<%@ Language=JavaScript %> عصام الياسري التشكيلية التونسية أماني فاخت.. ترسم الأشياء داخل مادة "الرانتج" وفق أساليب وسياقات تتآلف فيها الألوان والخطوط والاشكال

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

 التشكيلية التونسية أماني فاخت..

 

ترسم الأشياء داخل مادة "الرانتج" وفق أساليب وسياقات تتآلف فيها الألوان والخطوط والاشكال

 

 

عصام الياسري 

 

منذ بضعة شهور تقيم الفنانة التشكيلية التونسية الشابة أماني فاخت في العاصمة الألمانية "برلين"، بعد أن كانت تقيم في العاصمة الفرنسية "باريس" لمدة عام، حرصت فيه على مواكبة الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة واقامة معارض فنية خاصة أضافة الى المشاركة في معارض مع آخرين من جنسيات مختلفة. تقول الفنانة "فاخت" الذي يعني أسمها "ظل القمر" أنها اكتسبت خلال العام في باريس كثيراً من الخبرة وطورت حرفتها وتعرفت على فنانين تشكليين مرموقين من مختلف الاتجاهات الفنية، بحيث ساعدها ذلك على الاستمرار في تنفيذ محاولاتها الفنية التجريبية.

 

ولدت الفنانة أماني فاخت في مدينة صغيرة تدعى "قفصة" تقع جنوب تونس، على حافة الصحراء بين الجزائر وليبيا وهي مدينة صغيرة تتميز بالمناظرالخلابة والواحات والنخيل.. وتنتمي الى عائلة محافظة بسيطة الدخل تسودها تقاليد اجتماعية قروية لم تتأثر ببيئة وعادات المدن الكبيرة. حلمت اماني منذ صغرها بالتعرف على عوالم أخرى تسمح باستنشاق طعم الحرية بعيداً عن القلق والكآبة على هذا ما كادت ان تنهي دراستها الثانوية العامة بتفوق، حتى نجحت في الذهاب إلى العاصمة تونس للدراسة.

 

في تونس العاصمة، أصبحت قريبة من خالها الفنان التشكيلي المعروف منير لطيف الذي كان قد درس في وقت مبكر الفنون وأصبح من الفنانين التشكيليين التونسيين البارزين، وعاش في اسبانيا لاكثر من ثمان سنوات عاد بعدها ليستقر في تونس ويفتح رواقه "كاليري" الخاص في سيدي بو سعيد.: "عندما وصلت العاصمة - تقول الفنانة أماني- كان يلتهب في داخلي مشاعر مزدوجة، ستكون فاصلة، بين رغبتي في البحث عن مستقبل أفضل وتغيير مجرى حياتي بالكامل، وبين ملامات وجهتها لي عائلتي بسبب اصراري لترك البلدة ورغبتي في الدراسة بتونس العاصمة. قي البداية كنت أنوي دراسة أكاديمية تساعدني على العيش بأمان، لكن خالي اكتشف في هوايتي للرسم موهبتي وشجعني على دراسة الفن التشكيلي. وكان يتابع نصحي وارشادي خلال دراستي خصوصا في عملي التجريبي المُميِّز مع مادة الكهرمان "الرانتج" الذي يرجع اليه الفضل فيما توصلت إليه من خبرات فنية".. ومادة الكهرمان "الرانتج" تعرف بالكهرب، هي عبارة عن سائل كثيف لاصق يُنتج كيماوياً ويستعمل كمثبّت. ينتقل من حالة اللزوجة السائلة إلى الحالة البلاستيكية الصلبة نوعاً ما.

  

تعلمت الفنانة أماني فاخت على يد الفنان التشكيلي العراقي المعروف والمحاضر في المعهد العالي للفنون الجميلة في تونس الأستاذ علي رضا. واقامت بعد تخرجها عدة معارض في تونس وخارجها وايضا في مراكش التي مكثت فيها أكثر من عام، وتابعت المشاركة في معارض في القاهرة واسطنبول وباريس وفي غيرها من الدول العربية والأوروبية. وفي زيارة لكوبا اطلعت على مدارس وأساليب الفن التشكيلي. واقتنى كل من متحف العالم العربي والمتحف الأفريقي في "هافانا" لوحة من أعمالها. وفي "برلين" التي صرت أعشقها وأحس وكأني فيها كاليمامة أنطلق - تقول اماني- اكتشف ذاتي وأخبيء أسراري بين فضاءات أزقتها الرحبة.  

  

تمتلك الفنانة أماني فاخت التي تتمايل وتتألق في كل الاتجاهات، قدرة قوية في "ترجمة" افكارها الجميلة فنياً، ويبدو لي أنها شديدة الانفعال تتمسك بقناعاتها وهاجسها أن تجسد الجمال لتتجلى مظاهره في أعمالها باساليب مبتكرة تنمي طريقتها في الابداع والابتكار. فهي ترسم في المقام الأول لوحات تجريدية حديثة باساليب وأشكال متنوعة وفق "مفاهيم وتقنيات" تجهد ان تكون خاصة ومميزة. في أعمالها التجريبية الجديدة تتناثر الألوان بانسيابية فائقة وفق إيقاعات متجانسة داخل مادة "الرانتج"، تارة تثور وتارة تتلاشى ببطء. فيما يتعلق بالجانب الروحي، لا تتوانى في أن تجعل الالوان تتناسق والمشاهد تتجاذب والاكتشافات تتسع. وفي فن الرسم التجريبي الذي تشتغل عليه حالياً تستعمل مادة "الكهرمان" والالوان المائية وبعض المواد الاخرى كالقماش وقصاصات ورق الصحف.   

 

ترسم اماني في أعمالها "التجريدية" الأشياء من كل أعماقها، وتحول الوانها إلى حيث تريد وتحركها بايقاع من الحركة الداخلية باتجاه صيغ جديدة بحيث يتحول الشكل التجريدي الهندسي إلى تجريدي تعبيري وفق أساليب وسياقات تتآلف فيها الألوان والخطوط والاشكال الهندسية، وتخضع الى مرجعيات تصويرية تعبيرية، الشكل يتآلف مع الألوان، التناقضات والخطوط. وبصرف النظر عن الطريقة وعدد الأساليب والأشكال التي تستعملها، ألا أن التجريب الحديث التي تستعمل في كما هو واضح في مادة "الرانتج" والألوان المائية بشكل يلفت الانتباه يكشف عن موهبتها الفنية. فهي توزع الخطوط والألوان وكأنها متأثرة بالاسلوب التجريد التعبيري عند "كاندينسكي ـ فنان روسي 1866–1944" أو التجريد الهندسي عند "موندريان ـ فنان هولندي 1872–1944" لكن وفقاً لاسلوب تلقائي عفوي، وكأنها تريد من الالوان ان تتكلم ومن الصورة ان تنحرف عن اتجاهها الهندسي لتبدو لوحاتها تنتمي الى فضاء مفتوح دون علاقة واضحة بمكان محدد.

 

يشكل الرسم التجريدي جزءا مهما من الفن الحديث، ويُعد ظهوره تاريخيا على قدر كبير من الأهمية. فقد أعلن في عام 1911 عن أول الأعمال التجريدية المثيرة للجدل، بيد أن أول صورة مجردة رسمت في عام 1906. واستندت العديد من هذه الأعمال والرسومات التجريدية التقليدية الى مفاهيم نظرية جمالية ودراسات. وإذا كان للمرء أن يتحدث اليوم عن الفن الحديث، فان الرسم التجريدي اصبح في اتجاهاته العامة جزءا مهما من هذا الفن بشكل كبير..

 

الفنانة أماني فاخت مهوسة بالفن التشكيلي، لكنها مولعة روحياً بالرسم التجريدي. فهي لم تكن تتقيد باي انطباعات زائفة، إنما تنطلق من حساسية بصرية تقودها الى أهمية تجسيد البعد الرابع الذي يعني في الرسم "الزمن" إضافة إلى محاولة ايجاد ايقاع خاص للشكل واللون يقودها من جديد الى خلق "نغمات" لونية مختلفة تبدو وكأنها تتماوج: لون أصفر وأحمر صارخ يتواجدان برقة كما تختلج الألوان التي تعرف بالباردة كالأزرق والأخضر والبنفسجي لتضفي على رسومها سحراً غريباً تحمل الكثير من الدلالات الوجدانية.  

 

في لقائي واياها في دارها لمشاهدة أعمالها، اندهشت، ليس فقط من مستواها أو طريقة توزيعها للألوان بشكل منسجم وحسب، إنما من أسلوبها التشكيلي السردي، الذي لا يخلو من الفنطازيا والرموز، أيضاً اسلوبها غير النمطي في توزيع الضوء. وأستطيع القول أن سر ذلك يأتي من كونها لا تتمتع فقط بموهبة فنية أو براعة حرفية إنما لانها فنانة متميّزة هاجسها الأول البحث عن كل جديد، أيضاً عن الجمال في كل المرئيات التي تجسدها في لوحات جميلة أيضاً.

 

عصام الياسري

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا