قرب نظرهم، فأية مصداقية تبقى لأمثال هؤلاء؟. والأكثر كوميدية في مثل هذه الصور المضحكة ان بعض هؤلاء الناطقين والمتحدثين باسم حكوماتهم كانوا غير ما هم عليه قبل تورطهم في مثل هذه المناصب المشتراة سلفا. فضلا عن برمجة وسائل الاعلام العربية الاخبارية المعروفة لزيادة جرع التضليل والخداع والغش الاعلامي والتنظيم لها بحوارات ولقاءات وغيرها مما يثبت تحول هذه الوسائل الى اجهزة ناطقة باسم تلك الادارات ولسان حالها العربي. وكذلك الدور الخطير لها في اشاعة وترويج خطط الامبريالية وتبرير ممارساتها العدوانية والسعي الى تشويه الوعي والإدراك الشعبي وزراعتها والعناية بها بالطرق التي باتت واضحة ومعلومة لكل من له خبرة بسيطة بقدرات التقنية الاعلامية المتطورة حاليا.

نجاح خطط الامبريالية وذراعها العسكري/ الناتو في التغلغل في الوطن العربي لم يكن بفضلها وحده او بقوتها وجبروتها المعلومة بديهة وإنما بتخادم وظيفي من قبل قوى داخلية وجهات سياسية رسمية وغيرها ممن ارتبطت وراهنت عليها في ادارة البلدان وتقديم التسهيلات اللوجستية ودفع التكاليف المالية والبشرية احيانا. الامر الذي اصبح معقدا ومتشابكا وتحولت فيه العلاقات الدولية والتحالفات الرسمية الى اعباء فعلية في نضال الشعوب من اجل حريتها وكرامتها واستقلالها وتقدمها. فمعلوم ان ابرز اهداف الامبريالية في العالم العربي هو تفتيته وتقسيمه والهيمنة على ثرواته وخيارات شعوبه ومستقبل اجياله، وهي الاهداف المعلنة والمعروفة لكل من يرى ويقرا ويسمع ويفكر بعقل ويحاسب نفسه ولا ينجر وراء ما تبثه وسائل اعلام التضليل العلني. وليس القول نافلا، بان هذا النجاح للخطط والتغلغل الامبريالي يتطلب من جديد كفاحا وطنيا واسعا ووعيا نقديا مسؤولا لهذه المخططات وإعادة صياغة بديهيات الانتفاضات والثورات العربية. فانتفاضات الشعوب وثوراتها لها عناوين واضحة ولا ينبغي ان تكرر الكارثة ذاتها. ولا يمكن ان تكون خطط الامبريالية حلا لها او تجاوبا معها.  وهو ما يتطلب تأكيده وتوضيحه. ساحات العالم العربي هي المسرح المكشوف لتلك الخطط والتغلغل الامبريالي. ووقائع ذلك مثبتة بوثائق وأفعال مرصودة واغلبها معلنة رسميا. وهذه الحقائق اذا لم يجر التصدي لها فان العالم العربي يدخل مرحلة اخرى من الاحتلال والانتداب الامبريالي الجديد. وهذه المرحلة خطيرة جدا لتداخل الاسباب والأهداف والجهات التي تدعي التشارك فيها، وتتغطى بأغطية ملونة من التخادم المباشر وعضوية الناتو ومعاهدات الحماية والتسهيلات المعلنة والسرية والشعارات البراقة حول التدخل الانساني وامثاله. هذا التغلغل الجديد لا يصب بأي شكل من الاشكال في خدمة المصالح العربية وحرية الشعوب وكرامتها وتقدمها ودورها في بناء وطنها واستثمار ثرواتها وخياراتها.

 

كاظم الموسوي

16.10.2012

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا