<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي بعد عامين.. الى اين؟

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

بعد عامين.. الى اين؟

 

                                إحدى صور التظاهرات في المغرب

د. كاظم الموسوي

 

في السابع عشر من كانون الاول/ ديسمبر 2010 اعلنت وكالات الانباء قيام المواطن التونسي محمد بو عزيزي بحرق نفسه في الشارع العام احتجاجا على القمع والمنع وسلطة الاستبداد التي اهانت كرامته الشخصية وحرمته من العيش الكريم بجهوده وإمكاناته. وأصبحت هذه الحادثة المحزنة شرارة اندلاع الحركة الشعبية الجديدة في تونس ومنها في ما تلاها من الانتفاضات الشعبية الجديدة في العالم العربي. وانتهت هذه الشرارة في حرق مرحلة النظام السابق وقيام نظام جديد، بفضل المشاركة الشعبية الواسعة في الانتفاض والاستمرار في المطالبة في انهاء الحكم السابق وبناء نظام جديد. فهل تم ذلك؟ وكيف؟ ولماذا لم يتحقق بعد كل تلك التضحيات والإصرار الشعبي؟. وأسئلة كثيرة ومتوالية والإجابة عليها تتعدد وتطول، ولكن لابد من مؤشرات اولية تضع ما تحقق، ليس للتسجيل وحسب، وإنما للاعتبار منه والدرس والعمل على التطوير والتجديد والتغيير نحو المستقبل المطلوب. طبعا ليس في تونس وحدها وإنما في غيرها ايضا من البلدان التي واصلت السير وتوالت فيها السمات الغالبة لما حصل وتشابكت معها في السبل والمنجزات والإخفاقات.

خلال العامين الماضيين انجزت الانتفاضات والثورات الشعبية في عدد من البلدان العربية خطوات رئيسية في عمليات التغيير السياسي. اسقطت رؤساء وإحالتهم الى محاكم ووضعت خطوات اخرى على طريق البناء الديمقراطي في انتخابات ودستور وتحالفات. ولأول مرة تبين ان ما قامت به تلك الشرارة كان كبيرا، وإنها اعطت امثلة لم تكن متوقعة بحكم الاستبداد والتضليل والتعمية التي كانت تمارسها الانظمة السابقة ومن يسندها ويدعمها ويستثمرها لمصالحه على حساب المصالح الشعبية والوطنية والقومية. وكشفت ان هذه الانظمة هشة وضعيفة رغم كل ما كان يقال عنها. وتوضح ان الشعوب اقوى منها لو توفرت لها الارادات والقيادات الوطنية الفعلية، القادرة فعلا على قيادة المرحلة وبناء الدولة وتحقيق المصالح الوطنية والقومية. (هذه القضية تحتاج الى شروح كثيرة). فما حصل واقعا بيّن ان تشتت الفصائل او التجمعات وغياب بروز قيادات حكيمة بشكل يواصل العملية السياسية الثورية دفع بالأمور في البلدان التي تحققت فيها تعاني من تحولات متناقضة وتقع في اخطاء سلبية لم تكمل المشوار بما يتوجب ان يحصل بعد كل ما حصل وأنجز عمليا.

لم يكن عامان كافيان للتقييم ولكنهما وافيان لإعطاء مؤشرات لما جرى ويجري في البلدان التي انجزت والأخرى التي مازالت تواصل رغم كل التضحيات والتحديات. ولعل النموذجين الاساسيين في تونس ومصر معطيان بارزان اليوم، وقد تكون ليبيا واليمن بعدهما، وكما يلاحظ انها كلها جمهوريات، ولكن لم يتوقف الحراك عندها فقط، بل شمل غيرها من البلدان والأنظمة المختلفة. وقد تكون الصورة الحاصلة الان ناطقة بمآلات ما تحقق ومن القوى الفاعلة والأساسية على الساحات العربية. وكذلك قواعد التغيير واللعبة السياسية وقوى الاستعمار والامبريالية والأدوار السياسية لكل الاطراف الفاعلة في كل ما يحدث اليوم. وتتكامل مع هذه التطورات استمرار الصراعات السابقة على التغيير الى ما بعده بأشكال وقوى اخرى، منها من ساهم في التغيير، كركن اساسي فيه او التحق به وتصاعد معه. وكشفت الاحداث ان التنظيم الحزبي والمال السياسي لعبا دورا واسعا في الكثير مما حصل في مجريات الواقع اليومي في تونس ومصر اساسا. كما ان تداخلات خارجية كثيرة ومعلنة لعبت دورا صارخا في التأثير، وتباهت بعضها في نتائج ما حصل او في مصائر اتجاهات معينة والضغط باتجاهات معينة اخرى، بعيدا عن الوقائع والتطورات التي  يمكن ان تكشف عن خفايا كثيرة تركت تداعيات غير قليلة على ارض الواقع. فهل هذا كان من ضمن اسس التغيير الوطني الديمقراطي؟ ومن المستفيد منه؟. بالتأكيد لم تتحقق كل اهداف الحراك الشعبي، ولكن لابد من وضع اساسات له والعمل على البناء والتقدم عليه. وكيلا تتشوه المفاهيم والمصطلحات وتتبدل معانيها ومدلولاتها كما جرى وحصل، لابد من اعادة التفسير والشرح لها. فالانتخابات وحدها لا تعني النظام الديمقراطي المنشود، وإنما هي آلية من آلياته، والتلاعب فيها بما يضر في احترام نتائجها يؤثر على تطورات اليات الديمقراطية الاخرى وتفاعل قواعدها الاساسية المعروفة في العمل السياسي. ولابد من تنفيذها كاملة دون تجزيء لها والتعلق بما يحقق اهداف جزئية وظرفية وربما حساسيات ذاتية ومصالح حزبية ضيقة. وهو ما رأيناه في تونس ومصر، ولاسيما بعد فوز قوى من تيار الاسلام السياسي في نسب عالية في الانتخابات التشريعية ومخططات الاستحواذ والهيمنة لديها.

ما حدث في تونس ومصر مؤخرا من اجراءات استبدادية من السلطات المنتخبة الجديدة، والتي برز فيها تيار الاسلام السياسي، (حركة النهضة في تونس وحزب الحرية والعدالة في مصر، وكلاهما من تنظيم الاخوان المسلمون الدولي)، اثار مخاوف حقيقية على مصائر الثورات وتطوراتها. كما ان تمدد هذه الاجراءات الى عنف دموي، تشابه في كثير من جوانبه مع اساليب الانظمة السابقة على الانتفاضات والثورات، دلالة اخرى على ان السلطات الجديدة تواصل نهجا مخالفا لوعودها ولمطاليب ومصالح الانتفاضات والثورات الشعبية الجديدة. وقد تعكس خيبة امل اذا لم تتغير وتنتظم على خطى الثورات وبناء الدولة الجديدة والتوافق المشترك لقوى التغيير والثورة وأصحاب المصالح الحقيقية في الثورة والتغيير الثوري.

بعد عامين من شرارة البوعزيزي وما تحقق في بلده وفي مصر، البلد العربي الكبير، الذي يؤثر بما يحصل فيه على البلدان العربية الاخرى وما بعدها جغرافيا، ولاسيما في القضايا المشتركة والرئيسية، يدفع الى السؤال: الى أين؟. كان المفروض ان يكون هذا السؤال بعيدا عن الذهن، إلا ان وقائع الامور تستعيده وتدعو اليه، وتحث على ان تكون العقول والقلوب مفتوحة للوقوف من جديد امام المعطيات الحاصلة والتجاوزات التي مرت والأخطاء والخطايا التي تمت وكذلك امام بناء دولة الثورة والمستقبل.

كاظم الموسوي

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا