<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني ما زالت القيادة الفلسطينية المتنفذة تسير على نفس الدرب

 

 

 

ما زالت القيادة الفلسطينية المتنفذة تسير على نفس الدرب

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

كان البعض يأمل في ان سقوط المشروع الفلسطيني أو العربي-الفلسطيني قد يضع القيادة المتنفذة في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الغائبة أو المغيبة على طريق مختلف وأن تتعظ من نتيجة ما حصل في مجلس الامن والذي كان بمثابة دليل ساطع آخر ومباشر على عقم وفشل الاستراتيجية التفاوضية التي بدأت بتفاهمات واتفاقيات أوسلو سيء الصيت وما تبعها من تداعيات وتنازلات وتخفيض مستمر للسقف السياسي والمطالب الوطنية المحقة والعادلة للشعب الفلسطيني. هذا المسار الكارثي الذي أدى بنا الى الوصول الى ما نحن عليه الان.

السلطة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ما زلت مصرة على الذهاب مرة أخرى الى مجلس الامن بمشروع القرار التعيس والمهين والهزيل والذي لا يحقق أدنى متطلبات الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولا الثوابت الفلسطينية التي قامت من أجلها الثورة الفلسطينية وقدمت قوافل من الشهداء على مذبح الحرية والاستقلال. وما زالت استراتيجية المفاوضات ....والمفاوضات ....والمفاوضات حتى نهاية العالم تتباها السلطة وتعمل بها. ولا يغرننا التصريحات النارية والتهديدات التي يطلقها البعض بين الحين والأخر مثل "حل السلطة وتسليم المفاتيح لنتنياهو" ، فأنها كالزوبعة سرعان ما تذروها الرياح وتختفي بدون اية أثر يذكر. السلطة لا تستطيع ان تحل نفسها بهذه السهولة فالسلطة عبارة عن منظومة سياسية واقتصادية وفكرية وثقافية رعت الطريق التفاوضي وغذته وحاولت زرع ثقافة الاستسلام "ولا حول لنا ولا قوة"، والى حد كبير فرضته من خلال سيطرتها على مفاصل القرار الفلسطيني واستئثارها وتفردها بالسلطة واقصاء لا بل وإلغاء الغير عندما تأتي الى القرارات المصيرية للشعب الفلسطيني. وهذا ما أكد عليه مرة ومرارا وبشكل جلي وكان آخرها مشروع القرار الهزيل الذي قدم الى مجلس الامن. فهذا القرار قدم دون اللجوء الى المؤسسات الشرعية التي من المفترض ان تمثل الشعب الفلسطيني التي لم تستشر في القرار ولم ترى نصه الا بعد تقديمه الى مجلس الامن.  ويجب ان نتساءل وان نقر ان الكثير من الفصائل الفلسطينية فشلت ولم تنجح في فرملة هذا التوجه المدمر والكارثي وهذا أحد الأسباب لما وصلنا اليه الان، ويجب ان نقر بهذه المسؤولية وهذا الخلل ان أردنا الخروج من المأزق التاريخي الذي وضعنا به من قبل القيادة الفلسطينية المتنفذة. وربما البيان المشترك الذي صدر مؤخرا عن الجبهتين الديمقراطية والشعبية (بيلست 6 يناير 2014) قد يؤسس من خلال تطويره مع الفصائل الفلسطينية المقاومة الأخرى لنهج التفاوض التدميري والتنازلات المجانية، طريقا جديدا والية فعالة لوقف حالة التدهور والإندفاع  والإرتجال وانعدام المسئولية والجدية في التعامل مع قضايانا المصيرية. ولكننا نود ان نؤكد هنا ان البيانات والاجتماعات بحد ذاتها لا تكفي على الاطلاق، وخاصة وانه كان هنالك العديد من التفاهمات والاجتماعات والبيانات بين الفصائل الفلسطينية فيما يخص الوحدة الوطنية والمصالحة والوقوف ضد مشروع القرار الذي قدم لمجلس الامن. ما نحتاجه الى زخم الشارع الفلسطيني فهو الوحيد القادر داخل الوطن المحتل وخارجه فهو الوحيد القادر والكفيل بوقف التدهور والانسياق وراء الخراب وسراب ما يسمى بالسلام من خلال المفاوضات العبثية، وهنا تكمن مسئولية فصائل المقاومة كافة. لنعترف ونقر ان جوهر الخلاف يكمن من وجود نهجين على الساحة الفلسطينية بشأن الحل للقضية نهج يرى في المباحثات والمفاوضات المستمرة الى ما لا نهاية هي الطريق لتحقيق المطالب الفلسطينية وهذا النهج يسمح عندما يريد بتحركات شعبية محدودة ومسيطر عليها من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتبعا لأهوائه، ونهج مقاوم يرى المزج بين المقاومة الشعبية  والمقاومة المسلحة مع التأكيد على ان المقاومة المسلحة هي حق اساسي كفلته القوانين والأعراف الدولية فبلدنا محتل ومن الواجب ان نقاوم الاحتلال بكل السبل والامكانيات المتاحة.

نعم من الضروري الذهاب الى المؤسسات الدولية ومن ضمنها مجلس الامن أو الجمعية العمومية في الأمم المتحدة لفضح ممارسات الكيان الصهيوني وما يرتكبه من جرائم يومية ضد الشعب الفلسطيني، ولكن من الخطأ ان نعول على أي منهما  للوصول الى الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وانهاء احتلال فلسطين. فكم من قرار اتخذ في أروقة الأمم المتحدة بشان القضية الفلسطينية وما زال موضوعا على الرف لعدم وجود الالية لتطبيقه أو اجبار إسرائيل كدولة محتلة بحسب القرارات الدولية الانسحاب من هذه الأراضي. وهذا بالطبع نابع من الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة لهذا الكيان الغاصب لعقود من الزمن ولن يتغير هذا الحال. ومن هنا يجب ان يتوقف الحالمون بأن الولايات المتحدة الامريكية بتغيير مواقفها بهذا الشأن، فأمريكا كانت وستبقى الببغاء الذي يردد ما تقوله إسرائيل وتتبنى المواقف الإسرائيلية بالكامل. وكل ما اشيع او يشاع عن اختلافات وتباينات بين الموقف الأمريكي والإسرائيلي ما هو الا للخديعة وتضليل الراي العام وإعطاء الانطباع بان الموقف الأمريكي قد يتغير. ومن اعتقد أو ما زال يعتقد بان وزير خارجية كيري الذي "قاد" المباحثات الماراثونية بين الوفد الفلسطيني المفاوض مع الوفد الإسرائيلي لمدة تسعة أشهر للتوصل الى اتفاق نهائي بين "الطرفين" يكون ساذج سياسيا. ان تولي الولايات المتحدة المفاوضات وادارتها على يد الصهيوني حتى النخاع السيد مارتن انديك لمدة تسعة اشهر انما أتت لرفع العزلة الدولية عن إسرائيل وإعطاء الانطباع بان المفاوضات ما زالت جارية وكسب مزيد من الوقت لإسرائيل للتسريع في تهويد القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 ، وهذا ما ثبت على ارض الواقع حيث قامت إسرائيل بمصادرة مزيد من الأراضي وبناء مستوطنات وتوسيع المستوطنات السرطانية القائمة.

نقول نحن لا نقلل من شأن الذهاب الى مؤسسات الأمم المتحدة للغرض الذي أسلفنا ذكره، اما قضية تحرير فلسطين والقضاء على الاحتلال فانه يتأتى بالعودة الى الشعب الفلسطيني والرهان على قدراته على المقاومة بكافة اشكالها والصمود والتحدي كما اثبت شعبنا في الضفة وقطاع غزة المحاصر في الحرب العدوانية الأخيرة التي شنها العدو الصهيوني، فهذا وحده الكفيل بجعل الاحتلال مشروع مكلفا سياسيا واقتصاديا واعلاميا وبشريا أيضا. ولنا في التاريخ القريب والبعيد للشعوب امثلة ساطعة على ما نقول من الجزائر الى فيتنام الى جنوب أفريقيا الى جنوب لبنان.

أثير الكثير عن التنسيق الأمني وهددت السلطة الفلسطينية بانه في حالة سقوط القرار في مجلس الامن فان هذا يعني وقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. سقط القرار في مجلس الامن فهل أقدمت السلطة على تنفيذ ما وعدت به بهذا الخصوص نتساءل؟ وعندما أعلنت إسرائيل انها ستوقف تحويل الأموال الخاصة بالسلطة التي تجمعها بالنيابة عنها كضرائب على البضائع المستوردة والمصدرة، والتي تعتمد عليها السلطة لأنها تشكل ما يقرب من 75% من مداخيلها، هددت السلطة على لسان د. صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات " إذا ما لم تتراجع إسرائيل عن تجميد أموال الضرائب فسيعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال أيام عن حل السلطة الفلسطينية ونقل المسؤولية المدنية والأمنية الى الإدارة الإسرائيلية" (بيلست 5 ديسمبر 2014) نحن نتمنى ان تقوم "إسرائيل" بتهديداتها وان يقوم السيد أبو مازن بتنفيذ تهديداته لأنه بذلك ينهي الحقبة الزمنية الذي أصبح الاحتلال فيها الاحتلال يصنف  على انه أرخص احتلال في التاريخ البشري لا بل وجعل الاحتلال مشروعا رابحا اقتصاديا والاهم من ذلك فانه أتاح الفرصة امامه الى انتشار وتوسيع المستوطنات السرطانية اليهودية في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ليصل عدد المستوطنين اليهود الى ما يقارب من 800000 مستوطن . نحن على ثقة ان حكومة العدو الصهيوني لن تنفذ تهديداتها كما ان الرئيس عباس لن ينفذ تهديداته، لان هذا يعني إطلاق يد المقاومة بشموليتها في أراضي الضفة الغربية. فالأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تم تدريبها وتسليحها ليس فقط بالسلاح بل بالثقافة الامريكية اثبتت وعلى مدى سنوات طويلة بقدرتها العالية على ضبط الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية من خلال حملات الاعتقالات الواسعة للنشطاء الفلسطينيين والكشف عن خلايا المقاومة والتنسيق والتعاون مع أجهزة الإستخبارات والامن الإسرائيلية لمنع تحول الهبات الشعبية في الضفة الغربية الى انتفاضة ثالثة. هذا التنسيق هو أحد المستلزمات الأساسية لتنفيذ اتفاقية أوسلو السيئة الصيت والتي التزم بها الجانب الفلسطيني وقام بتنفيذها بحذافيرها " لإثبات صدق وحسن النوايا "على الرغم من عدم التزام إسرائيل بتنفيذ أي من بنود اتفاقية أوسلو بحسب ما جاء في خطاب الرئيس عباس في الجزائر مؤخرا وهو المعروف بمهندس اتفاقيات أوسلو، " نحن عقدنا مع إسرائيل اتفاقا اسمه أوسلو ومنذ ذلك الاتفاق إلى الآن لم تنفذ إسرائيل أيا من بنوده" (بيلست 24 ديسمبر 2014). ولقد اعيد التأكيد على التنسيق في المجال الأمني في خارطة الطريق التي قدمها الأمين العام كوفي عنان في رسالة لمجلس الامن بتأريخ 7 مايو 2003 ، والذي جاء بها، " يستأنف الفلسطينيون والاسرائيليون تعاونهم الأمني بناء على خطة تينيت لوقف العنف والإرهاب والتحريض بواسطة أجهزة أمنية فلسطينية فعالة أعيت هيكلتها" (تينيت شغل منصب رئيس المخابرات المركزية الامريكية CIA). بالإضافة " يبدأ جهاز الامن الفلسطيني بعد إعادة هيكلته وإعادة عمله بعمليات مستمرة ومحددة الأهداف وفعالة بهدف مواجهة جميع العناصر الضالعة في الارهاب والقضاء على القدرات والبنى التحتية الإرهابية". (الموقع الاليكتروني لتحالف قوى المقاومة الفلسطينية 13 ديسمبر 2014).

ما زالت السلطة والقيادة الفلسطينية المتنفذة تتصرف بنفس المنطق والمنحى غير ابهة بالدعوات والانتقادات من عدد كبير من الفصائل الفلسطينية بالنسبة لأدائها المدمر واستئثارها بالقرارات المصيرية للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة وما زالت خطواتها تتسم بردود أفعال ارتجالية وغير مدروسة ودون استشارات من القدرات والكفاءات الفلسطينية المتخصصة كما كان الحال في أوسلو المدمر والكارثي. وما زالت تضرب بعرض الحائط الدعوات لعقد اجتماع موسع يضم كافة الفصائل الفلسطينية المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها لإعادة الاعتبار الى الشرعية القانونية الفلسطينية واعتماد استراتيجية لمواجهة التحديات الراهنة بالاعتماد على أكبر حشد للشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال ودحره، مقاومة تعتمد على العمل والتعبئة الشعبية والمقاومة المسلحة. والسؤال هنا متى ستستجيب هذه القيادة لهذه الدعوات وماذا سيكون الحال فيما لو أصرت القيادة المتنفذة على السير في النهج المدمر؟ هذا ما سيترك للحقبة الزمنية القادمة للإجابة عليه.

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 07.01.2015

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org