<%@ Language=JavaScript %> رسمية محمد لمن اسرد قصة مأساتي ؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

لمن اسرد قصة مأساتي ؟

 

 

رسمية محمد

 2011 / 3 / 19

 

الحلقة الاولى
 

لقد تعودنا عبر منبر الحوار المتمدن أن نناقش ونتناول قضايا كثيرة , ولكني هذه المرة , أريد أن اطرح عليكم قصتي , لقناعتي ان الاشياء كلما كانت خفية كان تاثيرها السلبي اكبر , لان ظهورها الى السطح يهيأ الظروف لمناقشتها والمساهمة في معالجتها . نشأت في عائلة شيوعية منحازة لقضايا الفقراء والمعوزين وقضية المرأة .
شقيقتي الشهيدة فوزيه محمد هادي , التي اعدمتها سلطات النظام الدكتاتوري المباد عام 1986 لموقفها البطولي المشرف حتى اللحظات الاخيرة من حياتها. كما قتلت السلطات الدكتاتورية سته وعشرين شخصا من عائلة والدتي , ابان انتفاضة اذار عام 1991.
-انتميت الى الحزب الشيوعي في أوائل السبعينات عندما كنت في السادسة عشرة من عمري , ومنذ ذلك الوقت كرست كل حياتي لقضية الشعب , وكنت اخاطر بحياتي في ظروف بالغة السرية والخطورة في تلك الفترة .
- عام 1973 رحلني الحزب الى محافظة بابل لقيادة العمل النسائي هناك , ورغم صغر سني في ذلك الوقت كنت موضع اعتزاز واحترام الجماهير في المحافظة وتدرجت في العمل حتى رشحت الى اللجنة المحلية في المنظمة , ولم يرق ذلك للنظام الدكتاتوري , فاعتقلتني عام 1977 بتهمة التطاول على راس النظام المباد . وفي الاعتقال جرى تعريضي لشتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي , ومع ذلك لم يستطعوا ان يحصلوا على اي تنازل مني , وهذا مادفعهم لتحويلي الى ماسمي بمحكمة الثورة , وبعد جلستين من المحاكمة اضطروا لاطلاق سراحي لوجود شهود نقض للتهمة التي وجهت لي . بعد اطلاق سراحي استمرت ملاحقتي ,فأضطررت الى الاختفاء وعشت ظروف قاهرة لمدة سنتين ,بعدها غادرت الوطن سرا الى سوريا .
وخلال اقامتي هناك ساهمت بفعالية في العمل الحزبي والديمقراطي وقدت العمل التحضيري لتاسيس رابطة المراة العراقية . وعام 1981 غادرت سوريا الى بلغاريا حيث اكملت دراستي هنا ك . وبعد انهاء دراستي اودعت طفلي الوحيد في مدرسة داخلية في الاتحاد السوفيتي وغادرت الى الوطن للمساهمة في العمل الانصاري وفي عمل الداخل . وفي كردستان وضعت مصيري بيد سكرتير الحزب الرفيق ابو داوود لارسالي للداخل وبالرغم من التحذيرات التي تلقيتها من قبل الكثيرين هناك من ان العبور مجازفة خطيرة ولكني وضعت كل ثقتي بالرفيق سكرتير الحزب ابو داوود الذي كان يشغل موقع عضو المكتب السياسي انذاك .
وبعد انهيار الحركة المسلحة غادرت كردستان مؤقتا , الى سوريا وهناك انخرطت ايضا بالعمل مع المنظمات النسائية وفي الاتحاد النسائي العربي , وفي عمل المنظمة الحزبية ايضا . وبعد انتفاضة اذار عدت مجددا الى كردستان وقدت العمل التحضيري لتاسيس رابطة نساء كردستان وكنت عضو في مختصة العمل الديمقراطي المركزية .عام 1994 قدمت الى السويد وانخرطت بكل ثقلي في العمل لجميع مجالاته الحزبي والديمقراطي كما ساهمت بفعالية في لجنة التضامن مع الشعب العراقي حتى سقوط النظام الدكتاتوري , ورغم كل انشغالاتي واصلت المتابعة الفكرية في كل القضايا الحيوية التي كانت تطرح انذاك . وكنت اطمح بعد سقوط النظام الدكتاتوري ان اعود لوطني بعد هذا الغياب القسري الطويل , ولكن بكل اسف لم تتحقق طموحاتي , فلم تتهيأ اي فرصة لي للعودة نظرا لعدم توفر اي مصدر معيشي لي هناك , واظطررت للبقاء في السويد رغم عني . باختصار انني كرست حياتي كلها للحزب ولم اعش حياة عائلية فقد عشت كل الوقت مع رفاقي وكانوا كل شيئ بالنسبة لي حتى طفلي ظل بعيدا عني كل الوقت , وطيلة فترة نضالي تلقيت العديد من التهديدات من قبل المخابرات الصدامية , وجهات أخرى .و بعد هذه المسيرة النظالية الشاقة , وجدت نفسي فجأة مرمية بعيدا خارج الحزب بدون ذكر اي اعلانات او اسباب لذلك ولم يجري هذا لي وحدي بل جرى لاخرين من خيرة العاملين والمناضلين في الحزب , ولم يقف الامر عند هذا الحد بل جرت ملاحقتي واضطهادي في مجالات حياتية اخرى من قبل شيوعيين ايضا, وبدون اعطاء أي مبررات أو مسوغات لهذه السلوكيات . وأمتلك كل المعطيات التي تدلل على صحة اقوالي . هذه هي قصتي أسوقها اليكم , وأرجو أن تنال اهتمامكم . ولدي ملاحظة ان البو عزيزي عندما كان حيا لم يثر اهتمام أحد فقط عندما انتحر اثار الملايين من الناس , لذا ارى ضرورة ان نهتم ببعضنا البعض في حياتنا قبل ان نهتم ببعضنا البعض بعد مماتنا . ان هناك امور غريبة تجري لاتظهر على السطح ومن ضمنها قصتي , لذا اناشدكم ان تتوجهوا معي لسؤال الحزب الشيوعي العراقي عن هذا الذي يحصل لنا . وبالتحديد أن نتوجه لسكرتير الحزب وأن نناشده , أن يجيبنا بمصداقية وبروح المسؤولية الانسانية والاخلاقية عن مايجري لنا . كيف أن الحزب الذي يناضل من أجل الديمقراطية وضد الدكتاتورية يقصي أخلص رفاقه ويلاحقهم في أماكن اخرى ؟ لماذا ان بعض الشيوعيين يأخذون دور القوى المعادية تجاه رفاقهم ؟ هذه القضية ينبغي تسليط الضوء عليها , لان الحالات الخاصة هي تجلي للقضايا العامة , فكما يقول العلم من القضايا المجهرية تترائى خصائص الشيئ كله .....

                          حوار مع الكاتب رضا الظاهر - الحلقة الثانية

رسميه محمد  
2011 / 3 / 21
أولا- ديمقراطيتنا في الحزب الشيوعي العراقي
ثقافة التظليل بدلا من الثقافة الروحية التي تنتصر للانسان .
ان الكاتب يجب ان يكون حرا , والحرية هنا بمعنيين , المعنى الاول الكاتب ليس حرا بشكل مطلق لانه مشروط ببنية تاريخية , ومع ذلك ينبغي ان يكون حرا , بمعنى الا تكون هناك عوائق خارجية تحول بينه وبين التقاطه لظاهرة ما, ان ينظر لها او يكتب فيها . وهنا الامر الثاني يتعلق بالاول . حينما يدرك الكاتب انه مشروط تاريخيا , يكتشف اين حدود حريته . ولكن عندما تغيب لحظة اكتشاف الحدود , تبدأ اللاحرية . من هنا أنظمة القمع السياسية تقوم بمهمة كبيرة على هذا الصعيد حينما تحول دون الكاتب ورؤيته لحدوده التاريخية . في كتاب كليلة ودمنة قصة ذات دلالة حيث أن الفيلسوف( بيديا ) لما قال لتلاميذه أنا سأذهب الى ( دبشاليم ) من اجل أن أنصحه قال التلاميذ أنه يقتلك قال أنا أخاف أن يسجل التاريخ أن الفيلسوف بيديا كان يعيش في زمن الملك دبشايم ولم يذهب اليه ولم ينصحه .
هذه القصة المعبرة حول دور المثقف , لان الان المهم ليس نصح الملك , وانما رفع مستوى الشعب , ليستيقضوا ويبحثوا عن انسانيتهم , لا على طريقة (الاحد الدامي ) , التي حصلت للشعب الروسي الجائع , عندما ساروا وراء القس الخائن العميل للقيصر , وعملوا لهم مجزرة دامية قتلتهم جميعا. لاينبغي أن ندع الشعب الذي تجرع عشرات السنين فنون من الاضطهاد والغدر , أن تعاد مأساته بطريقة هزلية كما يقول ماركس .
قد يقول أحدهم لك ليس بالامكان أفضل مما كان . وأنا اقول لك , لا دائما بالامكان أفضل مما كان , البشر يبنون علاقاتهم بالامكانيات وفق مصالحهم , وبما أن المصالح متعددة فكل واحد يرى أن هذه الامكانية المعينة تتطابق مع مصالحه .
فهل كان السادات مجبرا على اقامة سلم مع اسرائيل , وبالطريقة ذاتها , هذه امكانية , وهي أضعف الامكانيات كان يمكن أن يكون حتى( سلم) أرقى بكثير من كامب ديفيد حيث مصر وسوريا خارجتان من حرب تقريبا منتصرتان بالمعنى التاريخي للكلمة كما يشير أحد الباحثين , واسرائيل في وضع صعب وبالمناسبة كان المطروح مؤتمر دولي للسلام ) . حتى كارتر يقال فوجئ بموافقات السادات . والسؤال هنا هل أن كامب ديفيد كانت بالضرورة أن تحدث ؟ واجيب لا مصالح السادات كنظام كانت مع امكانية كهذه , بدليل أن مصالح الاخرين المعترضين كانت مع امكانيات أخرى , ليس صحيحا القول ( ليس بالامكان أفضل مما كان ) والصحيح أنه دائما بالامكان أفضل مما كان والا أوقفنا التاريخ واستسلمنا لامكانية واحدة واصبحنا ميكانيكيين.
لذلك مهمتنا أنا واياك أن نقول للشعب الحقيقة وأن لاندع مصيرهم للقس العميل ليغدربهم مع القيصر , وليسخرهم لمشروعه الامبراطوري . اذا نحن أمامنا امكانيات عديدة .
في ديننا أعظم شيئ نزل على الانسان هو الامانة حتى( هبرماس ), يقول احتجاج المرء على الخيانة ليس فقط احتجاج بأسمه الخاص بل هو احتجاج أيضا بأسم الاخرين , أن كل انسان حليف بالقوة في النضال ضد الخيانة هذا هو كلام الفيلسوف الالماني هبرماس .
أن التفكير بالامانة يحتاج الى ميثاق شامل ضد الخيانة , لذا ينبغي أن نبني جسور الثقة مع بعضنا البعض ومع شعبنا , بأحياء الامانة .
ثانيا - ديمقراطيتنا في الحزب الشيوعي
قياديون يتمرغون بالفساد ويحاربون النزاهة
أحداث عام 2006-2007 شاهد على فسادنا
بدأت الاحداث الدراماتيكية , عندما منحت منظمة سيدا الانسانية مساعدات مالية للعراقيين المكتويين بنار الدكتاتورية الصدامية , عن طريق منظمة أولف بالما , ومنظمة أولف بالما بدورها عقدت اتفاق مع مؤسسات المجتمع المدني العراقية العاملة في السويد لايصال المبالغ المذكورة عبر , مؤسسات المجتمع المدني العاملة في العراق , لكي تنشأ مشاريع خدمية لمساعدة الناس هناك .
فماذا فعل بعض الرموز القيادية في الحزب الشيوعي ؟ حاولوا بكل الطرق , التي لاتمارسها سوى شبكات ضالعة في الفساد , الاستيلاء على المبالغ المذكورة وعدم ايصالها للجماهير المكتوية بنار الدكتاتورية , مستغلين عمل مرؤوسيهم في هذه المؤسسات .
لقد حاولوا الاستيلاء من خلالي على المساعدة , التي رصدت للنساء في الديوانية , ولكنني قاومتهم بكل عقلي وارادتي واحبطت كل محاولاتهم للاستيلاء غير الشرعي على المبلغ المذكور , ولم يهد عزيمتي كل التنكيل والاضطهاد والتهديد الذي تلقيته منهم, ومحاولات تشويه سمعتي وعكس الامور على غير حقيقتها .
في الوقت الذي نجحوا فيه مع اخت اخرى في الاستحواذ على الاموال المخصصة للنساء في الناصرية , وهذه كلها وقائع اثارت اشمئزاز الكثير من الناس الخيرين ونزع ثقتهم بالحزب .
وعندما سمع ابني بشتائمهم ضدي وسلوكهم المشين , طالبني بالاستقالة من الحزب . قال لي بالحرف الواحد ( كل حياتي وأنا أدفع ضرائب انتمائك وأنا أحترم هذا الانتماء , ولكنني من الان فصاعدا لن أحترم هذا الانتماء – استقيلي انتصري لكرامتك ) . ولكنني قلت له كرامتي وكرامة الاخرين أن أبقى , وأن أساهم مع الخيرين في تنظيف الحزب من فلول الفساد , ومن كل ماهو غريب على مبادئنا وأخلاقنا .....
ثالثا - ديمقراطيتنا هي ديمقراطية القبول بدون قبول ( ديمقراطية امبراطورية الهيمنة ).
يجري الحزب انتخابات في المنظمات , وعندما تنتخب الجمهرة الحزبية , شخصية غير الشخصية التي ترغب بها القيادة , تلغى نتائج الانتخابات ويعاد الشخص الذي يرغبون به , رغم انف الجميع - وهناك امثلة صارخة على هذه الحالة كما حصل في منظمة الديوانية في العام الماضي .
رابعا – التحكم الفظ في الجماهير من خلال المنظمات الديمقراطية
ففي الوقت الذي يطالب الحزب الشيوعي الجهات السياسية الاخرى برفع يدها عن المنظمات الجماهيرية والحفاظ على استقلاليتها , يدخل بكل ثقله للتدخل في هذه المؤسسات ووضعها تحت هيمنته . حتى أنه يعمل على اقصاء العناصر الواعية منهم من مراكز المسؤولية ويقرب العناصر البسيطة لانهم اكثر قدرة على الانقياد لهم .
خامسا - ظاهرة الفصل غير المعلن في الحزب
بدات الجهات القيادية منذ فترة بتطهير الحزب من العناصر المثقفة والواعية , التي لايمكن أن تتصالح مع الاوضاع الخاطئة , ولكنها خوفا من معارضة القاعدة الحزبية لها , ابتكرت أساليب خفية في التخلص من العناصر التي لا تتماشى مع أجندتها الجديدة المتواطئة مع قوات الاحتلال , ومن هذه الاساليب مايلي ---
- 1 عدم تبليغهم بالاجتماعات والمناسبات الحزبية , بحجة حصول خلل فني , وهذا ( الخلل الفني ) المصطنع يظل يتكرر باستمرار بدون معالجة –
2- عدم ايصال اي نشريات او اصدارات حزبية لهم وايضا بعذر (خلل فني ) . هذا فضلا عن عدم تكليفهم بأي عمل .
وبهذه الطريقة يتم قطعهم مع الحزب وهذ الحالات حصلت بشكل واسع بحيث أن الجماهير بدأت تنتبه لها .
وملاحظتي أن مايجري في الحزب هو نسخة طبق الاصل لما حصل في حزب العمال البريطاني , في الستينات عندما اتفقت قيادة الحزب البريطاني سرا مع الامريكان على صفقة سرية ومن بنودها مايلي ---
اولا- أن يطرد حزب العمال البريطاني كوادره المخلصة والمجربة في العمل النضالي , ويبقي فقط العناصر البسيطة وحتى الانتهازية فقط .
ثانيا – أن يصدر خطاب يتضمن تنازلات عن مواقفه السياسية ومبادئه . ولقاء ذلك , يؤمن لهم الامريكان فرصة الفوز بالانتخابات ويعطون مقاعد وزارية لهم على أساس ذلك . وهذه التفاصيل يجدها القارئ في كتاب الحرب الثقافية ....
هذه الامور حصلت كلها في الحزب الشيوعي العراقي , فقد اصدر كما ذكرت في حلقة سابقة , بلاغ تخلى فيه عن مشروعه الوطني الديمقراطي وعن كل خطه الوطني السابق, بدون العودة الى القواعد الحزبية وبدون اعطاء أي تبريرات أو مقدمات لذلك . كما بدأ عملية تصفية لكل رفاقه المخلصين التي عرفتهم كل ساحات النضال الشاقة . ولم يكتفي بأقصائهم , بل عمد ان يأخذ دور وكيل أمن للمخابرات المركزية في ملاحقتهم واضطهادهم وتدمير حياتهم وكاتبة السطور , هي أحد ضحاياهم .
ينبغي ان نتفحص سلوك كل واحد منا , فلم تعد اليافطات الديمقراطية واليسارية هي المعبر الحقيقي عن هوية كل منا . وللحوار بقية .....

 

                         حوار مع الكاتب رضا الضاهر – الحللقة الثالثة
رسميه محمد  
الحوار المتمدن - العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22
المحور: مقابلات و حوارات
راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع     

  شهادة أمام الشعب والعالم والتاريخ
بداية أشير اني مدركة لما تتضمنه شهادتي من مخاطر على حياتي مستقبلا , ولكن دائما كان ولايزال الوطن والشعب والحزب , أعز من حياتي وفوق كل اعتبار شخصي .
القيادة الفاسدة في الحزب ساهمت في اسقاط الحزب في الانتخابات- اذكر على سبيل المثال لا الحصر...
شقيقة مسؤول المخابرات الصدامية كانت مرشحة قائمة الحزب في الديوانية , اضافة الى أمثلة كثيرة أخرى لاتحصى من هذا النوع .
حادث غريب وغير متوقع
عند عودتي من الوطن في شهر أيار من العام الماضي , وفي الطائرة , التي نقلتني من مدينة أربيل الى مدينة مالمو السويدية حدث لي مايلي ....
عند دخولي الى الطائرة كانت مكتضة بالركاب وكان يقف رجل من طاقم الطائرة ينظم عملية جلوس الركاب فسمح لي بالجلوس في المقعد الامامي الذي كان يحتجزه , فلم أعطي بالي للامر في البداية . وبعد أن شرعت الطائرة في الاقلاع , جاء نفس الشخص الذي أجلسني وجلس بالمقعد المجاور لي , ومن حديثه اتضح لي أنه رجل مخابرات , كان يعرف كل شيئ عن حياتي السياسية والحزبية ... قال لي أن المبادئ التي حملتيها لن تتحقق أبدا , الامريكان سيطروا الى الابد , لقد كسبوا قيادات الاحزاب السياسية العراقية ,و القيادات السياسية في السلطة تغرق في الفساد وتنهمك في تجارة الرقيق الابيض , السيد جلال الطالباني يخرج بنفسه الى المطار لاستقبال الفنانة اليسا -
قيادة حزبك تساومت مع الامريكان , حتى من تثقين بهم من القادة استسلموا للامريكان , لايستطيعون الكلام يأتيهم كاتم صوت . وسألني ان كنت أنوي العودة ؟ قلت له لم يتهيأ لنا أي امكانيات للعودة , قال لي سيهيئون لك كل شيئ , ماذا فعل لك الحزب ؟, وفهمت من كلامه أنه يساومني . قلت له اننا نريد بلدنا أن يصبح اسوة بالبلدان المتقدمة , أما القول أن الامريكان قد سيطروا الى الابد فهذا غير صحيح , فهناك الازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بهم . انتفض من كلامي وقال لي مهما يكن مستوى ذكائك فسيجدون طريقة ما للايقاع بك . . كنت مندهشة لما حصل .
تأملت الحدث كثيرا واستنتجت - ان العملية كانت مخططة مسبقا وليس صدفة , فالمقعد الامامي في الطائرة كان يحتجزه رجل المخابرات , اضافة لذلك ان الرجل العامل في مكتب الخطوط الجوية أخذ تذاكر المسافرين لتسجيل الاسماء والتوثق منها ولكنه لم يأخذ تذكرتي , قال لي أنه يعرف اسمي , واستنتجت أن مخابرات سلطات الاحتلال تعمل بذكاء يفوق كثيرا المخابرات الصدامية , فبدلا من اعتقالي أمام الناس واثارة ضجة , تم ذلك في الطائرة بدون أن يشعر به أحد .
وعندما طرحت الموضوع حزبيا لم يتم نفي ماسمعته عن تواطئ القيادة مع سلطات الاحتلال ,وتدبروا أمر اقصائي من التنظيم بطريقة فنية حيث قالوا لي ولرفاقي العاملين معي أنهم يرومون نقلي الى مجال فكري ولكنهم اجلسوني في البيت وقطعوا كل صلة لي بالاخرين . ولم يتوقف الامر عند هذا الحد , بل لاحقوني في الاكاديمية التي أدرس فيها من خلال أحد مرؤوسيهم , فزوروا فايل امتحاني لا احد الطلبة بأسمي وطالبوني أن لا اكتب في اطروحتي عن الحل الوطني , واستمرت الانتهاكات لحقوقي الدراسية .
لقد سجلت كل الانتهاكات التي مارسوها ضدي في الاكاديمية في مذكرة شكوى رفعتها الى الجهات القيادية في الاكاديمية , ولم اتلقى لحد الان ردا شافيا , ولايزال وضعي مبهم فيها .
كل ماسقته أعلاه لدي معطيات ملموسة حوله , اضافة الى الشهود هناك العديد من الرسائل التي احتفظ بها للتدليل على صحة أقوالي, وسأكون مسؤولة أمام الجميع ان لم استطع اثبات ما سقته اليكم . هذا على صعيد السلوك معي أما على الصعيد الاداء الحزبي فقد استمر التدهور في الوضع الحزبي واستشراء ممارسات الفساد في معظم مجالات العمل التي لها علاقة بهم
على صعيد النشاط الجماهيري , فقد جري تعبئة الجماهير ودفعهم للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية بادخال بعض التحسينات على حياتهم فقط والاكتفاء بهذه الحدود. في حين كان يفترض ان تجري تعبئتهم للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والسياسية لان الاصلاحات الاقتصادية من الممكن ان يجري الالتفاف عليها وسلبها في اي وقت والتاريخ شاهد على كثير من الامثلة التاريخية .
بتعبير أوضح كان يفترض أن تقرن المطالبة والاحتجاج على الاوضاع المعيشية بالمطالبة بتغيير في جوهر النظام السياسي تغيير بطريقة ديمقراطية ومن اجل اقامة ديمقراطية حقيقية في بلادنا .
ان دفع الجماهير للمطالبة بحقوقها الاقتصادية فقط , يعني تركها ضحية للصراعات الدولية الاقليمية واستخدامها كأدوات لتنفيذ المطامح والمخططات الخارجية .

من سينقذ الوطن:

ان المسألة الجوهرية التي ينبغي ان تكون موضع النقاش والاهتمام لدى العراقيين , وأن تتمحور حولها

كل الابحاث في هذا المنعطف من تاريخ العراق , هي مستقبل العراق الوطن والشعب . فمن هم الذين يضعون هذه المسألة الجوهرية في قلب اهتماماتهم , في خططهم وفي برامجهم بين السياسيين العراقيين ؟ قليلون في الوسط السياسي , الذين يفكرون بالعراق وبشعب العراق ومستقبلهما , في وقت تبلغ فيه الازمة السياسية والاقتصادية

والاجتماعية ذروتها , أنهم موجودون في شكل مشتت ومبعثر ومأزوم في اليسار وبين الديمقراطيين من كل الاتجاهات , ولهذه الاسباب هم ضعفاء في قدرتهم على استقطاب الجماهير التي تنتظرهم أو تنتظر دورهم في عملية الانقاذ المنشودة ,بعد ان اثبتت الطبقة السائدة عجزها عن مواجهة القضايا الحقيقية للبلاد , واحجامها لاسباب تتعلق بمصالحها الخاصة عن التفتيش عن سبل حقيقية للانقاذ . فالى هولاء اليساريين والديمقراطيين والوطنيين تتوجه الانظار, فهم الامل المرتجى بعد ان ضاعت امال سابقة مرتجاة .
ان خروج الحزب من ازمته من شأنه ان يسهم في وحدة القوى اليسارية والديمقراطية وفي اعادة ترتيب وتصحيح الاصطفافات على صعيد الوطن .
من هذا المنطلق ظللت مشدودة انتظر مبادرة بتصحيح الوضع الخاطئ في الحزب ولكن بكل أسف اقترب موعد المؤتمر ولا ارى هناك بادرة تبشر بالخير لذلك اخذت على نفسي هذه المهمة بعد صبر وتأني وانا مرتاحة الضمير بما اقدمت عليه ولايسعني في نهاية حواري هذا الا أن اتوجه بالنداء لكل الحريصين على مستقبل العراق الوطن والشعب...
- اناشد اولا جميع رفيقاتي و رفاقي في قواعد الحزب كافة لانقاذ حزبهم من القيادة الفاسدة التي انحرفت عن خط الحزب وتخلت عن مصالح الشعب والوطن , والالتفاف حول من لايزالوا في مواقع الحزب وفي مقدمتهم الرفيق السكرتير حميد مجيد موسى .
-اناشد مندوبات و مندوبي المؤتمر الوطني التاسع للحزب , باسقاط القيادة الفاسدة ولترتفع أصواتهم من على أرض المؤتمر مرددين عاليا ( حزب شاده فهد لن تهده القرد) .
أناشد جماهير الشعب وكل الحالمين بوطن حر وشعب سعيد أن يساهموا بجهودهم ليتجاوز الحزب محنته وليعود الى مواقعه الحقيقية في الدفاع عن حقوق الشعب في الحرية والحياة الكريمة .
أناشد كل القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية في البلدان العربية للتضامن مع الشعب العراقي في بناء عراق حر ديمقراطي .

 

 

 

                            حوار مع الكاتب الاستاذ رضا الضاهر - الحلقة الرابعة

رسميه محمد
2011 / 3 / 23
عجائب في اطار التاريخ لا خارجه
أعود فاقول أن الكاتب يجب أن يكون حرا , والحرية هنا ,بمعنى الا تكون هناك عوائق خارجية تحول بينه وبين التقاطه لظاهرة ما, أن ينظر لها . وأن لايكتفي بكتابة ماهو مقبولا اليوم, بل ماسوف يكون مقبولا في المستقبل , بدون التمسك بهذا المنطق لايمكن كسر دوائر الزمن البرجوازي المغلقة , التي أعاقت وتعيق تفتح الزمن الانساني المتوازن بتواصل نهائي . والمنهج العلمي الجدلي ومنطق التاريخ يؤكد أن النصر في النهاية لابد أن يكون لصالح المبادرات الانسانية الواعية سواء كانت جماعية أو فردية . وأستعير هنا بعض الاقتباسات من نص روائي ممتع وهام بعنوان (النورس جوناثان لفينيغستون) للامريكي ريتشارد باخ . لاشير بدلالتها الواضحة للفكرة التي طرحتها أعلاه , وهي ضرورة تجاوز الترتيب البرجوازي للعالم , ضرورة اختراق حدود الزمن الانساني المعاصر من الداخل باتجاه الافق اللانهائي . ..
يخاطب النورس جوناثان نورسا أخر ( لاتصدق أيها البائس , لاتصدق ماتخبرك به عيناك لانهما لايريانك غير المحدود . أنظر بعقلك وتبين ماتعرفه حقا , ولسوف ترى الطريق الى التحليق ) . وعندما يحضر النورس جوناثان اجتماع المجلس العام لجماعته من النوارس التي تستنكر مغامراته في التحليق نحو الافاق المفتوحة , والبعيدة عن الحيز الضيق من الشاطئ الصغير الذي اعتادت عليه جماعته , يحدث نفسه قائلا ( ما أريده هو المشاركة فيما توصلت اليه , وأن أظهر أن الافاق الممتدة هي لنا جميعا ). ثم يرتفع بصوته مخاطبا جماعته – أهي لامسؤولية يا أخوتي ؟ , من هو أكثر مسؤولية من نورس يجد ويتبع مغزى وغاية في الحياة , طوال الف عام ونحن نتعثر وراء رؤوس السمك , أما الان فقد أصبح للحياة معنى أن نتعلم , أن نكتشف , أن نكون أحرارا ...)*.
ويمكن أن أضيف هنا أن المنهج العلمي الجدلي , يتيح الامكانية للكاتب ليس فقط استشراف أفاق المستقبل , بل الرؤية المتعددة الجوانب للاشياء , بعيدا عن السقوط في الميتافيزيق .
فالمتأمل لتاريخ الحزب الشيوعي وهو موضوع بحثنا في هذا الحوار , يرى أن هناك أكثر من جانب , فهناك الجانب المشرق والمتمثل في النضالات والتضحيات التي خاضها الحزب طيلة تاريخه المجيد . وهناك الجانب الرمادي , المتمثل في الشخصيات , التي انتهكت مبادئ الحزب وتخلت عن أهدافه وخطه النضالي الوطني الديمقراطي . واذا أردنا الانتقال من المجرد الى الملموس ومن النظري الى العملي , أتوقف عند نماذج من هذه الشخصيات القيادية وهما حسن سلطان وماجد عبد الرضا , لكي أوضح أن مايحصل عندنا من ممارسات عجيبة , ليس خارج التاريخ بل هي وقائع تاريخية يشهد عليها الكثير من الرفيقات والرفاق ). لقد عملا الشخصين المذكورين بكل طاقاتهما لعرقلة الخط النضالي للحزب في فترة النضال ضد النظا م الدكتاتوري . ولهذا الهدف حاربوا الرفاق المنسجمين مع خط الحزب وتوجهاته النضالية انذاك. وقد نلت انا الحصة الاكبر من مؤامراتهم واحابيلهم وتعرضت الى صنوف عديدة من الانتهاكات والتنكيل والاساءات , الى الدرجة التي دعت الكثير من الشخصيات الحزبية الى رفع أصواتهم الاحتجاجية للحزب واذكر من هذه الشخصيات الشاعر الكردي المعروف أحمد دلزار . واستمر هذا الوضع معي أكثر من أربع سنوات
لحين حضور الرفيق عزيز محمد السكرتير السابق للحزب , وعندما سمع شهادات الرفاق عن الانتهاكات التي تعرضت لها , سألني بأستغراب , كيف تحملت ذلك ؟. وبقية القصة معروفة فقد ذهبا لاحقا , وأرتميا في أحضان النظام الدكتاتوري المباد .
ويمكن أن أشير الى وقائع أخرى حصلت في منطقة كردستان بعد انتفاضة اذار المجيدة . لقد عمل بعض الرفاق القياديين الاكراد بكل طاقتهم للتفريق بين الرفاق العرب والاكراد , وكان بعضهم يردد( نؤسس حزب شيوعي كردي قبل أن يصبح الرفيق حميد مجيد موسى سكرتيرا للحزب لانريد سكرتير عربي ) , في الوقت الذي ظل فيه الرفيق عزيز محمد ثلاثون عاما سكرتيرا للحزب ولم يخطر على بال أحد منا فكرة من هذا النوع فقد تربينا منذ طفولتنا على الحس الاممي وعلى التضامن مع قضية الشعب الكردي ,وكان الشيوعيون العرب في الوسط والجنوب يخوضون النضال المرير ويتعرضون للاعتقالات والتعذيب لمطالبتهم بأحلال السلم في كردستان . وأذكر عندما كنت طفلة , جاء الرئيس عبد السلام عارف لزيارة مدينتنا وكان المقرر أن يخترق أحد الطلبة صفوف المحتشدين ويقدم مذكرة الى عبد السلام تطالب بأحلال السلم في كردستان , وقد ذكر الحزب لهم أن من يقدم المذكرة يكون فدائي , اذ من المؤكد أن سلطات النظام سوف تعتقله , فتبرعت شقيقتي الشهيدة فوزيه محمد هادي أن تكون هي الفدائية وكان عمرها انذاك خمسة عشر عاما.
وأترك للقارئ أن يتصور مقدار صدمتي بعد هذه الوقائع , وبعد أن قضيت مع بقية رفاقي ورفيقاتي ظروف شاقة في العمل الانصاري مع الرفاق الاكراد , أعود بعد انتفاضة أذار الى كردستان لاساعد النساء في انشاء رابطة نساء كردستان , فأتفاجأ باعتراضات شديدة من قبل بعض المسؤولين الاكراد على مساهمتي ومساعدتي للنساء , لانني عربية والعربية لايصح أن تعمل مع الكرديات حسب رؤيتهم .
أما بخصوص الانتهاكات التي أشرت اليها في الحلقات السابقة , فلا زلت احتفظ بمعطيات أخرى موثقة عنها , وسأبرزها عند الضرورة , في حالة الطعن بما سقته في الحلقات الماضية من قبل من تخصهم .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا