<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني لماذا يجب ان نقف ضد مشروع القرار المقدم لمجلس الامن؟ (1)

 

 

لماذا يجب ان نقف ضد مشروع القرار المقدم لمجلس الامن؟

 

 (1)

 

 

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

 

عندما اعود بالذاكرة الى بدايات اتفاقية وتفاهمات أوسلو السيء الصيت والتداعيات والتي جلبت لنا الكوارث التي نمر بها الان في الوضع الفلسطيني، يراودني النقاشات الحامية التي كانت تدور حول هذه الاتفاقية وتفاهماتها التي حيكت من وراء منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل المنضوية تحت مؤسسة اعتبرت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منذ تأسيسها. واليوم وبعد مضي ما يقرب من ربع قرن نجد ان المشهد والممارسة تتكرر من حيث ان مشروع القرار "الفلسطيني" او " الفلسطيني العربي" صيغ وقدم من قبل حفنة في القيادة المتنفذة والسلطة الفلسطينية المستأثرة بالقرار الفلسطيني بعيدا عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الرغم من خطورة المرحلة. كل هذا تم على ما يبدو بسرية تامة كما كان الحال مع أوسلو سيء الصيت والنتائج الكارثية التي ترتبت عليه. ولنا الحق ان نتساءل كيف تم ويتم تجاوز الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي أصبح يستدعى لتوقيع ووضع الاختام على ما مرر من قرارات او ما قدم من قرارات بدون الاطلاع عليها؟ وحتى عندما تعرض النقاط المتضمنة في القرار تعرض بشكل شفهي دون نسخ مطبوعة مقدمة للذين حضروا الاجتماع الذي عقد بعد يوم من تقديم مشروع القرار لمجلس الامن. وبشهادة السيد قيس عبد الكريم نائب أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كما نشرت في موقع بيلست ( 30-12-2014 ) "ان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مقصاة تماما من المشروع ولم تطلع عليه ولا علم لها بالتعديلات". ولا بد لنا ان نتساءل أيضا كيف يقبل أعضاء اللجنة التنفيذية هذه المعاملة التي لا تنم عن أي احترام لا بل والاهانة الشخصية من قبل السلطة المتنفذة؟ بالطبع نحن لا نتحدث عن أمور شخصية بل عن مستقبل قضية استشهد من اجلها مئات الالاف. ما يدور هو إهانة واحتقار وتجاوز لمنظمة التحرير الفلسطينية.   ويحق لنا ان نتساءل لماذا هذا الاستخفاف وعدم المسؤولية في التعاطي مع القضية؟ أن الطريقة التي تمت بها صياغة القرار والغموض والالتباس والتعديلات التي طرأت عليه من قبل السلطة وعدم نشر مشروع القرار بالكامل من قبل السلطة والتحدث بالعموميات مثل انهاء الاحتلال وتحديد جدول زمني لإقامة الدولة الفلسطيني، اثار العديد من التساؤلات المشروعة في الشارع الفلسطيني والكثير من المخاوف والشكوك حول ماهية القرار وحجم التنازلات، ومن هي الجهة التي كتبت القرار، وما السبب في عدم طرح مشروع القرار على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو على الإطار القيادي المؤقت. ولماذا على الرغم من كل هذا واعتراض كافة الفصائل الفلسطينية على مشروع القرار وادانته ما زالت السلطة الفلسطينية تتصرف وكأن كل هذا لا يعنيها، وعلى ان كل ما يعنيها هو تقديم القرار للتصويت الان والذي "يتوقع" ان يكون الثلاثاء أو الاربعاء بحسب ما ذكره الدكتور صائب عريقات المسؤول عن ملف المفاوضات، الذي رفض بالمناسبة الإفصاح عن التعديلات الثمانية التي ادخلتها "القيادة الفلسطينية" الى مشروع القرار المقدم (بيلست 29-12-2014).

ان القرار المقدم يحتوي على الكثير من التنازلات والصيغ التي احيطت بالغموض بحيث يستطيع كل طرف من الأطراف تفسيرها بالشكل الذي يراه مناسبا وبالتالي إعطاء مزيد من الفرص للاحتلال للتصرف كما يحلو له وبما يخدم مصالحه في تصفية القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي تدريجيا بالمقاسات الإسرائيلية وتحت غطاء أممي عادة ما يكون لغير صالح الشعب الفلسطيني كما اثبتت التجارب العملية. وحتى لا نتهم ان هذا الكلام  يدخل ضمن اطار العموميات سنقوم باستعراض على الأقل بعض ما جاء في مشروع القرار المقدم معتمدين على النسخة التي نشرتها وكالة معا الإخبارية (20-12-2014 ) وكذلك في( 21 ديسمبر Global Research ).

بداية نقول الى ان مشروع القرار يؤكد على ان الحل يجب أن يكون من خلال التفاوض، وهذا بالطبع يستدعي العودة مرة أخرى الى المفاوضات المباشرة بين الطرف الإسرائيلي والفلسطيني المفاوض. المباحثات التي استمرت أكثر من 25 عاما لم تثمر عن شيء لصالح حل الصراع، بل أدت الى تعميق الاحتلال وتجذره والسيطرة والاحكام على الأرض من خلال برنامج مكثف للاستيطان الذي استشرى حيث نرى الان مدنا وضواحي بكامل بنيتها التحتية قائمة على الأراضي الفلسطينية  التي صودرت من أراضي 1967. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي يضمن انهاء الاحتلال في غضون سنة او أكثر، في الوقت الذي لم تكن فيه 25 سنة من المفاوضات كافية لتحقيق ذلك؟ ولنفترض من ناحية نظرية ان المدة "المحددة" انتهت ولم ينتهي الاحتلال ماذا نحن فاعلون والى أي جهة سنتوجه عندئذ؟ مشروع القرار "يشدد على ان الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، وحل جميع قضايا الوضع النهائي، ويحقق التطلعات المشروعة لكلا الطرفين". وهذا يعنى العودة الى الحلقة المفرغة التي ابتدأت منذ بداية أوائل التسعينات لندور في حلقة مفرغة أخرى طويلة الأمد ولا نهاية لها.

مشروع القرار ينص على ان الحل التفاوضي سيعتمد " الحدود التي تستند الى خطوط 4 يونيو 1967". وهذا لا يعني كما يريد البعض منا ان نصدق ان إسرائيل ستنسحب الى حدود 1967. وهذه الصيغة وضعت بهذا الشكل الفضفاض والغامض حتى يتسنى لإسرائيل ان تضم الأراضي التي اقامت عليها المستوطنات في الضفة الغربية، وان يحصل هنالك تبادل أراضي بأراضي (مغتصبة أصلا)، الذي يتيح لإسرائيل ان تتخلص من مناطق في فلسطين المحتلة ذات كثافة سكانية عربية داخل الخط الأخضر ضمن مخطط التطهير العرقي بمظلة اممية.

مشروع القرار يتحدث عن "الترتيبات الأمنية، بما في ذلك من خلال وجود طرف ثالث وعن انسحاب تدريجي وكامل لقوات الامن الإسرائيلية   والتي سوف تنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 خلال فترة انتقالية متفق عليها في إطار زمني معقول، لا يتجاوز نهاية عام 2017". من هو هذا الطرف الثالث يا هل ترى وما هي وظيفته بالتحديد؟ هل هذا يعني وجود قوات اطلسية مثلا في الضفة الغربية؟ هل ستوضع الأراضي المحتلة تحت انتداب أمني أطلسي لضمان الامن الإسرائيلي؟ نذكر هنا بالإصرار الذي ابدته إسرائيل بالبقاء في منطقة الاغوار لا بل ونادى بعض السياسيين الإسرائيليين بضم منطقة الاغوار الى إسرائيل رسميا، كما أشار البعض الى ان هذه المناطق حيوية ومهمة لضمان امن إسرائيل. كل هذا ظهر بوضوح عندما كان السيد كيري يناقش الترتيبات الأمنية الإسرائيلية ضمن خطته التي كان يسعى من خلالها التوصل الى الاتفاق النهائي في مدة تسعة أشهر! وعندها اقترح كيري وجود قوات أمريكية أو اطلسية في منطقة الاغوار لتقوم مقام القوات الإسرائيلية لضمان أمن إسرائيل. وكان رد نتنياهو على المقترح الأمريكي بعدم الموافقة قائلا ان إسرائيل لن تسلم أمنها لاحد. اما الإبقاء على القوات الإسرائيلية مدة ثلاثة سنوات أخرى يعنى ببساطة إعطاء إسرائيل المزيد من الوقت والفرصة لأحداث مزيد من التغيرات والوقائع على الأرض.

مشروع القرار نص على " حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار 194". النص كما ورد يتيح لإسرائيل ان ترفض قرار الأمم المتحدة رقم 194 وهو القرار الذي نص صراحة على ضرورة السماح لعودة اللاجئين الفلسطينيين الى أراضيهم التي طردوا منها عام 1948 او اجبروا على الرحيل عنها ضمن مخطط صهيوني لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، والقرار يدعو الى دفع تعويضات لأولئك اللذين لا يريدون العودة. وهذا حق فردي لا يسقط بالتقادم ولا يحق لاحد ان يتنازل عنه نيابة عن أحد. والحديث عن ان المبادرة العربية للسلام التي طرحت على القمة العربية التي انعقدت في بيروت عام 2002 " وجدت حلا سحريا فيما يتعلق باللاجئين، حلا عادلا ومتفقا عليه حسب القرار 194 " كما جاء في الكلمة التي القاها السيد الرئيس محمود عباس في زيارته الحديثة الى الجزائر (بيلست 24-12 -2104 )، نقول انه ليس حلا سحريا بل حلا يقفز على قرار أممي ويحاول إعطاء الفرصة لإسرائيل للتنصل من تطبيق هذا القرار وذلك لان النص ما هو هدية عربية مجانية قدم كمحاولة للالتفاف على هذا القرار الاممي. والغريب ان اهم قرار يخص اللاجئين ترك الى نهاية النص والقول "بما فيها القرار 194" انما جاءت على ما يبدو لرفع العتب وحتى يمكن الطرف الذي تقدم بالمشروع القول اننا ذكرنا القرار الاممي 194.

ينص مشروع القرار المقدم على اعتبار ان " القدس عاصمة مشتركة للدولتين والتي تلبي التطلعات المشروعة للطرفين ويحمي حرية العبادة". في البداية نتساءل ما هو المقصود بالقدس هنا؟ وما هي حدود هذه القدس التي وردت في هذا النص؟ ان اعتبار القدس عاصمة للدولتين يعني ببساطة الاعتراف ليس فقط بان القدس الغربية هي عاصمة لدولة إسرائيل، بل يعني أيضا إعطاء الحق لإسرائيل السيطرة على كل الأراضي التي صادرتها من القدس الشرقية واقامت عليها الاحياء الكبيرة ببناها التحتية من طرق ومدارس ومستشفيات وجامعات ومواصلات ...الخ، والاقرار بالتغيرات الديمغرافية والجغرافية التي اوجدها الاحتلال لمدينة القدس الشرقية او بالأحرى لمحافظة القدس. ما تبقى من القدس الشرقية التي عرفناها قبل الاحتلال عام 1967 لا يتعدى بضعة شوارع وبضعة احياء حيث تمت عملية الالتفاف على القدس بما يشبه الكماشة قبل البدء بعملية تهويد القدس القديمة داخل الاسوار، الى ان وصلنا الى المسجد الأقصى الذي يتعرض الى عملية تهويد واعتداءات متكررة تكاد تكون شبه يومية. وإذا ما أتيح للسلطة ان تقيم بعض المكاتب في بعض الاحياء خارج نطاق القدس في أبو ديس مثلا فان هذا لا يعني اننا حصلنا على القدس الشرقية او انها عاصمة ما سمي الدولة الفلسطينية. إسرائيل بكل الطيف السياسي المتواجد على الساحة فيها من "اليمين واليسار" إذا صح التعبير تعتبر القدس الموحدة عاصمة ابدية لدولة إسرائيل. الشيء الوحيد الذي أسقط هذه المقولة ليست المفاوضات العقيمة والعبثية التي ما زالت مستمرة لأكثر من ربع قرن، ولا الدعوات للتوجه لمجلس الامن، بل الهبة الشعبية المستمرة لأبنائها المخلصين وخاصة هذا العام منذ رمضان وحتى الان. هذه الهبة التي سارعت إسرائيل الى التوسط لدى السلطة وبعض الدول العربية وخاصة المجاورة في محاولة لإطفاء لهيبها او التخفيف منها دون فائدة. والخوف الإسرائيلي الان يتركز بحسب المعلومات الاستخباراتية من ان تنطلق شرارة الانتفاضة الثالثة من القدس.

 

 ( المنار المقدسية 27-12-2014).

الدكتور بهيج سكاكيني

 

لماذا يجب ان نقف ضد مشروع

 القرار المقدم لمجلس الامن؟

 (2)

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

31.12.2014

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org