<%@ Language=JavaScript %> صالح حسين حكايات فلاحية: آه يا ريحة هلي!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

حكايات فلاحية: 

 

آه يا ريحة هلي!

 

 

صالح حسين

 1 / 10 / 2014

ملاحظة: بمناسبة عيد الأضحى المبارك ( 2014 ) يسرني أن أقدم أرق وأطيب التهاني إلى كافة الصادقين بمعتقداتهم الدينية وأنتماءاتهم المبدئية والوطنية...اعاده الله على الجميع بالصحة والموفقية...وبالمناسبة هذه الحكاية مهداة إلى شقيقتي ( أم سعود ) أطال الله بعمرها.

لاأعرف لماذا تأتي فكرة الكتابة رغم بساطتها في ( حكاياتي الفلاحية ) في ثلاث مكانات تختلف في المكان والزمان...هي: أثناء حلاقة ذقني مما اضطر للتوقف وتدوين الجملة أو الكلمة، وأعود ثانية لصابون الحلاقة والفرشاة من جديد ، والثانية هي: أثناء وجودي في الحمام، أجلكم الله، وهنا أضطرأيضاً للبحث عن قلم وورقة، فلم اجدهما والنتيجة نسيان ما كنت أريد تدوينه، أما المكان الثالث فهو: عندما أطفأ الضوء وأضع رأسي على ( المخدة - الوسادة ) للنوم...هذه الأمور وخصوصاً الأخير منها سببت لي كثيرا من المتاعب في البيت، مما أضطرّ العائلة وخصوصاً الأولاد، إلى أن يخصصوا لي غرفة على شكل ( مكتب ) يشبه لحد ما مكتب ألـ( مختار ) بعد موافقة من أم سارة على مضض، أو بالأحرى بعد أن حيدوها عاطفياً، وقد يكون بايعوها الخلافة، ولاأدري ربما كانت حكيمة أكثر مني حيث قالت: هذه خلافات عراقية / عراقية ممكن حلها وتجاوزها بطرق الحوار، وأضافة: بعدما تتوصلون إلى حل، أنا عازمتكم على طنجرة ( مجدّرة ) مع ( مخلّل ) وللعلم أن ( الطنجرة ) هو( الجدر ) و( المخلّل ) هو ( الطرشي ) و تتكون ( المجدّرة ) من التمّن والعدس الأسود، وهي من الأكلات الشعبية المشهورة في بلاد الشام، والمشابه لها في العراق ( تمّن وماش ) حاولت أن  أبرز عضلاتي في القانون السويدي، ولكني تذكرت أولويات هذا القانون حيث يقول: الأولاد، النساء، الكلاب ورابعهما الرجال، وبما إني رجل (علماني ) تقبلت الموضوع بكل رحابة صدر، والسؤال هو: ماذا يقول أصحاب السقيفة والدجالين من بعض الأسلاميين الذين يسجدون لجميع الأتجاهات السياسية.

 ومع نفسي قلت : حيل وياك، خليك مثل ( المختار ) عندما تختصر مهمته على تسجيل  حديثي ( الولادة ) و (الوفيات) ...تمت العملية بطريقة أنتخابات ديمقراطية، بعيدة عن البند السابع، لاحضر جوي، ولا بطاقة ذكية، وكانت النتيجة ( 5 ) مقابل واحد، وواحد ( متحفض- ورقة بيضاء) وعلى ما أعتقد هي ورقة أم سارة، والحمد الله، لأول مرة لم يتدخل ( أوباما ) ولا بيته الأبيض، حيث كنت محتل "  90% " من مساحة الصالون ( المكتبة، جهاز الطباعة، آلة الكتابة والتصوير، وراديو ( F M  ) أستيقظ أحياناً الساعة الواحدة أو الرابعة صباحاً، وهناك أمور أخرى مثل: أن يرن الهاتف في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر بسبب التوقيت المختلف بين الدول وربما بسبب سماع أغاني الفنانة فيروز مثل: ( يشادي ) من " غبشة " الصباح، حسبالك شيخ عشيرة مفلس، يعد الخطوات ذهاباً وأياباً في المضيف بدشداشته ومسبحته، ولا أدري ربما مثل هذه الأمور تأتي بسبب كبر السن، أو بسبب دكتاتورية ما، رافقتني من ثقافة سياسية قديمة أختلفت مفرداتها حسب مفهوم السياسيين للزمان والمكان...الخ.

مثلا: العنوان أعلاه تذكرته قبل عيد الأضحى ( 4/10/2014 ) عندما اطفأت الضوء الساعة ( 10 ) ليلاً، ووضعت رأسي على ( المخدة ) وبعد دقيقة، رجعت أفكاري إلى أكثر من خمسين عاماً بأثر رجعي وتذكرت ( أمي ) رحمها الله، وقفتها على التنور وكأني أراها اليوم بكل بساطتها ورقتها وحنان قلبها، ومن الطبيعي أن حالة الأمومة غريزياً ترتبط بجميع الكائنات الحيـّة، حاولت أن أنسى أو أتناسى وأرقد للنوم ولم أفلح... فزعت من نومي وكتبت ( العنواه أعلاه ) فقط، ورجعت ثانية للنوم، بعد أن تأكدت من أطفاء الضوء، بعد دقيقة تململت من جنب إلى آخر فلم أستطع النوم، وقلت من الأفضل ان أكمل فكرة الموضوع، بعدما كان عنوانه أمامي...تذكرت جميع الأمهات والأخوات ومنهم شقيقتي ( أم سعود ) ادعو لها من الله الصحة والعافية، حيث قبل ايام معدودة وصلتني ( الصورة ) المرفقة وهي تلوح وتسلم عليَّ بيدها... تذكرت إشارتها تلك، عندما غادرت العراق عام ( 1977 )، في وقت متأخر من الليل، كان ( يوم - ليلة ) زفاف أخي الأصغر ( ابو طيف ) وعقيلته ( أم طيف ) أطال الله بعمرهما، ودعتني ( أم سعود ) وهي لاتعرف وجهة سفري، وتردد مع ابتسامة جميلة، قائلة: إذا صارت عندك فرصة... كان ذلك قبل ( 36 ) عاماً، واليوم هي واحدة من النسوة العراقيات الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن في الحروب العبثية، حيث أستشهد زوجها ( أبو سعود - فليح حسن ) وبترت ساق أبنها ( أبو وسام - فرهود فليح )  وكذلك أستشهد أبناء عمومتها ومنهم أزواج شقيقاتها ( أبو فارس - وحيد سرحان ) و( أبو أياد - جبار حران) وشقيقه ( لفته حران ) أثناء الحرب الأيرانية العراقية، في الثمانينات من القرن الماضي، بعد ذلك قتل ولدها الأصغر ( وسام ) بخلافات عشائرية، رحمهم الله جميعاً، وبما إنها هي الكبيرة في العائلة تحملت العبء الأكبر بما أصاب أهلها، إلا إنها أصرّت على تمسكها بالأرض وتعليم أبنائها، منهم من أصبح ( أستاذاً- مدرساً ) وآخر ضابطاً في الجيش العراقي، بعدما تخرج من الكلية العسكرية قبل عشرة سنوات، وقبل أشهر منح رتبة ( نقيب )، وما تبقى من أولادها لديه تحصيل دراسي...  ما أريد التأكيد عليه هو: دور الأم العراقية في الشدائد وما أكثرها في العراق القديم والجديد، تذكرت الجميع وخصوصاً عندما تم تدمير البنية التحتية في العراق، وقلة الوقود أيام الحصار في التسعينات من القرن الماضي، وكذلك أيام حرب الخليج ( 1991 ) وتذكرت بمرارة أحتلال العراق وتدمير مؤسسات الدولة... تذكرت حكاية، قيل إنها كانت تدور بين الجيران وربما في جميع البيوت العراقية هي: أن فلانة من عموم ( الناس – العراقيات ) قد ماتت لأنها أشعلت التنور وقت ( الغروب ) فظنه الطيار الأمريكي، إنه بئر نفط، فضرب البيت بصاروخ جديد للتجربة، ماتت تلك المرأة ولم يمت ( تنورها ) ...إنه تنورالمحبة بين العراقيين وشعلته التي تعني للأجيال الوطنية الثورة والبناء!

إلى الذين لايعرفون التنور، فقد تذكرت جميع تفاصيله أثناء تلك الليلة فهو: يشبه ( برميل ) النفط، لاسامح الله، لكنه مصنوع من الطين ( الحرّي – الأحمر ) له مساند جانبية وعلى ما أعتقد إسمها ( تبّه ) لغرض وضع ( المعجنة ) العجين، وكذلك له فتحتين متقابلتين من الأسفل تسمى ( رواج - وجار )، ويسمى ( الماء ) الذي يسهل عملية الخبز، ويخفف من حرارة النار ( البلالة )، كثير من النساء وخصوصاً في الريف، يلبسن ملابس أنيقة ومنها العباية بشكل ( وزرة ) والعصابة ( الجرغد ) والشيلة، واللفلوفة... إضافة إلى ( الوردة والخزامة ) أثناء الخبز، لكي تعطي منظراً ساحراً لمن يتذوق الجمال والحياة من عموم المارّة... والأسم المرادف له في المدن الأوربية وربما في جميع العالم هوألـ( فرن ) أي ( التنور ) ويخرج الخبز منه بحجم حسب الطلب، مستديراً وخفيفاً وذا نكهة خاصة، خصوصاً في الصباح، حيث الكباب أو الكـَيمر العراقيين، إضافة إلى أستكان الشاي الذي وضع على صحن مستدير  مشيّف يسمى في مناطقنا ( ألعنبكي ) وأكثر من يستخدم التنور هم أهل القرى والأرياف، حيث أن وقوده من أردأ أنواع الحطب! ولا يحتاج إلى ميكانيك أو ( حل وشد ) كما هي ( أفران ) و( تنانير ) البيت الأبيض الأمريكي الذي ( حطبه وناره ) من أجساد الفقراء من البشر على أختلاف مذاهبهم وقومياتهم وأنتماءاتهم، ونحن لا نحتاج إلى فلسفة من السياسيين المتعبين ولا من بعض المثقفين المنتفخين بالتنظير ولا نحتاج إلى التدخل السريع من حلفاء وعملاء وأصدقاء امريكا، ولا فتاوي النكاح الأسلامي الحلال للتصديق! ملاحظة: بعض المفردات التي ذكرتها والمتعلقة بـ( التنور) تختلف في المحافظات العراقية بالتسمية!

مربط الفرس: بماذا تغزل الفنان الراحل ( ناظم الغزالي ) حيث قال:

يم العيون السود ما جوزن أنـــا                        خدج الكـَيمر أنا أتريك مـــــــنه

لابسة الفستان وقاتلتني أنـــــــــا                       حلوة مشيتها دتمشي برهدنــــه 

لو تحب خادم خادمــــــــــــها أنا                       لكنس الموقد وأعوف الزنــكنـة 

واكـَـــفه بالباب تصرخ يا لطيـف                     لاني مجنونه ولا عقلي خفــــيف 

من وراء التنور تناوشني الرغيف                    يا رغيف الحلوة يكفينــــــــي سنة

أما مفسروا الأحلام فقد قالوا : من رأى ( تنور النار) في منامه، أي أنه يوقد تنوراً فإنه ينال ربحاً في ماله ومنفعة في نفسه... وغنـّت المطربة السورية ( ساريه سواس ) من مدينة ( تلكلخ / حمص ) وقد أشتهرت بالأغاني الشعبية، ومن أغانيها:

والله لسكن بيت الشعر وماريد قصور............   مشتهيه شرب كهوه وخبز تنــــور

أخيراً: آه يا ريحة هلي، كثيرة هي التساؤلات ...من قتل تلك المودة بين الناس؟ من غلّف عقولنا بطبقة من الحقد والكراهية؟ من مسح من قلوبنا روح المحبة والتسامح؟ من خطف البسمة من شفاهنا ؟ من قذفنا وسط جحيم التوتر والقلق، ومن احرقنا بـ( تنور) الدنيا من قادتنا العرب والمسلمين؟ 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا