<%@ Language=JavaScript %> صلاح حسن الموسوي الزبونية السياسية في العراق

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الزبونية السياسية في العراق

 

 

صلاح حسن الموسوي 

 

 لم يحظ مصطلح ( الزبونية السياسية) بحقه في توصيف النظام السياسي العراقي , قياسا بتوصيفات ( المحاصصة ) و(التبعية) و(الـفساد) التي شاعت في الأدبيات السياسية العراقية ولم يؤد كثرة الخوض بها من قبل الناقدين للنظام السياسي الجديد من زحزحة العراق من موقعة كبلد يشيع فيه الفساد ويعاني من هشاشة السيادة الوطنية والأنكشاف الواضح للتدخلات والأطماع الدولية والأقليمية  , ومن جهتها حافظت البنى القرابية والطائفية على صلادتها وقوتها في تصدير الطبقة السياسية الى الحكومة والبرلمان وتهميش دور الكفاءات المستقلة في الإسهام ببناء الحكم الرشيد ,. ويعود الغياب في التشخيص لأهمية آلية ( الزبونية السياسية ) في تحليل المشهد العراقي الراهن الى التشوهات في الثقافة السياسية العراقية بسبب التخريب الممنهج من قبل النظام البائد وحرصه على قطع الصلة بين هذه الثقافة وعلوم هامة كعلم الاجتماع وعلم النفس والجدل والديالكتيك الفلسفي , اضافة الى انشغال المثقفين والمحللين السياسيين العراقيين بظاهر القوة للطائفة والعشيرة في العملية السياسية وعدم التركيز على عامل ( المال )الذي يعد أوكسجين الزبونية السياسية . والذي حرصت الولايات المتحدة على اعتماده في توحيد الطبقة السياسية العراقية عبر نظام الرواتب العالية للمسؤولين ومواربة باب الفساد المالي والإداري للسماح لهؤلاء قي جني الأموال وتوحيد المصلحة بين المسؤولين والقادة المنقسمين عموديا على أساس طائفي وعرقي .

(يعود منبت الدراسات الحديثة حول الزبائنية السياسية المعاصرة الى الجامعات البريطانية، وقد امتد هذا الاهتمام الى الجامعات الأمريكية وكانت معظم هذه الدراسات حتى السبعينيات ذات طابع انثروبولوجي محض، يركز على المجال الاجتماعي الريفي أو المتخلف، أما دراسة علاقة الزبائنية بالنظام السياسي فهي حديثة نسبياً وتحليلاتها سطحية)[1]. ولكن بشكل عام تعرف الزبونية (بتوزيع الموارد والنفاذ الى مصادر السلطة الرمزية ("الدولة"، "الدين ,. ..") من خلال آلية مستندة الى الولاءات الشخصية التي يتم نسجها عبر المؤسسات القائمة، فهذه الآلية ليست بمؤسسية في حد ذاتها، كما أنها ليست حكراً على أبناء قبيلة أو طائفة بعينها،  وبتعبير مختصر فان الشعار الأكثر تمثيل للزبونية هو (خذ من هناك واعط هنا),  وعلى صعيد الطبيعة العالمية للزبونية يبرز مفهوم (الشبكة الاجتماعية) كقاعدة تبنى عليها العلاقات بين (الأصدقاء السياسيين) وبحسب وصف يوسفان (تشبه الشبكة الاجتماعية من الناحية البيانية التخطيطية دائرة اتصالية، تحدد هذه الدائرة كيفية تواصل بعض الأشخاص بطريقة معقدة ولكن دون ذكر كيف يجب أن يتواصلوا، وتكون الرسائل داخل هذه الشبكة عبارة عن صفقات بين أفراد خاصين).وهنا تعد  وسائل العولمة المتطورة  ( فيسبوك , تويتر) وكذلك ( الفضائيات ) عاملا اساسيا في تمدد الزبونية وتمركزها خصوصا عبر وسائل الأعلام التي تجعل من هذا المثقف او المحلل السياسي زبونا دائما لهذه القناة التي تروج لسياسات الدول او الأشخاص الداعمين لهذا الموقع الأ لكتروني او تلك القناة الفضائية .

في العراق لعب امتلاك عدد لا يستهان به من السياسيين الفاعلين لجنسيات أجنبية دوراً في الانضواء ضمن شبكات اجتماعية مع الخارج ساهمت في استزلام السوق العراقية للبضاعة الأجنبية الرديئة وإهمال التطوير الصناعي والزراعي، كذلك التصدي في البرلمان لقانون (التعرفة الجمركية)، وبروز قضية ( التمويل الأجنبي) كحاجز منيع امام محاولات سن قانون ينظم شرعية عمل الأحزاب السياسية , وبخصوص الفساد المستشري فقد تأسست اكبر عملية للسرقة في العراق إبان توزير حازم الشعلان للدفاع عام 2004 على زبونية مباشرة بين المسؤول الأول عن العقود في الوزارة وجمهورية بولندا التي يحمل هذا المسؤول جنسيتها، والذي جاء بتعيين من السلطة الامريكية المحتلة لتثبيت زبونية العراق لأسلحة دول اوربا الشرقية المنضوية في حلف ( الناتو ).

إن  أوضح تمظهرات الزبونية السياسية في دول العالم الثالث توجد في النشاط الانتخابي , وبسطوة الرئيس على الأعضاء الحكوميين والحزبيين حيث يتحول جهد هؤلاء لإرضاء ما يعتقدونه وليا لصعودهم السياسي على حساب الخدمة العامة, وهنا تتمظهر الزبونية بصورة مركبة حيث يتحول (الوكيل ) الى زبون, فبشكل عام تقوم العلاقة الزبونية على وجود الزبون (الزليم) والوكيل ( المعزّب) حيث يقدّم الزليم المساندة والدعم غير المشروطين لمعزّب يستفيد من المساندة والدعم المذكورين للترقي وتوسيع مجال السلطة والفعل, ويوفر بالمقابل خدمة لزليمه التابع له لكنها عادة ما تكون اقل قيمة من الخدمة التي حصل عليها وتتمثل في بعض حظوظ الصعود في سلم التراتب السياسي, ومقارنة بين الصيغة الزبونية السائدة في النظم السياسية لدول العالم الثالث ونظيراتها في العالم الغربي, تقترب الأولى من الطابع ( المافيوي) في حين تتخذ في الغرب هيئة (لوبي أو جماعة الضغط ), وتنضوي الأنساق ( الطائفية ) و( العشائرية ) و( الأبوية) و( التبعية ) و( الطفيلية ) و( الفساد) في المحتوى الزبوني الاستبدادي العالم ثالثي , بالمقابل تعّبر اللوبيات في الغرب الديمقراطي ( عن الشبكة الكبيرة من العلاقات السياسية والاقتصادية والبيروقراطية المتماسكة بين صقور السلطات الثلاث ' التنفيذية والتشريعية والقضائية" من جهة , وكبار المقاولين والمتعهدين وممثلي الشركات النفطية من جهة أخرى, عبر تبادل الخدمات والخبرات والمعلومات والصفقات والتعاقدات ويقف خلف هذه العلاقات عدد كبير من الخبراء والباحثين الذين يعملون في مراكز وبحوث ودراسات متعددة , كما يتميز اللوبي بعلاقات وطيدة مع وسائل الأعلام والقوى والمراكز الاقتصادية والمالية في العالم , والجماعات الضاغطة ظاهرة ولدّها عصر الاحتكارات الرأسمالية والشركات متعدية الجنسية والنزوع الى السيطرة وسلعنة الطبيعة والخصخصة )2 .

يشبه الفساد والزبونية السياسية التوأمين السياميين في الدول المنتقلة حديثا من النظام المركزي الى نظام التعددية السياسية وحرية السوق , وفي الحالة العراقية أشرفت قوات الاحتلال على نمط جديد وواسع من الفساد اعترفت به الدوائر العليا في واشنطن عبر لجان التحقيق المختصة بتقصي اثر ( 6و6) مليار دولار اختفت من أصل الأموال العراقية التي كلفت الولايات المتحدة بإدارتها في العامين 2003-2004, وبعد خروج هذه القوات استمر التعفن بمس جميع مؤسسات البلاد بسبب عدم  احترام القوانين ومنع أجهزة الرقابة من ممارسة عملها, أما على صعيد الحلول فعادة  ما تطلق نداءات تفعيل نشاط  المجتمع المدني كوصفة سحرية في مجابهة مثالب المرحلة الانتقالية  والدعوة إلى الحوكمة المحلية ( التي هي على الرغم من كونها نتيجة لاجتهاد المفكرين الغربيين, إلا أنها تتميز بمجموعة من الأسس والخصائص التي تجعلها قابلة للتطبيق في جميع الدول بأشكال مختلفة , وهو ما يمكنها من مكافحة ظاهرة الفساد والتخفيف من حدة انتشاره نظرا لكونها تقوم على المقاربة التشاركية التي تسمح لفواعل عدة الى جانب الحكومات الوطنية والمحلية مساءلة ومراقبة أداء الوحدات المسؤولة عن تقديم الخدمات وتحقيق التنمية والرفع من مستوى كفاءتها بمساعدتها على القيام بمهامها)3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2- سلام ابراهيم عطوف – مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق-

3-بوحنينة قوي – الحوكمة المحلية كآلية لمكافحة الفساد

 

 

 

 

 

 ان الزبونية كظاهرة سياسية لها جذر اجتماعي, تستدعي وسائل مكافحتها والتقليل من اضرارها, المطاردة في حواضنها الأجتماعية  باعتبار  الزبونية تنم عن إفراز لمسار كامل من التنشئة الاجتماعية التي تحاول أن تضفي المقبولية القانونية عليها.الأمر الذي يستدعي تغليب النمط العلائقي المدني والقانوني للدولة على حساب الأنماط القبلية والطائفية اللاعقلانية,وخلق الشعور الايجابي لدى الفرد تجاه الدولة التي تؤدي الدور الحاسم في إدارة شؤونه . وفي العراق يعني النجاح في تحجيم الزبونية السياسية المنتشرة كالنار في الهشيم, منح الشرعية ( المشكوك بها) للنظام السياسي الجديد عبر اعادة السلطة للشعب, وتسيس امور الناس والدولة بعقلية مدنية تؤمن بفطنة هؤلاءالناس ووعيهم, بدل واقع الحال , الذي احكم فيه سير  العملية السياسية وتوابعها الحيوية والستراتيجية , في دائرة مفرغة اهمل به الرأي العام بشكل شبه تام , وبات الشغل الشاغل حفظ مصالح الطبقة الحاكمة عبرادامة المحاصصة الطائفية وانتهاك حياد القضاء وتسيس البنية القبلية,والألتفاف المستمرعلى استحقاقات ( المواطنية ) من خلال تطيير  بالونات ( الشراكة ) و( حكومة الأغلبية ) و ( ورقة الأصلاح )..................

 

 

 


 


[1] - الزبائنية السياسية والاجتماعية في عصر الديمقراطية: فضيل دلبو/ المجلة العربية للعلوم السياسية.

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا