كتابات حرّة

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

          

مقالات مختارة

 مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 

الطبقة العاملة العراقية

 النشأة والتطور

 

بقلم : حميد لفته

إن الكثير من الوثائق  والمؤرخين  عراقيين وأجانب  تشير إلى حداثة الطبقة العاملة  العراقية  حيث لم تكن في مطلع القرن  العشرين غير مجموعة من الحرفيين في مشاغل مانيفكتورة لاتتعدى  العديد من أنوال الحياكة اليدوية  وخصوصا في بغداد  والموصل تهتم في صناعة الخيام وبعض العباءات للرجال  والنساء  من الصوف أو الوبر بالإضافة إلى صناعة الأحذية ودباغة الجلود وبعض الصناعات الحرفية كالصياغة وحدادة أدوات الزراعة والنجارة والتي غالبا مايكون  رب العمل ((الاسطه))  يزاول العمل بنفسه بالإضافة إلى عمال ((الكور)) لصناعة الطابوق لإغراض البناء بأساليب بدائية بسيطة ( إن الحركة العمالية ففي العراق  البلد المستقل  متخلفة عن بقية الأقطار العربية لمجاورة التي تعاني من الظلم والاستغلال الاستعماري)وان نسبة  العمال قليلة  جدا قياسا  للدول المجاورة بالقياس إلى عدد السكان(1)

 

البلد            النفوس عام 30- 1931                       عدد العمال                     النسبة

العراق            000و285و3                                  55000-65 ألف            2-2،4 %

سوريا             000و831و2                                  250 ألف                         9%

فلسطين           000و0و035و1                                   90000 عامل                9%

تعرضت هذه الصناعات  والأعمال  إلى الكساد والتدمير بسبب ما مربه العراق  وحواضره وخصوصا بغداد والموصل ولبصرة بعد سقوط الخلافة العباسية وتوالي السيطرة  على بغداد  من قبل قوى ودول  وأقوام  بربرية  متخلفة ومنها آل عثمان  وسيطرتهم التي دامت لمدة طويلة إلى حين  موت هذه الإمبراطورية المريضة وانتقال العراق لسيطرة  الإمبراطورية البريطانية رائدة الاستعمار الجديد سنذكر  الكوارث  والماسي  التي تعرض لها العراق وحواضره وأريافه من الخراب والقتل والأمراض  الفتاكة  وموجات الفيضانات المدمرة لدجلة والفرات واقتتال الإخوة فيما بينهم وغزوات البدو  على أطراف  المدن  وما تعرض له  من السلب والنهب والتخريب(فمثلا في عام 1831 انتشر في بغداد وباء رهيب كان يقضي في ذروته وحسب شهود عيان على أكثر من ألف  شخص يوميا ولم تكاد الأمور تهدأ بعد هذا الخراب حتى يفجر دجلة ضفتيه واغرق المدينة  وهدم حوالي ثلثي بيوتها ودفن تحت الأنقاض 15000 ألف شخص  في ليلة واحدة ونتيجة لهذه المحنة المركبة تناقص سكان بغداد في أربعة أشهر قصيرة من حوالي 80000 إلى 27000 نسمة وكان هذا يعني من الناحية الاقتصادية انخفاضا حادا في عدد المستهلكين وفي قدرة السوق المحلية على الاستيعاب ولكن الأهم  هو اختفاء حرف عديدة إلى (2)

ولكن بعد عدة سنوات  أخذت تدب تدريجيا الحياة في العمل  نظرا  لمتطلبات قوى الرأسمال العالمي الاستعماري وخصوصا الانكليزي  لحاجتها إلى مشاريع  نقل وقلاع تمركز  ومورد الغذاء وأيدي عمل رخيصة  لخدمة مخططاتها فكانت من أولى  هذه الطلائع العمالية  في مجال سكك الحديد وخصوصا سكك حديد بغداد برلين ،ومن ثم بدأت إعمال التنقيب والبحث واستخراج البترول ونهم هذه الشركات الاحتكارية من مختلف الجنسيات وخصوصا البريطانية  لاستغلال  الثروة البترولية  الهائلة  في العراق  مما جعل هاتين المجالين  السكك الحديد ((النقل)) واستخراج  واستثمار البترول الموقع الأول في حركة العمل في العراق  وازدياد  أعداد العمال  الماهرين وغير الماهرين وهنا يشير الجدول التالي  الذي يبين  عدد العمال  الذين يتمركزون في عدد المشاريع الهامة  سنة 1929-1930(3)

 

المشاريع                                                         عدد العمال

----------                                                       ------------

1- السكك الحديدية                                              6000 عامل

2- ميناء البصرة                                                 800- عامل

3- شركة نفط العراق                                            2400 عامل

4-شركة نفط خانقين                                             1100 عامل

5- جمعية تنمية القطن الانكليزية                              150 عامل

6- معمل نسيج                                                      100 عامل

 

وهذا التطور رافقه أيضا تطورا في مشاريع البناء وشق الطرق ودور الترفيه لأصحاب المال والجاه وخصوصا من أصحاب رؤوس الأموال وأرباب الشركات الاحتكارية والإقطاعيين والتجار وسماسرته في الداخل ومن كل هذا يخلص المتتبع  للوضع المزري للطبقة العاملة  من حيث قلة عددها وقلة أجورها وظروفها المعاشية الصعبة فقد بلغ اجر العامل خمسة قروش قبل الحرب العالمية الأولى.... ولم تكن هناك حدود ليوم العمل  المضني سوى شروق الشمس  وغروبها في اغلب الأحوال... ولا أية قاعدة ثانية لتحديد الأجور سوى المنافسة الحرة  التي تدفع بالعمال دوما إلى حضيض الفاقة والبؤس(4)

 

وكما يذكر كوبرمان في دراسته(( ينهض العامل كالطير ويطير من عشه كي يحصل على رغيف الخبز  الممزوج بالرماد  وهو ملزم بانجاز عمله تحت أشعة الشمس المحرقة حتى الغروب ويستلم عن يوم العمل هذا غير الأجر الزهيد البالغ 33 فلسا))  (40)وعن وصف الطبقة  العاملة العراقية  ونشأتها يقول ماجد لفته ألعبيدي في دراسته(( لقد نشأة  الطبقة العاملة العراقية بشكل فوقي مشوه كتعبير عن حاجة الرأسمالية البريطانية من مجتمع زراعي ثم احتلاله  على خلفية سقوط الإمبراطورية العثمانية وكانت تسوده العلاقات الأبوية القبلية على صعيد الريف فيما تسود المدينة  علاقات ماقبل الرأسمالية حيث الإنتاج اليدوي الحرفي)) مقال بعنوان الطبقة العاملة  العراقية  بين تعقيدات الماضي وإشكاليات  المستقبل في 1-5-2006)

 

وها هو التاريخ يعيد نفسه  ولكن بأكثر قتامه وقسوة وهمجية حيث يأتي الاحتلال الأمريكي  البريطاني المشترك هذه المرة ليحل محل ديكتاتورية غاشمة  سبق وان أتت بقطار أمريكي اسود في 63و1968وماهو ادهي إن الولايات المتحدة أعادت العراق إلى ماقبل 1920 من حيث تدمير بناه التحتية الاقتصادية والثقافية  والاجتماعية لا احد يستطيع أن يخمن كم هو عدد سكان بغداد سيكون بعد إن تتخلص من الاحتلال وقوى الإرهاب وكابوس الاقتتال الطائفي وفقدان الخدمات والإمراض الفتاكة..و...و.

من الأرقام التالية يستطيع إن نرى الشبه بين الماضي الاستعماري المندثر والاستعمار الأمريكي الحاضر من خلال مقارنة إعداد  الموظفين  والشرطة في مؤسسات  الدولة مقارنة بعدد  إفراد الشرطة بعدد العمال

 

 السنة       عدد الموظفين   عدد النفوس  عدد أفراد الشرطة
------   ---------------  ------------   ---------------
1931             3143      4,564    4,564
 1958       20031     6 مليون
عام العمال
----- ----------
1927 1639
1957 3872
1920 عدد الشرطة 2470
1958 عدد الشرطة23383
 

ومن ذلك نستطيع إن نستنتج مدى اهتمام المحتلين والسلطات التابعة لهم  بقوة القمع في الوقت الذي يزداد عدد الشرطة حوالي عشرون ألفا لايزداد عدد الموظفين والعمال أكثر من ألفين أو  أدنى من ذلك وقد كان معدل الأجور كما يذكر حنا بطاطو ج1 ص166((معدل الأجور 75 فلسا عام 1926 56فلسا في 1930 و50 فلسا 1935 و1937) وربما يترحم العمال على الوصف الماضي رغم  مأساويته وتخلفه لان عمال العراق الآن يرزحون تحت ليل البطالة وخراب منشاتها ومعاملها الصناعية.

لقد تطورت الطبقة العاملة العراقية عدديا ونوعيا وخصوصا بعد  الرابع عشر من تموز وماتلاها نتيجة  لإنشاء العديد من المصنع والمعامل والمنشاة الزراعية وبدا حركة عمرانية كبيرة  بالإضافة إلى ازدياد عدد نفوس العراق من  حوالي  ستته ملايين عام 1958 إلى أكثر من 52 مليون إنسان في الوقت الحضر  ويقدر عدد العمال  بما يقرب  السبعة ملايين فرد .

(خلافا لكل المتنبئين بتحول الطبقة العاملة إلى جمهور هلامي مفتون بالاستهلاك، يدرك المحافظون إن الطبقة العاملة تبقى في نظرهم ،مصدرا محتملا للخطر الدائم وان المعركة في سبيل كسب هذه الطبقة عقلا وقلبا،معركة شاقة وضرورية دائما (5)

كل هذا يجعلنا نؤمن إيمانا كاملا إن الطبقة العاملة لازالت تحتل دور القطب الفاعل في عملية الحراك الاجتماعي في عصر العولمة الرأسمالية  وما والاعتصامات  التي قام بها عمال نفط الجنوب والعمال العاطلين  وعمال الكهرباء وغيره إلا مثالا  بسيطا على ذلك وليس  بعيدا عنا اعتصام وتظاهرات عمال المحلة الكبرى في مصر.

وهذا مما يعطي لقوى اليسار  دعما كبيرا وقاعدة اجتماعية فاعلة إذا استطاعت إن تتلمس الأساليب والطرق الأكثر فعالية  في كسب ود العمال وثقتهم  وإيمانهم بقضيتهم دون  هيمنة أو وصاية,وقبل كل ذلك هناك إمكانية لبناء نقابات واتحادات عمالية قوية وفاعلة.

 

بدايات العمل النقابي لعمال العراق

 

ماهي النقابات؟

 

(النقابات هي منظمات موحدة كبقية المنظمات تحتم استيعاب كل أبناء الطبقة ففي وعائها ولا تستثني أية فئة أو جماعة عمالية من إطارها بسبب التباين الفكري والسياسي أو الانتساب القومي وهي مطالبة بان تدافع عن كل العمال وتحتضنهم وتوحد صفوفهم وتذود عن مصالحهم،... والحركة النقابية حركة ذات طبيعة ديمقراطية، تقدمية تكافح ضد الاستغلال الرأسمالي وضد القوانين والأنظمة الجائرة وضد سياسة الإرهاب وأساليب البيروقراطية)(6)

( أول تجربة لان ينظم العمال أنفسهم كان في نهاية 1924 من قبل جماعة من عمال السكك الحديدية والذي يشكلون اكبر مجموعة من حيث التركيز (أكثر من 800 عامل عام 1924) حيث طلب عدد منهم من الحكومة إجازة فتح نادي لعمال السكك الحديدية (7)

في( 1928-1929) تبدل الوضع السياسي وان عاصفة ثورية عمت البلاد بأجمعها وخاصة تلك الفترة بالذات من نهاية عام 1928 وبداية عام 1929 تكونت جمعية حرفي العراق (الاتحاد التعاوني للحلاقين))و(اتحاد عمال الطباعة) يضم عمال للصحف والمطابع الحكومية وفي السنة التالية تشكل (اتحاد عمال الميكانيكا) واتحاد السواق وجمعية بائعي المخضرات وقد كانت منظمة الحرفيين ابرز تلك المنظمات في النضال من اجل حقوق أعضائها وتحسين أوضاعهم تلك المنظمة التي منع نشاطها من قبل الحكومة مرتين )(8)

وفي ظل ازدياد عدد العمال في مؤسسات النقل وبعض الصناعات الاستهلاكية مثل صناعة التبوغ والغز ول والنسيج والجلود وبقية الصناعات الأخرى، ماتعرض له العمال العراقيون من شتى أنواع الاستغلال والاضطهاد على أيدي أصحاب رؤوس الأموال من وطنيين أو أجانب وعدم الاستجابة لأبسط مطاليبهم بالإضافة إلى فتح نافذة الاطلاع على العالم المتحضر والمتقدم في الشرق والغرب الرأسمالي ودور بعض المتنورين ومناصري حقوق العمال في العراق.

مما بلور لدى إعداد متزايدة من العمال ضرورة قيام تنظيم نقابي مهني يهتم بأوضاعهم وينظم صفوفهم في سبيل تحقيق مطالبهم وقد كانت الريادة في هذا المجال لعمال السكك الحديد بقيادة محمد صالح القزاز.

في 21-8- 1934 تهيأ العمال لعقد مؤتمر عمال عموم القطر لانتخاب هيئة جديدة ووضع منهاج جديد.

في 27-8-1934 استلم القزاز سماحا بفتح لاتحاد الممنوع.

في 8-9-1934 اعتقل القزاز مع جماعة من الشباب الثوري بحجة أنهم نظموا خططا ضد الملك.

ومن المعلوم إن السلطات الحاكمة كانت تستشيط غضبا لأي نشاط عمالي منظم للمطالبة بحقوقهم في الأجر والرعاية الصحية والسكن اللائقان النضال النقابي هو في نفس الوقت نضالٌ من اجل الديمقراطية ومحاربة الاستبداد ومنفذيه ووسائله(إن الديمقراطية النقابية ترتبط ارتباطا عضويا بالديمقراطية العامة وتؤثر الواحدة بالأخرى تأثيرا مباشرا لذلك كان من أول واجبات الحركة النقابية النضال في سبيل ترسيخ وتوسيع مظاهر الديمقراطية العامة لأنه لايمكن إن تديم وجودها وتستمر بعملها في ظروف انحسار الديمقراطية)(9) .

ولكن غالبا ما تؤثر بعض العناصر الطارئة والانتهازية الموظفة من قبل السلطات الديكتاتورية وأصحاب رؤوس الأموال من القوى المستغلة أي حرف النقابات والاتحادات عن مسارها المهني والوطني وزجها في قضايا وفعاليات لاتخدم الطبقة العاملة بل تجر إلى المزيد من البلادة أو التطرف اليساري أو اليميني على حد سواء( ففي الوقت الذي تفتقد الحركة النقابية عنصر الوعي، أو يضعف دوره في توجيه أمورها فان هذه الوافدات تجد في هذه الحركة بيئة ملائمة لتفريخ كل مظاهرها السلبية وآثامها، حيث تسيرها بالطريق الذي تريده هي ،اليمين أو اليسار أو تبعدها عن جماهير الطبقة العاملة فتحيلها إلى هيكل إلى هيكل هزيل عديم القدرة والتأثير في حين تشتد المشاكل وتتعقد ظروف العمل والحياة العامة)(10)

وكذلك من الضروري والهام جدا عدم إخضاع النقابة لأي اتجاه سياسي أو تنظيم غير تنظيمها المهني بحيث تكون قادرة على اتخاذ القرار المستقل وبما ينسجم معم صالح الطبقة أو الفئة الاجتماعية التي تمثلها النقابة أو الاتحاد مما يخضع قراراتها إلى توجهات الحزب السياسي الذي صنع النقابة سواء داخل السلطة السياسية كما جرى مع البعث في العراق أو خارج السلطة ( إن النقابة ليست حزبا،ولا جماعة فكرية فلا يصح إخضاعها لاتجاه سياسي معين ولا إلزامها بتنظيم غير تنظيمها لان هذا الأسلوب من الممارسة النقابية يسحب الخلافات السياسية والفكرية من صعيد السياسة إلى صعيد الحركة النقابية فتتعرض وحدتها وتسيب الأضرار للطبقة العاملة والحركة الوطنية نفسها)(11)

وهذا ما تعيشه الطبقة العاملة العراقية بعد تشظي الدكتاتورية في العراق حيث تم توزيع المناصب القيادية للاتحاد حسب المحاصصة الطائفية والعرقية كانعكاس عن نظام المحاصصة في الحكم أو تشكلت اتحادات أو مجالس مصنعة من حزب سياسي معين يدعي إن الممثل الحقيقي والطليعي للطبقة العملة وكلاهما في واقع الأمر إنما ينصب نفسه وصيا ووليا لأمر الطبقة العاملة ومن خرج صفوفها وبذلك يغلقون الطريق أمام العمال لاختيار ممثليهم من العمال الذين اختبروهم خلال تاريخ الصراع الطبقي والوطني وحصلوا على ثقتهم واحترامهم كممثلين حقيقيين وصادقين للعمال.

 

طبيعة الطبقة العاملة العراقية وأفاق التطور

 

لايمكن لأي طبقة أو فئة اجتماعية أن تكون منفصلة من حيث الصفة والمواصفات السيكولوجية والسلوك اليومي والعام عن المجتمع الذي تنبثق منه وما يتعرض له هذا المجتمع خلال تاريخ تطوره وصيرورته حيث يذكر هنا حنا بطاطو في هذا المقال(( عند ملاحظة تتابع الأوبئة والمجاعات والفيضانات والكوارث الأخرى التي حلت ببغداد إن المدينة كانت أشبه بشرك للموت وإنها كانت مفترسة الناس وان مناطق العشائر كانت مصدرا للتعويض وخزانا للسكان بالنسبة للمدينة)) والثقافة العامة والموروث الحضاري للشعب والمجتمع(فمن 1621-1895 حصلت في بغداد 6 مجاعات و7 فيضان مدمر أووباء شامل حرب أهلية طائفية مجزرة فارسية ضد السنة ((قتل مئات الألوف)) وبيع الآلاف كعبيد مجزرة تركية ضد الفرس ذهب ضحيتها 30 ألف شخص حصار فارسي ((أكثر من 100 ألف ماتو جوعا))(( طاعون شديد ))

ولم تكن أمهات المدن العراقية بأفضل حالا من بغداد من حيث الكوارث والغزوات والأمراض والمجاعات. ومن يتأمل حال العراق ومدنه وبالخصوص بغداد يرى مصداقية قول بطاطو بان بغداد كانت ولازالت(مفترسة) للناس وشرك للموت ففي مطلع القرن الثاني والعشرين تبدو بغداد والموصل والبصرة كمدن أشباح لاتعرف غير أدوات القتل والحرائق والمصائب ربما فاق كل ماسبقه فمن حروب الديكتاتورية السوداء إلى حروب "التحرير" الهوجاء.

وبذلك لايمكن إن نعزل الطبقة العاملة في ميزاتها العامة عن المجتمع العراقي عموما وما ستبطنه لاوعيه الجمعي من تطلعات وتصرفات ونهج سلوكي وحضاري ومنها صراع قيم البداوة والحضر في الشخصية العراقية ، قيم الريف والمدينة قيم وحضارة الحداثة العلمية والفلسفية وما قبلها، تنوع مكونات المجتمع العراقية القومية والدينية .

وديان عميقة وجبال شاهقة سهول خصبة ومسطحات مائية واسعة و صحارى مجدبة واسعة مناخ متطرف بين شتاء بارد قارص وصيف حار ملتهب تباين طبقي صارخ بين ثراء فاحش وفقر مدقع.

إن مجمل ماذكر ناه تكاد إن تكون عوامل موضوعية خارجة عن تحكم الفرد العراقي وما تعكسه على سلوكه وتصرفاته وشخصيته والتي غالبا ماتتميز بالتناقض والتحولات الدراماتيكية السريعة وردود الفعل السريعة والعاطفية الجياشة بقوة ورقة وعذوبة مياه الرافدين وط0او طغيان وفيضانه أو صهيوده وشحته بين عطاء السهول وجدب الصحراء...الخ عموم هذه الصفات لابد إن تجد لها مظاهر وتجليات لدى عموم العراقيين ومن ضمنهم العمال.

ففي الوقت الذي استطاعت الطبقة العاملة العراقية إن تكون وسطا ملائما وتربة خصبة للأفكار الأممية ونزعة التسامح القومي والديني والاندفاع العاطفي الايجابي للانتصار للحق والعدل ورفض الظلم والقهر مما سهل رسوخ الأفكار الداعية للعدل والمساواة والتضامن الإنساني وخصوصا الفكر الاشتراكي خلال سنوات العشرينات من القرن المنصرم كنفوذ الحزب الوطني الديمقراطي العراقي ومن ثم شبه الهيمنة للحزب الشيوعي العراقي عل نشاطات وفعاليات ونضالات الطبقة العاملة العراقية وعموم الكادحين والنازعين صوب الحرية والعدالة في العراق. حيث تبوء غير قليل من العمال العراقيين أو م أصول عمالية عراقية مواقع ومراكز هامة في قيادة الحزب الشيوعي العراقي.

وهذا ليس غريبا على تاريخ الشعب العراقي موطن ومولد الحركات الثورية في العالم العربي والإسلامي كحركة الزنج والقرامطة والحركات الثورية الأخرى التي تغص بها كتب التاريخ كالحركات العلوية والإسماعيلية كحركات تحمل لواء العدل والحرية ومناهضة الاستبداد والتعصب القومي والديني ولكن من العوامل الهامة الكابحة لتطور وتقدم نضالات الطبقة العاملة العراقية هي الطبيعة الريعية لمختلف الحكومات التي تولت الحكم في العراق ومنها الخلافة العباسية ومن ثم الإمبراطورية العثمانية مما أعاق كثيرا نمو الصناعات والقطاعات المنتجة في عموم البلدان الغربية والإسلامية وخصوصا العراق ثم كان الاستعمار البريطاني للعراق وتحويله إلى مستعمرة تدر ذهبا اسودا في جيوب الرأسمال الاحتكاري النفطي جاهدا للعمل دون تطور البلاد الزراعي والصناعي ماعدى مايصب في خدمة اقتصاده وتطوره وحماية مصالحه وخصوصا في مجال القطاع الخدمي والاستهلاكي الغير منتج مما أعاق وعوق نمو وتطور الطبقة العاملة العراقية من حيث العد والنوع حيث يذكر بطاطو

(إن الانكليز الذين كانوا يتوقون إلى تجنب الكلفة الباهظة للإبقاء على قوات احتلال كبيرة في البلاد راو في موازنة العشائر ضد أهل المدن ضمانا أكيدا لاستمرار سلطتهم وهكذا فأنهم لم يحاولوا فقط وقف العملية المبتدئة لانحلال العشائري أو صون سلطة رؤوسا العشائر وتبريرها أو المحافظة على الحد الأدنى فحسب من التفاعل بين أهل المدينة والعشائر بل أنهم عملوا على تدعيم الانشقاق القائم بتقوية العادات العشائرية بل أنهم عملوا عل تدعيم الانشقاق القائم بتقوية العادات العشائرية والاعتراف بها رسميا وأنظمة حل النزاعات العشائرية التي أصدرها الانكليز في 27 تموز 1918 بصيغة بلاغات لها قوة القانون)(12)

وحتى بعد التخلص بشكل يبدو كاملا من الهيمنة الرأسمالية الامبريالية وخصوصا بعد 14 تموز 1958 وما بعدها من الانقلابات ولتغيرات والحكومات فبالإضافة إلى كونها غير مستقرة ومضطربة وهذا بالتالي يعرقل كثيرا من خططها وبرامجها الاقتصادية والتنموية بالإضافة التدخلات والأيدي الظاهرة والمستترة لقوى الرأسمال العالمي التي تعمل لعرقلة ونمو اقتصاديات البلدان المتخلفة وإحكامها ربط اقتصادها بالسوق الرأسمالي العالمي وقد كان للانقلاب الفاشي في 8شباط 1963 اثر كبيرا في عرقلة وإجهاض الحركة النهضوية العراقية وفي مقدمتها تشتيت وإضعاف وشرذمة وكبح جماح الطبقة العاملة التي أرعبت أعداءها الطبقيين في الداخل والخارج.

هذا العامل يضاف إلى اعتماد السلطات والحكومات لعراقية على البترول كمصدر رئيسي من مصادر الثروة والمال وكمورد للصرف والإنفاق على دواوين الحكومة وأجهزتها القمعية والخدمية بالإضافة إلى ارتباطاتها المتباينة بالرأسمال العالمي حال دون اعتمادها المشاريع الصناعية والزراعية الكبيرة لتكون مصدرا مهما من مصادر الثروة مما جعل من العراق بلدا مستهلكا بالدرج الأولى فبدلا م إن تكون الدولة هي التي تمد يدها إلى الشعب ودافعي الضرائب لتمويل مؤسساتها فاستحواذها على المارد النفطية كانت يد الشعب هي الأدنى والحكومات هي صاحبة المكرمات والمنح والعطايا لأبناء الشعب .

كل هذا أدى إلى عدم تطور الطبقة العاملة العراقية وحال دون تعاظم دورها في الشأن العراقي السياسي والاقتصادي مما جعلها تعيش واقع الضعف والتبعية وذلك كون المال يصقل وعيهم الطبقي والسياسي بدرجة كافي لكون اغلبهم من منحدر فلاحي حديث العهد بالعمل الصناعي والحضري ففي لوقت الذي يضع رجله في المعمل والمدينة تكون رجله الثانية وجزءا كبيرا من عقله وسلوكه معلقا في القرية وقيم القبيلة والعشيرة مما وضع عوائق كبيرة إمام السعاة السياسيين والنشطاء الثوريين لجذبهم نحو العمل المهني ولسياسي وفهم واستيعاب الصراع الطبقي وطول المطاولة في معارك الكفاح الطبقية والوطنية ضد قوى الاستبداد والاستغلال.

يضاف إلى كل هذا وبهذا كله استطاعت القوى السلطوية والظلامية إن تحرف العمال عن طريقهم الكفاحي الثوري والعمل على زج العمال في معارك طائفية وعشائرية ومعارك ثانوية على نطاق العراق بأكمله على نطاق المدينة الواحدة فمرة تحت الذراع الطائفية والقومية والعرقية وحتى على مستوى المحلات والأطراف وبين سكنة الريف والمدينة وتفضيل بعضهم على البعض الأخر وخلق بؤر التوتر والحساسية بين بعضهم البعض وما نعيشه الآن تحت ظل الاحتلال والاستغلال الرأسمالي لخير دليل على مانقول حيث تم جر العمال وعموم الكادحين في أتون حرب أهلية طائفية مدمرة.

ومفاعله الدكتاتور صدام بتحويل العمال إلى موظفين إلا احد أسباب وسلوك الذي استمرت سلطات مابعد الديكتاتورية لمركزة على التمسك بها بدافع إبعاد الطبقة العاملة لتأخذ دورها الفاعل في العملية السياسية والطبقية في العراق وقد تجسد هذا الأمر واضحا وجليا تمتما فتغييب صوت الطبقة العاملة في البرلمان العراقي والحكومة العراقية التي ثبتت بخبث وسبق إصرار من قبل المحتلين ضمن أسس ومنهج المحاصصة الطائفية والعرقية وليس عل أساس التمثيل الاجتماعي سعيا منها لإدامة الوضع المشحون والمتوتر والغير مستقر في العراق مما يسهل لقوى الرأسمال العالمي وأتباع وأذنابه في الداخل نهب ثروة العراق والاستئثار بالثروة والجاه وعدم إذكاء روح الوطنية والطبقة الواعية والصادقة بين جماهير العراق المعدمة والمقهورة المتطلعة صوب الحرية والكرامة والمساواة.

 

الطبقة العاملة العراقية والوضع الراهن

 

إن الواقع الراهن للعراق وهو يرزح تحت هيمنة الرأسمالية العالمية المتوحشة بقيادة الرأسمال الأمريكي المسلح إلي تثبت إن العولمة الرأسمالية المسلحة هي الطور الأخير من الامبريالية باعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية كما وصفها لينين بالإضافة إلى تشظية الدكتاتور الأوحد(صدام حسين) إلى عدد لايحصى من أقزام ديكتاتورية بأشكال وأوصاف ومسميات شتى بين دينية وعرقية وقومية مختلفة وفتح الحدود لكل قوى الإرهاب والقوى المعادية للولايات المتحدة تحت مختلف الأسماء والمسميات لتكون الساحة العراقية هي الساحة المختارة من قبل أمريكا للمنزلة وطبعا هذا الحال أتاح للمافيات المختلفة لتجد لها مرتعا خصبا في العراق وقد ارتضى هذا الخيار الأشقاء العرب والمسلمين ؟؟!!

مما يضع أمام الطبقة العاملة العراقية وقواها الواعية وقياداتها المهام الرئيسية التالية كم نجتهد:-

أولا- إن يكون لها برنامج واضح لمقاومة الرأسمال العالمي والأمريكي بوجه الخصوص حيث يأخذ نضال العمال دورا مزدوجا أي دورا وطنيا ضد المحتل وطبقيا ضد المستغل.

ثاني- وبالارتباط مع أولا إن يسعى نشطاء العمال على توحيد صفوفهم والانضواء تحت لواء نقابات ومنظمات واتحادات مهنية قوية وفاعلة وعدم الانجرار لما يريده أعدائها الوطنيين والطبقيين في حالة الشرذمة والتشتت.

ثالثا-إتباع وتفعيل عامل ضغط بمساندة كل القوى الوطنية والديمقراطية وخصوصا اليسارية مها على الحكومة العراقية من اجل إعادة الحياة للمصانع والمعامل والمنشات الصناعية والزراعية المختلفة وبناء الجديد منها لاستيعاب اليد العاملة العاطلة والمعطلة.

رابعا- العمل الجاد بمختلف الوسائل ليكون صوت الطبقة العاملة مسموعا على الساحة السياسية العراقية ليكون حاضرا في قبة البرلمان كطرف رئيس فاعل عند اتخاذ مختلف القرارات والقوانين والإجراءات بما يخص رفاه الشعب وحرية ومستقبل الوطن بعد إن تم تغييب الطبقة العامل وممثليها في البرلمان وسط هرج الطائفية والعرقية وفقا لما يخدم مصالح الاحتلال ورأس المال والطبقة السياسية المنتقاة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لحكم العراق.

خامسا- التخلص من هيمنة صيغة المحاصصة في قيادة العمل النقابي المفروض من قبل الطبقة السياسية البرايمرية وتهميش الممثلين الحقيقيين للعمال عبر انتخاب ديمقراطي نزيه حر والعمل على تعبئة العمال ونشطائهم لانتخاب وتبريز قيادات عمالية مناضلة فاعلة كفوءة ومجربة.

سادسا- إيجاد أفضل الروابط والوشائج والعلاقات التنسيقية والنضالية مع قوى اليسار العراقي والعربي والعالمي بما فيه الأمريكي ومع نقابات العمالية الفاعلة في هذه البلدان من اجل الوقوف بوجه الاحتلال ورموز الرأسمال العالمي ومناهضة العولمة الرأسمالية المتوحشة مع ضرورة عدم هيمنة طرف على الأخر أو فرض وصايته وهيمنته ليكون كل عمل سياسي هو عمل ديمقراطي ولكن ليس كل عمل مهني وديمقراطي أو نقابي هو عمل سياسي بالضرورة.

سابعا- الاهتمام البالغ بالدور الإعلامي الدعائي لنشر فكر وروح وتراث لطبقة العاملة لعراقية أولا والعالمة عموما بين صفوف الشغيلة اليد والفكر والعمل على تأسيس دور الثقافة العمالية في مختلف لمحافظات العراقية بالإضافة إلى ضرورة وجود كلية أو جامعة عمالية تختص بتهيئة وتأهيل كوادر عمالية متسلحة بالعلم وأساليب الكفاح ووسائله وطرقه العملية والقانونية والدستورية.

العمل على تأسيس صناديق لتضامن العمالي لتكن عونا غير مشروطا للعمال وعوائلهم ضد حالات البطالة والسجن أو لملاحقة والمرض مع إقامة أفضل العلاقات مع المثقفين اليساريين والديمقراطيين باعتباره من أكفاء واقدر الأضواء المجربة لكشف دهاليز الظلم والظلام الرأسمالي والإرهابي وفك مغاليق أسباب البؤس والجهل والبطالة والتخلف.

ثامنا- نبذ روح والاتكالية للنقابات والاتحادات والمنظمات العمالية على الرعوية واستجداء المعونة وانتصار فرمنها للعمل النقابي والتبرك بصولجان السلطة وعصاه الأبوية التي سرعان ما تتحول من عكازه إلى هراوة وسوط لجلد العمال عند مساسهم لمصلح الطبقات المستغلة التي رعاها السلطة وليكن العمل النقابي عمل تطوعي مهني ذو تمويل ذاتي أو غير مشروط والحذر ن العناصر النفعية والانتهازية والمصلحية ونفايات النظام الدكتاتوري السابق وهم أصحاب الخبرة والتجربة في أساليب الحربنة والتسلل والتلون ولبس الأقنعة للسيطرة على المنظمات والنقابات المهنية والديمقراطي العراقية خدمة لأهدافها وحرفها عن أهدافها الحقيقة والذي يشير لواقع الفعلي للأسف نجاح مثل هذه النماذج في مساعيها هذه.

تاسعا- تنظيم كفاح منظم ومتواصل لإلغاء مفارقة التمويل الذاتي للمنشات والمعامل الصناعية( رغم كل مالحق بها من ا لدمار والخراب والسلب والنهب والتعطيل والإهمال وتقادم اغلبها وافتقادها لمصادر الطاقة والمواد الأولية والمكمل لعملية الإنتاج والتشغيل بالإضافة إلى عدم حمايتها من افتراس السلع والمواد البديلة المستوردة ضمن منهج حرية السوق وعدم وجود حماية للمنتج الوطني لحين بلوغها سن الرشد وإنهاء فترة من النقاهة لتكون قادرة على حد معقول من المنافسة هذا بالإضافة للأوضاع الأمنية لمتردية مما تنعكس سلبا على العمل والعمال والذي ذهب العشرات منهم ضحايا الإرهاب والعنف والبضد من ذلك تسعى بعض القوى المتنفذة في السلطة إلى تفكيك المنشآت والمصانع الإنتاجية العراقية وبيعها في سوق الخردة أو اوعطاءها بما يشبه الهدية المجانية إلى حواشيها من المنتفعين بدعوى تشجيع القطاع الخاص وليكن ا لعراق سوقا واسعا للاستهلاك وليس للإنتاج وهذا مما يساعد إلى تحجيم وتقزيم وتبليد الطبقة العاملة العراقية خدمة لأصحاب المال ورأس المال.

إننا إذ نعرض تصوراتنا إنما ننطلق من الكثير من الحقائق والمشاهدات من الحقائق الظاهرة والمستترة والغير مستعصية على الباحث والمتابع للوضع الصناعي والزراعي في العراق والواقع المزري لقوى العمل والإنتاج في العراق.

المصادر:-

1- الثقافة الجديدة – أيار - العدد 24 - 1971.

2- ح.حنا بطاطو – ( تاريخ العراق ) – ج1- الصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ372ــــــــــفحة .

3- صباح الدرة – الثقافة الجديدة – العدد 24- أيار -1971 – الصــــــــــــــــــــ37ـــــــــــــفحة .

4- نفس المصدر – الصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ20-30ـــــــــــــــــــــــــــفحة .

5- نفس المصدر .

6- ماجد لفته العبيدي – ( الطبقة العاملة العراقية بين تعقيدات الماضي وإشكاليات المستقبل ) – 1-5-2006 .

7- صادق جعفر ألفلاحي – ( الثقافة الجديدة ) – العدد 28 – أيار - 1973.

8- نفس المصدر .

9- الثقافة الجديدة – العدد 24 – أيار - 1971 – الصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ155ــــــــــــــفحة .

10- نفس المصدر .

11- نفس المصدر – الصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ22ـــــــــــــــــفحة .

12- حنا بطاطو – ( العراق ) – الكتاب الأول – الصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ43ـــــــــــــــفحة

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا