<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي لا حدود لدولة البرزاني !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

لا حدود لدولة البرزاني !

 

 

جمال محمد تقي

 

بمقتضى الظروف يحدد السيد البرزاني حدود اقليمه المتشبه بحكم الدول غير المعلنة ، ويبدو انه لا يجد سبيلا لتحقيق  مشروعه الانفصالي هذا الا باضعاف الكيان العراقي برمته وجعله قابلا للتمزق عبر تضخيم الهويات الثانوية ، الطائفية والقومية ، على حساب الهوية الوطنية العراقية ، وعنده لا تكون دولة كردستان جاهزة الا اذا ضمن حكمه عليها بحيث لا يغالبه فيه غلاب ، فحدود الاقليم الحالية التي لا تناسبه ، وهو لا يريد ان يكون عبارة عن محافظ بصفة رئيس ، كما يماحكه خصومه ، انما رئيسا لثلث مساحة العراق ، على اعتبار ان العراق لا يقبل القسمة الا على ثلاثة ، السنة والشيعة والكرد ، ومن هنا يأتي اصراره على ضم كل مساحة محافظة كركوك ، اضافة الى ثلث مساحة محافظة نينوى ونصف مساحة محافظة ديالى وربع مساحة محافظة صلاح الدين ، اما مستقبلا فسيكون مستعدا لمطالبات جديدة تصل مساحاتها لشمال واسط وبغداد وربما محافظة ميسان الجنوبية ايضا ، على قاعدة خذ وطالب !

اصدر السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان العراق ، الاسبوع الماضي ، قرارا يدعو لاستخدام عبارة المناطق الكردستانية خارج الاقليم بدلا عن عبارة المناطق المتنازع عليها كرد فعل منه على استخدام المالكي لتسمية تلك المناطق بالمختلطة ، والتي تشمل كركوك وخانقين ومندلي ومعظم قصبات سهل نينوى وبعض النواحي الشمالية من محافظة صلاح الدين ، والتي يطالب الاقليم بضمها اليه باعتبارها مناطق ذات اغلبية كردية ، وجاء في ديباجة القرار الذي فسره المتحدث الرسمي باسم رئاسة اقليم كردستان السيد اوميد صباح ، بان غرض صدوره هو لدحض التوصيف الجديد الذي يريد المالكي تمريره بهدف التجاوز على حقيقية دستورية تقر بضرورة معالجة الوضع الاداري الشاذ الذي تعيشه تلك المناطق المتنازع عليها بين الاقليم والمركز .

 تبرر رئاسة اقليم كردستان القرار الاخير القاضي بحسم عائدية المناطق المتنازع عليها الى كردستان العراق ، كوسيلة ردع منها لمحاولات حكومة المالكي القفز على هذا الحق بتوصيفات وتسميات لا تروق لها ، كما ورد مؤخرا في بيانات الناطقين باسمه ، كعبارات المناطق المختلطة ، او مناطق التماس ، ورئاسة الاقليم هنا تمنح نفسها حق الحسم هذا من دون وجه حق لان عبارة التنازع ذاتها تقتضي اتفاق اطرافه على صيغة حل ما ، وليس انفراد طرف به .

الخلاف المتصاعد بين رئاسة حكومة المركز والاقليم لم يكن اصلا بخصوص مايسمى بالمناطق المتنازع عليها ، فالاوضاع في هذه المناطق لم تشهد تطورات جديدة تثير المزيد من الخلاف عليها ، فمنذ عام 2009 وحتى وقت قريب جرى الاتفاق على اسلوب الادارة الامنية المشتركة بين قوات الجيش الاتحادي والبيشمركة وتحديدا في نقاط التفتيش التي تشرف على مداخل ومخارج تلك المناطق وتحت اشراف الحكومة الاتحادية ، اما الامن الداخلي فاتفق على جعله من اختصاص الشرطة المحلية التي تتبع اسميا لوزارة الداخلية الاتحادية وتدار فعليا من قبل المجالس المحلية ، وكان للقوات الامريكية دور الراعي الميداني لتنفيذ هذه الاتفاقية التي حافظت ولو شكليا على بقاء الحالة الامنية على ماعليها ، على الرغم من اتساع رقعة التغلغل الامني الكردي داخل هذه المناطق بواسطة التنظيمات الكردية المدنية والعسكرية المتمددة من الاقليم اليها فالاسايش وهي جهاز امني استخباري كردي له شقين احدهما يتبع لحزب البرزاني واخر لحساب حزب الطالباني يشرف عمليا على اغلب مفاصل الاجهزة المحلية في هذه المناطق ، ومقار الاحزاب الكردية في المناطق وخاصة حزبي البرزاني والطالباني بمثابة قواعد ثابتة للتعبئة والتنظيم والتخابر والتسليح والضغوط ، وعناصرها مسلحة بافضل من قريناتها في مقار الاحزاب الاخرى ، ويعتمد حزبي البرزاني والطالباني على سياسة الاستعداد المسلح ، من خلال تسليح المنتسبين والموالين لها ، واعتبار ذلك واجبا قوميا تحتمه طبيعة الهدف شبه المعلن والقاضي بضم هذه المناطق اجلا ام عاجلا الى الاقليم ، واذا ما اخذنا الواقع الديموغرافي بنظر الاعتبار وخاصة في المناطق الملاصقة لحدود الاقليم فاننا سنجد سيطرة لوجستية امنية وعسكرية كردية على اغلب هذه المناطق ، اما الجيش الاتحادي فان تواجده على شكل قطعات ثقيلة خارج المناطق المأهولة وعلى تخومها من جهة الجنوب فقط ، حيث تنعدم امكانية احاطته بها قد قلل من فاعلية دوره الميداني وشل قدرته في التغلغل الاستخباري داخل تلك المناطق وعلى حدودها مع الاقليم  .

بعد اتمام عمليات انسحاب القوات الامريكية في ديسمبر 2011  من مناطق سهل الموصل و كركوك وصلاح الدين اخذت قوات البيشمركة زمام المبادرة للتحكم في المناطق المتاخمة لحدود الاقليم وتلك المشرفة على مايسمى بالمناطق المتنازع عليها ، وهذا ما زاد من قدرتها على الانتشار، خاصة وانها تتسلح من مصادر متعددة منها الاسلحة الثقيلة للجيش العراقي السابق واسلحة امريكية زودهم بها الجيش الامريكي اثناء عملية غزوه للعراق ، واخرى زودتهم بها اسرائيل وبصفقات غير معلنة .

 لقد عززت تماهيات رئيس اقليم كردستان مع المواقف التركية ازاء حكومة المالكي وازاء تطورات الاوضاع في سوريا وانسجامه التام مع التمحور التركي الامريكي الاسرائيلي السعودي القطري ازاء المحور الايراني السوري ، من مبررات دعمه سياسيا وعسكريا خاصة وانه قد فتح الباب على مصراعيه امام الاستثمارات الاجنبية وبتسهيلات متناهية وتحديدا في مجالات النفط والغاز وذلك لضمان دعم لوبياتها السياسية له في صراعه الانفصالي القادم ، فتدريب وتسليح بعض الاطراف الكردية من المعارضة السورية ودفعها عبر الحدود لانجاز مهمة اسقاط نظام الحكم السوري جعله لاعبا اقليميا يعاكس قلبا وقالبا نهج وسياسة الحكومة الاتحادية التي يفترض انه احد مكوناتها ، وهذا ما جعل حصوله على المزيد من السلاح والدعم الاستخباري والتدريبي امر يسير اقليميا .

لم تكن خطوة المالكي باستحداث قيادة عمليات دجلة والتي هي عبارة عن هيئة قيادية لربط قوات عسكرية منتشرة في مناطق متقاربة ، كركوك وديالى وصلاح الدين ، اعلان حرب او التخطيط لها بالضد من تواجد قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها ، وذلك لان مثل هذه الخطوات كان المالكي قد نفذها سابقا بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة وهي من صميم اختصاصه ، فاعادة هيكلة القوات وتحديد مناطق عملها وتنويع تشكيلاتها واحدة من مهامه ، خاصة وان الاوضاع الامنية تشهد اهتزازات واختراقات بين الفينة والاخرى ، وسبق للمالكي ان شكل قيادة عمليات بغداد والفرات الاوسط ونينوى والبصرة ، ومن بمكان المالكي يسارع الى تعزيز هيكلة القوات المسلحة مع تسارع الاحداث بالجوار العراقي خاصة وان هناك مخاطر من تداعيات الحالة السورية على العراق .

صفقات السلاح التي عقدها المالكي مع الامريكان او مع الروس او مع الجيك او غيرهم وبرغم كل الملاحظات الفنية والمالية التي يمكن ان تعتريها لكنها تعبر عن حاجة حقيقية لتسليح الجيش العراقي الذي لم يترك له الامريكان غير ماخف وزنه ورخص ثمنه ، وبهذه الحالة لا يحق لرئاسة الاقليم تفسير اي خطوة تسليحية وكانها موجهة بالضد منها ، وحتما لا يحق لها الاعتراض وبهذه الطريقة الفجة التي تنم عن روح عدائية مبيتة لا تريد تقرير مصير الاقليم وحده وانما العراق كله ، لدى الدول الاخرى التي ينوي العراق شراء سلاحه منها .

المالكي زار كركوك لعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء تتناول احتياجات المحافظة وهو قد زارها دون ان يأخذ موافقة رئيس الاقليم لان المحافظة ليست من اختصاص ادارته بل هي من صميم اختصاص المالكي نفسه كون كركوك محافظة تابعة للمركز مباشرة ، اما زيارة البرزاني لكركوك فهي تحمل كل معاني الاستفزاز والتصعيد لان كركوك ليست جزءا من الاقليم الذي يحكمه البارزاني ، ثم انه زارها لتفقد قوات البيشمركة ، ويبدو كان حريصا على يظهر اثنائها مع ابنه الذي كان يرتدي الزي العسكري وبكامل قيافة الاستعداد القتالي !

كل الذي تحدثنا عنه لم يكن الا نتائج معلنة لاسباب غير معلنة عن الخلاف الحقيقي بين الاقليم والمركز ، والذي ابتدأ حصريا مع الخلاف حول شرعية او عدم شرعية عقود النفط التي ابرمها الاقليم مع شركات النفط ، ومر وسيمر كل عام بحجم حصة الاقليم من الموازنة العامة ، فالخلاف الحقيقي يكمن في رفض البرزاني الانصياع لشروط الدولة الاتحادية التي قبل بها نظريا لكنه عمليا يجد في تطبيقها تحجيما لما هو عليه الان ، فهو لا يريد مثلا ان تخضع قوات البيشمركة لامرة وزارة الدفاع الاتحادية ، لكنه يريد من الوزارة ان تتولى دفع مخصصاتهم وتسليحهم ، وهو ينظر الى المستقبل القريب بمنظار انفصالي نصفه معلن والاخر مستتر تحت عباءة الفرصة المؤاتية والتي لا بد ان تكون قادمة مع اي حرب اهلية واقليمية تيسر عمليات الفصل الطائفي والقومي وتجعله امرا مبررا بحكم الامر الواقع الذي لا يشكل حالة نشاز مع عموم الوضع الاقليمي .

قرار البرزاني باستبدال عبارة المناطق المتنازع عليها بعبارة المناطق الكردستانية خارج الاقليم ، هو كالعذر الاقبح من الذنب ، فعبارة المتنازع عليها ، ذنب ، لانها  لا تصح الا بين الدول التي تختلف وتتنازع على مابينها من حدود ، اما الاقبح فهو القول بكردستانيتها لانه يصادر مقدما حق الرأي الاخر،  وهو يضع نفسه بمكانة الخصم والحكم ، حيث يقرر وما على الاخرين الا السمع والطاعة .

قال احد الاعلاميين بان تغيير عبارة المناطق المتنازع عليها ، وهي عبارة بريمرية بامتياز ، اصر الاكراد على تثبيتها في الدستور ، الى المناطق المشتركة ربما يتناسب مع المناخ الجديد الذي خلفه الانسحاب الامريكي ، اما تغييرها الى عبارة المناطق الكردستانية خارج الاقليم ، فيعكس حالة حنين لاحتلال امريكي عسكري جديد ، تعليق هذا الاعلامي جاء بعد سماعه ، بخبر تقدم الجانب الكردي لمقترح استخدام قوات امريكية لحفظ الامن والحدود في المناطق المتنازع عليها بين المركز والاقليم !

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا