<%@ Language=JavaScript %> عناد عبد الصعب دخان الحرائق

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

دخان الحرائق

 

                             أحد الكتبة من يهود بغداد

عناد عبد الصعب

 

"أستيقظ و شمّ رائحة القهوة"  مصطلح يستخدمه الامريكان و البريطانيون لمن تفوته رؤية الوقائع او الحقائق.  اليوم تضطرم النيران الملتهبة بالبيت العربي و العرب لاهون بروتانا و مسابقات التلفزيون و لا ينتبهون للدخان الذي يخنق الانفاس.  لم يعد الوطن العربي يمتد و يمتد بل بات ينكمش فجنوب السودان انفصل بدولة مستقلة لن تتأخر لتصبح قاعدة للنشاط الاستخباري الاسرائيلي كسابقتها ارتريا التي غازل الحكام العرب القوميون حركتها المسلحة و ما ان انفصلت عن الحبشة اعلن أسياس أفورقي تحالفه مع اسرائيل. 

اما الصومال فانها انقسمت لدولتين و برلمانها ينعقد في كينيا.

بعد تدخل الناتو في ليبيا و قبل اعدام القذافي صارت الصحف الغربية تتحدث عن عودة الروح للثقافة الامازيغية.

في الجزائر حركات تتفاوت في حدتها تتناول الهموم الامازيغية ومنها من يدعو الى تحرير مناطق الجبال و سكانها الامازيغ!   

في العراق ابتعدت كوردستان الجنوبية و صار ما يبعدها عن العراق اكثر مما يقربها اليه.

 

لدينا مشكلة لم يعد صائبا ان نتجاهلها.  لم نحسن تناول امورنا الداخلية و تجاهلنا حقوق المجموعات الصغرى.  فطمس الحقوق القومية و الثقافية للاكراد طال و لم نحسن ادارة علاقتنا بهم.  خلال الحكم البعثي مارست الحكومة اجراءات لم تمارسها حتى اسرائيل مع الفلسطينيين. في 1984 روى لي نائب عريف في لواء المغاوير بالفيلق الاول بعد تسرحي منه ان اطفال قرى سيد صادق كانوا يرشقون سيارات الجيش العراقي بالحجارة بعد انتهاء زواج المتعة بين الطالباني و صدام.  جمع آمر اللواء شيوخ القرية و هددهم بالعقاب الشديد لمن يفعل ذلك.  تكرر الامر فجمع الانظباط العسكري بعض الفتية الذين كانوا يرمون الحجارة و صفوهم مع ذوييهم و اعدموهم.  و انا التقيت بجندي كردي من دهوك كان يأتي للوحدة العسكرية بسيارة بيكب موديل 1956 اتعبته كثيرا و لما سألته لماذا لا تبيعها اخبرني انه يحتاج لموافقة مديرية الامن لبيعها و لا يستطيع بيعها لغير العربي. 

في سوريا قانون الجنسية أسمه: قانون الجنسية العربية السورية!! فكل مواطن هو عربي سوري حتى و ان كان كرديا.  يتحدث موقع دبكا.كوم عن احتمال تشظي سوريا الى ثلاثة دول و ان السعودية اعربت عن نيتها حماية اقليم سني في شرق سوريا (مجاور لغرب العراق!) و دولة كردية في شمالها الشرق. و لم تنس اسرائيل ان تعرض على علويي سوريا استعدادها لاويائهم في الجولان كلاجئين!

 

الامر لا يختلف مع المسيحيين رغم وجود شخصيات مسيحية في قيادة الهرم السلطوي مثل طارق عزيز و ميشيل عفلق و آخرين.  مسيحيو العراق هم احفاد الاقوام التي قطنت العراق قبل مجيء العرب من الجزيرة تحت راية الاسلام. تمتع مسيحيو العراق آنذاك حقوق (وهم الاقوام المغلوية) اكثر مما تمتعوا به في العقود الاخيرة.  حتى الكتاب و من نصطلح عليهم "مثقفون" يحملون افكار و تصورات اقل ما يمكن ان نصفها عنصرية و مقيتة.   في الثمانينات عرض تلفزين بغداد مسلس لم يدم طويلا دارت بعض مقاطعه في دار بغاء.  اسماء العاملات فيه كانت جورجيت و انطوانيت و جوزفين كأن ليس في العراق مومسات يحملن اسم حمدية او جاسمية و حتى خديجة او فاطمة.   لا يحق لمسيحي ان يفتح محل قصابة كما لا تمنح اجازة بيع الخمور لمسلم! 

 

اما يهودنا فان اقتلاعهم من العراق يفوق بفظاعته غرف الغاز النازية التي يكثر الصهاينة من ترديدها. اذا صحت الروايات التأريخية فان يهود العراق جلبهم نبوخذنصر الى بابل سبايا من ارض فلسطين في منتصف القرن السادس قبل الميلاد. بعد عقود قليلة صاروا جزءا من المجتمع البابلي كما تظهر ذلك الرقم الطينية.  غزى كورش بابل و اطلق يهودها و سمح لهم للعودة الى ارض فلسطين.  كان من بين العائدين احد انبياء بني اسرائيل الذي زار اورشليم ثم عاد الى بابل ليعيش فيها حتى مماته. و في العراق قبور انبياء اليهود لا تقل عن تلك التي يزعمون وجودها في فلسطين.  في الاعوام التي سعى الصهاينة لاقامة دولة يهودية في فلسطين لم يلقوا تجاوبا من يهود العراق رغم حوادث الاعتداء في 1941.  كتب شلومو هليّل (صهيوني عراقي) في كتابه "عملية بابل" ان موشي دايان زار بغداد عام 1946 و نظم تفجيرات لمصالح يهودية لغرض ارهابهم و دفعهم للهجرة الى فلسطين فلم يفلح.  رد يهود العراق بتشكيل جمعية مكافحة الصهيونية فسجنت الحكومة العراقية ادارتها بتهمة الترويج للصهيونية!  بعد صدور قانون اسقاط الجنسية للسماح لليهود بالهجرة الى قبرص (كي تستلمهم الوكالة اليهودية العالمية ثم ترسلهم الى اسرائيل) رفض العشرات ضغوط التهجير لكن الحكومة الملكية جمعت السجناء السياسيين –أغلبهم شيوعيين- لتسفيرهم الى قبرص فصرخوا بالشهادة وردت الشرطة الملكية "ما تاكل" أي لاتفيدكم حتى لو صرتوا مسلميين. كتب سميح القاسم عن اليهود الشيوعيين العراقيين الذين جلبوا الى اسرائيل على حمالات الجرحى لرفضهم الهجرة الى اسرائيل و التقيت بعضهم في لندن.  استبدلوا دينا لم يختروه بوطن و شعب عاشوا في ظلاله فلم يحصدوا سوى الجحود و النكران.

 

وضع الايزيديين ليس افضل كثيرا.

 

الديمقراطية في جوهرها ضمان حق الاختلاف.  الاكثرية العددية لا تعني اكل حقوق الآخرين الاقل عددا. تتقدم الامم كلما احسنت ادارة علاقة اجزائها و مكوناتها و تتأخر بالطغيان و سيادة روح الاستئصال لكل من يختلف عن الغالبية. بدأ هتلر حملته للاستبداد بالترويج لنقاء العنصر الآري: شكل الجمجمة، الانف و لون العيون و الشعر الاشقر... كل من اختلف عن ذلك هو هجين او غريب طارئ.  جر هتلر بلاده الى خراب لم تشهده من قبل.  بفضل سياسة التسامح اصبحت اوروبا مقصد الكثير من المسلمين بحثا عن حياة افضل يفتقرونها في بلدانهم.

 

ربما اننا لا نشم دخان الحرائق بسبب روائح فضائح الفساد التي تزكم الانفاس.

 

عناد عبد الصعب

 

 20تشرين الثاني2012

Enadabdulsaab@yahoo.com

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا