<%@ Language=JavaScript %> جهاد هادي ابو صيبع أحمد الحسني البغدادي الشهيد الحي

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

أحمد الحسني البغدادي

 

الشهيد الحي

 

 

 جهاد هادي ابو صيبع*

 

من هنا ابدأ لا أدري كيف تنتصر امة تقطعت بسوء صنيعتها امماً، ثم تدلت في الذل والهوان، حتى صارت تطلب الرحمة من معذبها وتعطي الدية لقاتلها ثم ارتكست في السقوط حتى اصبح أكثر ملوكها وحكامها صبياناً واكثر ادلائها عميانا.

الوطنية الحقة هي بناء مآثر واعلاء امجاد وانما هي خلال تتفتح عن اعمال وعزائم، لاتعرف الهزائم، وبطولة وجرأة لاتعرف الاّ الموت من اجل ثرى الوطن. إنها ايام بلاء ومحنة، من عدونا حيث بلغ منا كل مبلغ ومن انفسنا حتى صار كل امرىء منا عدو نفسه وعقله عدو تاريخه المجيد وماضيه العتيد، عدو مستقبله من حيث يدري ولا يدري انها ايام ضلال وفتنة، وكلنا نعلم بان الاسلام قضى فيما بين الناس على نوازع العصبية، والاقليمية والحزبية، والعشائرية، والمذهبية، والاثنية، وجعل من الانسان وحدة عامة شاملة لغاية واحدة هي عمارة الارض على نحو ملؤه الامن والامان والاستقرار لا بالفساد سواءً كان مادياً او معنوياً او ارهاباً جسدياً او ارهاباً فكرياً، الاسلام لايعرف سبيلاً للعزة والسيادة بعد التحرير والتطهير، والاتحاد والنظام والعمل الصالح والذي فيه مرضاة الله سبحانه وتعالى.

بان تدهور العقيدة وتحلل مقوماتها في النفوس مما تخلف بهم عن مكانهم الطبيعي في الصدارة وجعلهم خولاً للاجنبي وميراث تاريخهم.

في النجف الاشرف مدينة امير المؤمنين والقائد الغر المحجلين (ع) ولد المرجع القائد السيد أحمد الحسني البغدادي في احشاء هذه المدينة وفي احد ازقتها الضيقة المهترئة في محلة المشراق عام 1945م وهو الحفيد الاكبر للامام المجاهد السيد محمد الحسني البغدادي المتوفى عام 1973م ينتمي الى اسرة "آل الحسني البغدادي" وهي اسرة ادبية علمية مشهورة ولها ثقلها السياسي من حيث تمسكها بالثوابت الوطنية والاسلامية درس العلوم الدينية والأدب على فقهاء النجف الاشرف الاّ ان معظم دراسته على يد استاذه الاول سماحة الامام المحاهد السيد البغدادي (رض) وحصل على درجة الاجتهاد في فقه الشريعة الخاتمة ولم يتجاوز العقد الثالث من عمره وقد نوه بشخصيته اليسارية الاسلامية واشاد بها مجموعة من العلماء والمفكرين والمؤرخين الاسلامين والليبراليين. بدأ نشاطه السياسي من بداية الستينات في تنظيم "منظمة الشباب المسلم" ثم ترك العمل.

شارك في اليوم الاول والثاني في الانتفاضة الشعبانية عام 1991م ثم انسحب من الانتفاضة لغياب المعارضة الوطنية والاسلامية العراقية بسبب فشل الانتفاضة الشعبانية  ثم اسس عام 1991م حركة الاسلاميين الاحرار واعلن عنها عام 1994م.

 وقد فاتحني اكثر من مرة للانضمام الى هذه الحركة لكنني رفضت الانتماء اليها.

 وفي عام 1998م اكتشفت اجهزة المخابرات العراقية جانباً من تنظيم الحركة فقسم منهم اعتقل والقسم الآخر اعدم والبقية الباقية هاجرت قهراً خارج العراق خوفاً من بطش السلطة الصدامية الفاشية وقد اخرجته بنفسي "كاتب هذه السطور" الى الجمهورية الاسلامية في ايران عن طريق هور العمارة، وفي كل ما قيل ويقال وما كتب ويكتب وضع سماحته نفسه ومواقفه وآراؤه فوق كل الولاءات التي تحط من الوطن، اذ تجاوز الصراعات المذهبية والعرقية والخصومات الجانبية، لانه يدرك طبيعة اليسار الاسلامي ومهماته وحال الامة وما يمزقها من نزاعات قبل الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003م.

ساهم في تأسيس المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني وشغل رئاسة اللجنة التحضيرية  وكاتب هذه السطور حضر هذا المؤتمر في فندق بابل وشارك في فعالياته ولكن سماحة هذا المرجع القائد سرعان ما انسحب منه لاسباب يمكن فهمها.

تعرف على قادة ورموز وحركات سياسية وليبرالية واسلامية في الدول الاسلامية والعربية وحضر عدة مؤتمرات ولقاءات تخص حالة الامة والقضية العراقية.

 شخصية السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله لها آثار حية لايمكن انكارها او تجاهلها او الغض من قدرها، وقد اختلف الناس في امر هذه الشخصية المجاهدة ضد الانظمة الشمولية والغزو الاميركي للعراق.

ان الامة لم تجتمع على رأي فيه مادام حياً، ولكن الاستشهاد او الموت يحسم الامر دائما، ويصرف عن صدور الناس اوهامها ويردها الى شيء من الحق فتحكم متجردة عن الهوى، وكان حتماً ان تفيض بعض النفوس بضروب من الحسد والحقد نحو سماحة هذا المرجع القائد وحاول الامريكان ان يقدموا عروضاً سخية، فرفضها الرجل في إباء وكبرياء وظل هذا بين الثورية واللاثورية يعمل اكثر من عشر سنوات لايتعب ولا يجهد، لقد كان يحب فكرته حباً يفوق الوصف من اجل الاسلام والامة، والوطن المذبوح، كان قديراً على ان يحدث كلاً بلغته وفي ميدانه وعلى طريقته وعلى الوتر الذي يحس به، وعلى الجرح الذي يثيره، وهو يستمد موضوع حديثه اثناء سفراته الى الدول العربية والاسلامية من مشاكلها، ووقائعها وخلافاتها ويربطها من لباقة دعوته وقضيته التي يؤمن بها واذا اردت التعرف على هذه الشخصية المثيرة للجدل فراجع "هكذا تكلم احمد الحسني البغدادي" الذي صدر منه ثماني مجلدات بوصفها موسوعة من ابرز اعماله انه جعل حب الوطن جزءاً من ضميره ووجدانه، فاعلى قدر الوطن واعز قيمة الحرية، ويحاول ان يريد ان يجعل بين الفقير والغني حقاً وليس احساناً وبين الرئيس والمرؤوس صلة وتعاوناً وليس سيادة وبين الحاكم والامة مسؤولاً وليس تسلطاً، وهذه من توجيهات الاسلام القائد والرسول الكريم (ص) واهل بيته الكرام (ع) وكان الرجل يشتغل عليها. خطر هذا الرجل الذي يعيش في بيت صغير، والذي جرد نفسه لفكرته فتجمعت القوى الحاقدة والمغلوبة وترابطت الاهواء بالمطامع في محيط الاحزاب والتجمعات واثير الغبار الكثيف واعلنت الاتهامات والارهاصات على اوسع نطاق ووقف وسط النيران لايبالي من شيء ولاشيء سوى حب الاسلام والوطن والذود عنهما لانه شاهد العراق الجميل ينهار حجراً حجراً ينهار في عالم المادة ويزداد قوة في عالم الروح كان الناس في العراق قد طوتهم ظلامات النظام الصدامي وكان الشهيد الحي احمد الحسني البغدادي واحداً منهم، وافسدت عقائدهم لان الكثير من العلماء (الدينيين)  في العراق من صنائع النظام البائد وعاظ السلاطين، الذين اغلقوا كل شيء وافتوا لصالح السلطان العلماني الصدامي الفاشي فلم يفهموا من الاسلام والقرآن الا انه كتاب الله لاغير يقرأونه على القبور وفي الصلاة.

السيد حفظه الله كان طريقه مليئاً بالاشواك وكانت آية متاعبه انه يعمل في مجرى تراكمت فيه الجنادل والصخور وكان هذا مما يدعوه الى أن يدفع اتباعه الى التسامي ويدفعهم الى التغلب على مغريات عصرهم، والاستعلاء على الشهوات التي ترتطم بسفن النجاة فتحول دون الوصول الى البر، لذلك رفض المساومة من برنامجه انصاف الحلول، وجاهد من أجل لا تجزئة في الحق المقدس، وهذا هو الذي سبب له المتاعب وعاش في المهجر تاركاً بيته واهله واصدقاءه ومعارفه وكان لا يؤمن بالواقعية السياسية والتوفيقية... ويفهم الاشياء على حقيقتها مجردة عن الاوهام وكان حفظه الله في عقله مرونة وفي تفكيره تحرير ومن روحه اشراق وفي اعماقه ايمان قوي جارف والسيد حفظه الله متواضعاً تواضع من يعرف قدره، متفائلا عف اللسان ونظيف القلم صاحب مرؤة ودين ولايخشى احداً في الحق، ومذهبه السياسي ان يرد مادة الاخلاق الى صميم السياسة ويؤمن بأن الاسلام قوة نفسية قائمة في ضمير الأمة وأنها تستطيع ان تمده بالحيوية التي تمكن له، واستفاد الرجل من تجارب من سبقوه ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء، الذي حملوا لواء دعوة الاسلام.

 واخيراً فإن هذا الجهد الضخم الذي يحمله قد اتاح له أن يلتقي بعشرات الآلاف من الناس خصوماً وانصاراً، شيوخاً وشباناً، مثقفين وعوام وأنه قد استمع اليهم وقال لهم وافاد منهم خبرة ضخمة واسعة اضافها الى عمله وثقافته وفقه الله الى ما فيه الخير والصلاح والسؤدد الى هذه الامة المرحومة. 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مؤرخ ــ العراق

     

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا