<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي المالكي ومعادلة الحكم القائم في العراق !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

المالكي ومعادلة الحكم القائم في العراق !

 

 

جمال محمد تقي

 

اعترف المالكي علنا بان الشلل والتفكك هو النتيجة الحتمية لاستمرار العملية السياسية القائمة ، وقد لمح الى ان اي تغيير حقيقي لتصحيح المسار القائم في قواعدها لا يمكن ان يتأتى من آلياتها الذاتية التي تدور حول نفسها ، وبالتالي فهي لا تتحقق عمليا الا بفعل عوامل خارجية اوبعمل جراحي انقلابي  تحميه اغلبية سياسية تعي الابعاد المسدودة والخطيرة لتركمات حكم محكوم عليه سلفا بالانقسام !

ما صدر عن المالكي مؤخرا من تصريحات وقرارات وتدابير ، بمجمله يشكل اعلانا غير رسمي عن انهيار العملية السياسية القائمة ، وبالتالي يفصح عن حقيقة انشغالاته في التهيئة للقفز عن مسار الحكم السائر لحتفه الى بر اخر ليس له ضمان فيه غير استمراره بالسلطة مع مجموعة ينتقيها هو من حزبه او من تحالفه الانتخابي المتعدد المشارب ، تحالف دولة القانون ، والذي قد يحوله الى حزب بديل عن حزب الدعوة ذا النفس الطائفي ، وهذا ليس لصحوة ايمانية بالمكون الوطني ، وانما لقناعته بان المحاصصة بشكلها الحالي ، تجعل من سلطته صحن كبير ، تمتد اياد كثيرة لتناول مافيه من اطعمة ومغذيات ، فالصحن مازال خاضعا للعبة التوافق ، حتى لو كانت حصته فيه حصة الاسد ، اي انها تبقى حصة من مجمل حصص اخرى قابلة للزيادة والنقصان ، بحسب مغالبة المتحاصصين الاخرين ، لاسيما وانهم يتحصنون بمنطق الانغلاق المكوناتي الذي اصبحت الحالة الكردية فيه نموذج للامر الواقع الذي يبتز اي محاولة لولادة حكم عراقي مركزي متماسك وقوي ، ديمقراطيا كان او ديكتاتوريا ، او حتى لو كان بمنزلة بين المنزلتين !

 ان مطالبات بعض مجالس المحافظات السنية بالفدرالية لها يشكل رد فعل على حالة التغول الطائفي والابتزاز الكردي على حساب مكونهم الذي اعتبر الضلع الاضعف في مثلث الحكم العراقي بمجمله وايضا بسبب التعامل السلبي لاصحاب القرار في بغداد مع مطالبهم المشروعة ، وفي هذا المسعى هناك تلاقي مع دعاة الفدرالية من بعض رموز الحكم من الشيعة الذين وجدوا بتمركز السلطة ولمصلحة حزب شيعي بعينه تقزيما وعزالا لهم ، ومن هنا تأتي تصريحات عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى التي يعلن بها حتمية تواصل التحالف الشيعي الكردي كحجر اساس للنظام الجديد ، ومن نفس المنطلق تأتي تأكيدات هادي العامري على خطل طروحات المالكي وسامي العسكري التي تبشر بانفراط عقد التحالف الشيعي الكردي وضرورات تجاوزه نحو تحالف بديل يجمع رموز السنة والشيعة !

التيار الصدري هو الاخر يعاني من توجهات المالكي التي كرست سلطته ومنحتها فرصة اعادة انتاج ذاتها مع اي انتخابات قادمة محلية او عامة ، توجهاته التي جعلته يمسك بتلابيب كل السلطات القضائية والتنفيذية بل وحتى التشريعية حيث جعلها عاجزة عن اتخاذ اي موقف ينال منه على الرغم من وجود ثقل لا يستهان به من نواب القائمة العراقية والكردية وحتى من التيار الصدري نفسه والذي سعى مع الاخرين لسحب الثقة عنه .

المالكي الذي استطاع وبأدوات السلطة ذاتها احتواء حتى الهيئات المستقلة عن الحكومة كالبنك المركزي ومفوضية الانتخابات وهيئة الاعلام ، تمكن من ايقاع خصومه بشباك التناقض والانشقاقات فهو قد نجح بتهميش الثقل النيابي والسياسي لقائمة اياد علاوي بعد ان طورد احد اركانها طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ووضع اغلب قادتها تحت ضغط التهديد والابتزاز كما يحصل حاليا مع العيساوي وكما حصل سابقا مع المطلك ، حتى وجد علاوي نفسه  حبيس لتحالف غير مرغوب فيه مع القيادات الكردية التي لا تملك رصيدا ايجابيا بين مناصري القائمة العراقية خاصة ، عرب كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين ، ومن هنا فان تصعيد المالكي لنبرة التحدي للبرزاني تعني بالضرورة المزيد من المنسحبين من قائمة علاوي لمصلحة التحالف مع المالكي ، وهذا ماتأكد حاليا من عزلة علاوي ، ومن تجانس مواقف صالح المطلك والنجيفي ورافع العيساوي مع المالكي وهم من ابرز زعماء القائمة العراقية التي يرأسها اياد علاوي ، ففي الوقت الذي يتخذ فيه علاوي موقفا مؤيدا للبرزاني ويصرح علنا بان المالكي يشن حربا على الاقليم ، يؤيد فيه المطلك تحركات المالكي العسكرية بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة الاتحادية ، اما النجيفي فيحاول ان يكون وسيطا قويا بين الطرفين بنفس الوقت الذي يحاول فيه ان يكون محط ثقة عرب المحافظات المجاورة لاقليم كردستان لاسيما وان هناك احتمالات انبثاق تحالف جديد في الانتخابات القادمة يكون فيه للنجيفي دورا بديلا عن الدور الحالي للطالباني ، اما العيساوي فهو منسجم مع حكومة المالكي اضعاف انسجامه مع مواقف علاوي بخصوص الازمات الناشبة مؤخرا !

التلويح بتشكيل حكومة اغلبية ، وحل البرلمان ، واجراء انتخابات مبكرة ، والسيطرة على اغلب الاجهزة الامنية والعسكرية وتوسعتها مع تشديد ربط قياداتها بمكتب القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء ، النجاح في تفتيت كتلة القائمة العراقية وسحب البساط من تحت طروحاتها العابرة للطائفية والمناطقية ، واحراجها من خلال ابراز برغماتية زعامتها تجاه قضايا مؤثرة كالتجاوزات الكردية على عرب وتركمان كركوك وسهل نينوى ، واضعاف دور قوى التحالف الشيعي الاخرى وجعلها  مجرد تجمعات مساندة لحكومة المالكي ، والاستقواء بالدعم المرجعي الايراني على اي مرجعية عراقية تتعارض طروحاتها مع طروحات المالكي ، كلها مؤشرات على سعي المالكي للتفرد بالساحة عبر اعادة هندستها بما تجعله قادرا على توجيهها الوجهة التي تصب بمصلحة حكم قوي يقوم على استبدال المحاصصة بحكم الاغلبية الانتخابية .

 برغم امتعاض جماعة الحكيم والصدر وبرغم انتقادات ممثل مرجعية النجف لاداء الحكومة لكن التحالف الشيعي غير قادر على اتخاذ موقف سلبي من المالكي ، فرئيس التحالف ابراهيم الجعفري تحول الى عراب لتوجهاته ، وحتى التيار الصدري الذي ينبري وبصوت عال في انتقاده ، حيث ذهب بعيدا عندما توافق مع قائمة علاوي والبرزاني لسحب الثقة عن المالكي فان مواقفه تتراجع كلما تقدمت باتجاهها الضغوط الايرانية ، برغم ان جماعة المالكي عملت على تقزيم دور التيار من خلال شق صفوفه ، كما في حالة دعم المالكي لتنظيم عصائب الحق المنشق اصلا عن التيار الصدري ، ومحاولة اضعاف مصداقية التيار من خلال احتواء وزراء كتلته ، ويبدو ان الصراع بين المالكي والصدر على احتواء الشارع الشيعي انتخابيا هو سمة العلاقة القائمة بين الجانين حتى اشعار اخر .

في عز التجاذبات الاعلامية والسياسية والعسكرية الجارية بين المالكي والبرزاني ، تجتمع اللجنة العسكرية الامريكية العراقية المشتركة وتضع اسسا لتفاهمات الدفاع الامني الدائم بين البلدين ، وبنفس الوقت يقوم المستشار الامني للمرشد علي خامنئي قائد فيلق القدس ، قاسم سليماني ، بزيارات مكوكية غير معلنة بين بغداد واربيل والسليمانية ، بالتراتب مع تحركات سفيري امريكا وايران بين بغداد واربيل ، هذه التجاذبات التي ساهمت وبحدود كبيرة في اختبار قوة الطرفين وفي اكساب المالكي مزيدا من الحلفاء ، وفي الهاء الشارع بقضايا اخرى ليس من مصلحة المالكي والبرزاني تسليط الاضواء عليها ، كالفساد الطافح في بغداد واربيل ، وتركز سلطتهما فيها ، والتغطية على تدخلهما الصارخ بالشأن السوري .

مدخل التوافق القادم بين المالكي والبرزاني سيأتي عبر تمرير قانون موازنة عام 2013 في مجلس النواب ، والتي يحرص الاقليم على ان لا تتراجع حصته فيها عن 17 بالمئة ، هذا الرقم الذي يعتبر تجاوزا على النسبة الحقيقية التي يستحقها الاقليم والمقدرة بحوالي 13 بالمئة ، وعليه فان تمرير الموازنة سيتم بصفقة قد تعالج بعض المشاكل الجانبية القائمة اما المشكلات الحقيقية فانها ستبقى بلا حلول حتى يحل وقت يستطيع فيه احد الطرفين فرض حلوله على الاخر !

لا يستطيع المالكي تغيير جوهر معادلة الحكم القائم في العراق الا بانسجام هذا التغيير مع ارادة قوى خارجية مؤثرة في الوضع العراقي ، ومن هنا تنعدم حاسته الوطنية ، وفي هذه الحالة فان ايران وامريكا هما المقصودتان ، اما التغيير بشكل الحكم القائم فانه يستطيع تحقيقه بحالات عديدة منها ، حصوله على تفوق نيابي يجعله قادرا على تشكيل حكومة اغلبية تحصر القوى الاخرى بخانة المعارضة وتستبقي التمثيل الاسمي للمكونات في بعض المناصب الرمزية ، وايضا من خلال رسم خارطة جديدة للتحالفات القائمة بحيث يضم تحالفه كل المنشقين والمعارضين من التحالفات الاخرى ، ليكون بالتالي حلفا جديدا يتبنى نهجه السلطوي ويتصدى للطموحات السلطوية للتحالفات الاخرى القائمة .

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا