حول تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه لتقييم المناطق الملوثة في العراق 2005

لمصلحة من يتم تجاهل التلوث الاشعاعي في العراق؟؟

إعداد عزام محمد مكي

uruk34@btinternet.com

www.duiraq.org

الجزء الثاني

اليورانيوم "المنضب"

لقد استخدمت في الحروب التي شنت ضد العراق 1991 و 2003 كميات كبيرة من اليورانيوم "المنضب" اكبر بكثير من مما استخدمت في الحروب التي شنت على كل من افغانستان و البلقان، مع ذلك استرعت منطقة البلقان اهتمام وتدخل اكبر من قبل الامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة النووية، حيث بعثت الامم المتحدة خبرائها لاجراء عمليات المسح الضرورية فيما يخص تحديد مناطق التلوث باليورانيوم ومستوى التلوث ومدى خطورته على الناس والبيئة ووضع التوصيات  الضرورية لتنظيف المناطق الملوثة. لقد تم ارسال بعثات متخصصة الى جميع مناطق ماكانت تسمى بيوغسلافيا.      أقول بانه رغم الكمية الكبيرة من اليورانيوم التي القيت على العراق وخاصة وانه في حرب 2003 تم تركيز الضرب على المناطق السكنية، مع ذلك لم يتم لحد الآن اي مسعى جدي جدي يتناسب مع الحجم الكبير للخطر الذي تعيش في ظله الملايين من ابناء الشعب العراقي، سوى ماتضمنه تقرير الامم المتحدة في 2003 المشار اليه سابقا.  مع العلم بان القسم المتعلق باليورانيوم في هذا التقرير لم يستند على بحث ميداني من خبراء او اختصاصيين، وانما استند على على ماورد في الصحافة وعلى ماورد في الدراسة الميدانية التي  اجراها فريق الامم المتحدة على الاراضي الكويتية بدعوة من الحكومة الكويتية، لدراسة عواقب استخدام اليورانيوم في حرب 1991. مع ذلك وبناء على هذه المعلومات اوصى تقرير الامم المتحدة بضرورة الاسراع باتخاذ الخطوات   اللازمة لرفع الوعي بالخطورة الناجمة عن التلوث باليورانيوم بالاضافة الى تحديد مناطق  التلوث ومستواه.

ماهو اليورانيوم "المنضب" وهل هو منضب حقاً؟

ان اليورانيوم "المنضب" معدن ثقيل عالي السمية وهو منتوج ثانوي لعملية تخصيب اليورانيوم.  وهو مثله مثل اليورانيوم الطبيعي والمخصب، مادة سامة من الناحيتين الكيميائية والاشعاعية، ورغم تسميته بالمنضب يبقى يمتلك 60% من الطاقة الاشعاعية لليورانيوم الطبيعي. وحسب مديرية الطاقة الامريكية، فان كمية اليورانيوم "المنضب" المخزن حاليا تقدر بحوالي 700,000 طن متري وتقوم هذه المديرية بادارة مشروع ضخم يتولى الاشراف على هذا المخزون الهائل والموزع على عدة مناطق على الاراضي الامريكية، من خلال برنامج صيانة في منتهى التشدد.   حيث يتم خزن اليورانيوم "المنضب" في اسطوانات من الفولاذ سمكها 0.79 سم. وتحتوي كل اسطوانة على 12 طن متري من اليورانيوم المنضب.  رغم التشدد في برنامج الفحص الدوري على هذه الاسطوانات، المتضمنه اعادة تغليف الاسطوانات وتغير اماكنها لاجل ضمان عدم حدوث تسرب، مع ذلك فقد اثار وجودها الكثير من الاعتراضات.  ففي ولاية تينسي على سبيل المثال، تم الاتفاق اما على تحويل كل المخزون في هذه الولاية، او ازالته قبل 31 كانون اول 2009 من الولاية بالكامل. وبناء على توصيات مقدمة من مجلس الامن الدفاعي للوسائل النووية، قامت مديرية الطاقة الامريكية بتطبيق برنامج مشدد لتأمين سلامة وامن الاسطوانات وعلى اثرها تمت المصادقة على ان عملية الخزن تلبي متطلبات الامن مادام البرنامج مطبق بشكل حرفي.  ان كل هذه الاجراءات المكلفة نابعة بالتاكيد من الاقرار بالخطورة الكبيرة التي يشكلها اليورانيوم "المنضب" من خلال خصائصه الاشعاعية والكيميائية.

وبسبب الكلفة العالية التي تتطلبها عمليات الخزن والمراقبة والصيانه، تقود الادارة الامريكية الى برنامج للتعامل مع هذه الكمية الهائلة من اليورانيوم " المنضب"، بالاضافة الى ايجاد بدائل لعمليات الخزن الحالية.  ومن ضمن هذه البدائل استخدام اليورانيوم "المنضب" للاغراض العسكرية.

ميزتان اساسيتان تأسس عليهما تفضيل اليورانيوم "المنضب" على معادن اخرى، لصناعة القذائف المضادة للدروع والتحصينات هما الكثافة العالية له ( 1.7 مرة قدر كثافة الرصاص)، حيث تزن كمية بحجم كرة المنضدة منه ˝ كغم، وكذلك الطاقة الحرارية الهائلة التي تنطلق من احتراقه اثر ارتطامه بالهدف ، قادرة على صهر المعدن وحرق مابداخل الهدف.

لقد اثبتت قذائف اليورانيوم "المنضب" فعالية عالية في كل الحروب التي استخدمت فيه هذا السلاح الرهيب بدءاً من حرب الخليج/الكويت و حرب البلقان واخيرا الحرب التي شنت على العراق في 2003. ان الحرارة العالية المنبثقة من ارتطام قذيفة اليورانيوم مع جدار الدبابة يجعل اختراق القذيفة للدبابة كمثل اختراق السكين للزبد.  ولكن مايحصل بعد ذلك لايهم ادارة المجمع الصناعي العسكري الامريكي المهتم بسحق "العدو" فحسب.

عندما تصطدم قذيفة اليورانيوم بجسم الهدف يحترق 70% من اليورانيوم متحولا الى غبيرات من اوكسيد اليورانيوم التي سوف  تتطاير في الهواء بسبب الانفجار مما يساعد على انتشارها على مناطق واسعة.

ورد في احدى وثائق الجيش الامريكي بان السحابة الناتجة عن انفجار قذيفة اليورانيوم "المنضب" تحتوي على غبيرات اوكسيد اليورانيوم القابلة للاستنشاق والدخول الى الجهاز الهضمي وكذلك التنفسي مسببة التسمم.

ان 60% من غبيرات اليورانيوم يكون قطرها اقل من 5 ميكرون وان قطر  الغبيرات القابلة للاستنشاق هو اقل من 10 ميكرون.

لقد اثبتت الاختبارات الميدانية للجيش الامريكي بان التلوث الاكبر يحدث ضمن 5 الى 7 متر من منطقة الانفجار ولكن سحابة الغبيرات المتكونة بسبب الانفجار الذي يقذفها عاليا في الهواء يمكن ان تحمل مع الريح الى مسافه حوالي 40 كم.  ورغم نفي الادارة العسكرية في كل من بريطانيا واميركا امكانية انتشار اليورانيوم كل هذه المسافة،  خرجت دراسة علمية حديثة تسلط الضؤ على امكانية ان تكون اجواء اوربا قد تلوثت باليورانيوم جراء حملة "الترويع والصدمة" التي القيت في ليلة واحدة منها 1500 قنبلة على بغداد وحدها.

هل أدى استخدام اسلحة اليورانيوم في حرب الخليج الثانية الى حدوث تلوث في اجواء اوربا؟

هذا هو عنوان الدراسة العلمية التي نشرت في كانون ثاني 2006 في مجلة (European Biology and Bioelectromagnetics ( ونشرت جريدة (Sunday Times ) تقرير وافي عنه في 19 شباط 2006. اعتمدت هذه الدراسة على القياسات التي تم تسجيلها من قبل (Atomic Weapons Establishment (AWE)) في مقاطعة باركشاير في انكلتره.  تقوم هذه المنشأة بمراقبة نسبة اليورانيوم في الجو منذ بداية التسعينات مع اربعة مواقع اخرى تبعد عن بعضها 15 كم. ان السبب المباشر وراء ايجاد اجهزة الرقابةهذه، هو اكتشاف تجمع لاصابات بالليوكيما بين الاطفال في المنطقة في أواخر الثمانينات القرن الماضي! لقد استطاع كريس بيسبي صاحب هذه الدراسة من الحصول على هذه القياسات من خلال قانون حرية المعلومات الذي اقر سابقا من قبل البرلمان البريطاني.  ان اجهزة المراقبة في  (AWE) سجلت زيادة ملحوظه في نسبة اليورانيوم الموجودة في الهواء في فترة الحرب (آذار 2003) وصلت في بعض الاحيان الى اربعة مرات النسبة المعتادة.   فيؤكد  بيبسي في دراسته ليس فقط امكانية ان تلوث سحابة اليورانيوم المناطق السكانية القريبة من ساحة المعركة ولكن لتتجاوز ذلك الى الآف الكيلومترات. حيث بين بأنه خلال التسعة ايام  مابعد نشوب الحرب على العراق في 19 آذار 2003 تم تسجيل ارتفاع عالي في تركيز اليورانيوم في خمسة مناطق في باركشاير في نفس الوقت الذي سجلت فيه مراصد الانواء الجوية انسياب مستمر لتيارات الهواء من العراق باتجاه المناطق الشمالية. كماسجلت المراصد كذلك بان بريطانيا كانت في مركز ( Anticyclone ) الذي يسحب الهواء من الجنوب والجنوب الشرقي.  ولنا ان نتصور بعد ذلك كيف كانت حالة الهواء آنذاك في العراق.  الهواء الذي يسنتشقه الملايين من اطفال العراق!!

كمية اليورانيوم الذي استخدم في الحروب التي شنت على العراق

تقدر كمية اليورانيوم التي استخدمت في حرب الخليج/الكويت 1990 بحدود 400 طن توزعت على 940،000 قذيفة اطلقت من الطائرات و 4000 قذيفة ثقيلة اطلقت من الدبابات.  في تقرير لادارة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة مٌرسل الى وزرة الدفاع البريطانية وسرب الى الصحافة في 1991، تم تقدير ضحايا التعرض لليورانيوم "المنضب" من الجنود والمدنيين خلال السنوات العشر مابعد الحرب، بحدود 500،000.  لقد اعتمد التقري في تقديره على ان كمية اليورانيوم المستخدمة كانت في حدود 40 طن فقط!!

اما في حملة "الصدمة والترويع" التي بدات في شنها قوات الغزو الامريكية والبريطانية منذ  آذار 2003، تم القاء مابين 1000 الى 2000 طن من اليورانيوم "المنضب". الذي يميز هذه الحملة عن سابقتها بالاضافة الى مضاعفة الكمية هو استخدام قنابل اليورانيوم في المناطق السكنية وكذلك استخدام القنابل ذات العيار الثقيل من زنة 200 باوند بالاضافة الى الصواريخ المقادة والمضادة للمخابئ. ان استخدام القنابل ذات التفجير الهائل ساعد على انتشار السحابات الحاملة لغبار اليورانيوم الى مسافات اعلى مما ساعد بالتاكيد على انتشارها على المناطق السكانية.

عواقب استخدام اليورانيوم "المنضب"

ان الحاق صفة "المنضب" مع اسم اليورانيوم هو استخدام تضليلي يراد منه توصيف غير صحيح لهذا المعدن الخسيس.  حيث يراد من كلمة "منضب" اطاء صفة الضعف على هذا المعدن مع العلم ان الشئ الوحيد الضعيف فيه هو ثمنه.  فأنه رخيص بشكل قذر.  ان اليورانيوم الموصوف بالمنضب هو احد صور اليورانيوم المتعددة. وبالتالي فهو يمتلك نفس الخصائص السمية (كيميائيا واشعاعيا) لليورانيوم الطبيعي الخام والمخصب. فكل من هذه الانواع قادرة على اطلاق دقائق الفا وبيتا وغاما التي تمتلك تاثير مدمر على وحدة بناء جسم الكائن الحي (الخلايا) حيث تهاجم هذه الدقائق وتخرب االجزء الاولي والحيوي للحياة  الا وهي الشفرة الوراثية الموجودة في الكروموسومات (DNA).

وللمقارنة فان اليورانيوم لطبيعي يحتوي على 0.7% من نظير اليورانيوم (U-235)، واثناء عملية تخصيب اليورانيوم تتم عملية استخلاص النظير (U-235) لتكوين اليورانيوم المخصب الذي يسخدم كوقود للمفاعلات النووية وصناعة القنابل الذريه.  ان عملية التخصيب هذه سينتج عنها يورانيوم يحتوي على النظير (U-235) بتركيز 0.2% سيسمى عندئذ باليورانيوم "المنضب".  وحسب البروفسور في الطب والضابط السابق في الجيش الامريكي، الدكتور دوراكوفيتج فأن 1 ملليغرام من اليورانيوم تطلق خلال سنة 390 مليون من دقائق الفا و 780 مليون من دقائق بيتا بالاضافة الى اشعة غاما، قادرة بطاقتها الاشعاعية والتأينية العالية على ان تسبب تدمير كبير ضمن البناء الحيوي لجسم الانسان، مهاجمة المبايض، الرئتين، العقد اللمفاوية، الكلى، الدم، العظام، الدماغ، المعدة والاجنه.

قنابل نووية صغيرة في جسم الانسان

 

 وبعكس ماتدعيه الحكومتان الامريكية والبريطانية، بنفيهم وجود مخاطر من اليورانيوم "المنضب" في جسم الانسان على اساس مستوى الاشعاع المنخفض لدقائق اليورانيوم، هنالك العديد من الدراسات والابحاث العلمية التي تثبت التأثير المدمر للاشعاعات النووية ذات المستوى المنخفض.  فأحدى هذه الدرتسات تؤكد بان المترسب من دقائق اوكسيد اليورانيوم في انسجة الجسم لها مايكفي من القوى الاشعاعية لتخريب هذه الخلايا.  حيث تقوم هذه الدقائق بمهاجمة الخلايا بسلسلة من النبضات الاشعاعية المتواصلة كصواعق البرق. تأخذ شكل موجات من قذائف اليورانيوم.  انها في حقيقة الامر تماثل قنابل نووية صغيرة تتفجر على نحو متواصل.  وبسبب كون دقائق اوكسيد اليورانيوم غير قابلة للذوبان تقريبا فانها ستبقى في مكانها خلال حياة الانسان، مطلقة موجات من الطلقات النووية الصغيرة والتي تخترق جدران الخلايا مفرغة طاقة هائلة داخل هذه الخلايا.  ان نتائج هذه الطاقة التخريبية ستعتمد على العضو الذي تستقر به دقائق اليورانيوم في انسجته.  ومن اهم اعراض الفعل التخريبي هي تدمير الجهاز المناعي والجهاز العصبي والعضلات والدماغ فضلا عن امكانية تخريب الكلى والرئتين.  ان اخطر ماتستهدفه الطاقةالاشعاعية المنبعثة من دقائق اوكسيد اليورانيوم عندما تدخل الخلية هو الشفرة الوراثية.

دقائق الفا والشفرةالوراثية

لقد اكدت الكثير من التجارب المختبرية تأثر التشكيلة  الوراثيه للخلية عندد تعرضها للاشعاع ذو الطاقة المنخفضة ( دقائق الفا) مسببة مايعرف الطفرة الوراثية.  كما اضهرت دراسات اخرى امكانية انتقال الضرر الحاصل للتركيبة الوراثية الخاصة بالخلية المتعرضة للاشعاع الى خلايا اخرى محيطة بها ولم تتعرض للاشعاع.  كما برزت في الاونة الاخيرة شواهد تفترض امكانية ان تقوم الخصائص الكيمياوية السمية لليورانيوم "المنضب" في الجسم بمضاعفة التأثير الاشعاعي له مما قد يؤدي الى مضاعفة التخريب الجيني بالنسبة للمتوقع. 

ان نتائج التخريب الجيني تعتمد على نوع الانسجة المتعرضة لاشعة الفا.  ان السرطان هو النتيجة المباشرة للتخريب الحاصل في الخلية ، والذي يتنوع حسب النسيج الذي يتاثر بالاشعاع.  ولكن اذا ترسبت دقائق اليورانيوم في الانسجةالمولدة للخلايا التناسلية فان التخريب الوراثي سينتقل الى الاجنة مسببا التشوهات الولادية.

الاطفال هم ضحايا  اليورانيوم الاوائل

ان الاطفال هم اكثر فئات الشعب عرضه للتاثر باليورانيوم.  ان سرعة الامتصاص العالية عند الاطفال، وكون كمية كبيرة من الدم تستخدم لتغذية العظام بالاضافة الى كثرة وجود الانسجة الرقيقة كل هذه العوامل تجعل من الاطفال الهدف الاسهل للسرطانات التي يسببها اليورانيوم "المنضب". ان اكثر هذه السرطانات التي تصيب الاطفال هي سرطان العظام والليوكيميا بالاضافة الى الى سرطان الغدد اللمفاوية الذي كان من النادر حدوثه عند الاطفال دون سن 12.

الشواهد الميدانية على علاقة اليورانيوم "المنضب" بالاصابات السرطانية

ان انتقال اليورانيوم "المنضب" (اوكسيد اليورانيوم الناتج من احتراق اليورانيوم)الى الانسان يأخذ اشكال عديدة. ان المستودعات التي تستخدم لتجميع العربات العسكرية المدمرة بفعل قذائف اليورانيوم، تصبح مصدر تلوث خطير للافراد الذين ياتون الى هذه المناطق.  لقد اصبحت مناطق السكراب هذه مصدر رزق لكثير من الناس الذين يبحثون عن لقمة خبز لاطفالهم. ان هؤلاء الكادحين حين ضاقت بهم سبل العيش يقومون بتفكيك بقايا الآليات العسكرية ليبيعوها خردة في الاسواق.  يؤكد الدكتور جواد العلي مدير مركز الدراسات السرطانية في البصرة على حدوث  اصابات بسرطان الدم بين الافراد الذين  قاموا بتفكيك الدبابات في خور الزبير.  من المحزن حقا، ان هؤلاء الناس في سعيهم لكسب العيش، قد لايتاح لهم رؤية اطفالهم يكبرون!! 

بالاضافة الى ان الجروح هي المنفذ لتغلغل اليورانيوم لداخل الجسم، فان التعرض الخارجي لليورانيوم "المنضب" يجعل الجسم هدف لاشعاعات الفا وبيتا و غاما.  ان الجلد قادر على منع تغلغل اشعة الفا، لكن تستطيع كل من اشعتي بيتا و غاما على التغلغل خلال الطبقة الخارجية  (المتقرنة) للجلد لتسبب التخريب للانسجة الحية الداخلية.

ان العشرات الالوف من الجنود الامريكان والبريطانيين اصيبوا بمرض متلازمة حرب الخليج بسبب تعرضهم لاشعاعات اليورانيوم بسبب تماسهم مع الاليات العسكرية المدمرة.

في آيار 2003 قام مراسل صحيفة كريستيان ساينتس مونيتور بقياس نسبة الاشعاع في عدة مناطق من بغداد (باستخدام عداد جيجر).  على جانب احدى الطرق شاهد بائع خضر متجول بقرب دبابة محترقة.  في هذه المنطقة سجل عداد جيجر نسبة اشعاع مقدارها 100 مرة النسبة المقبولة. كما تم تسجيل نسبة اشعاع اكثر من 1500 مرة من النسبة الطبيعية، قرب الدبابة المحترقة.

ان الانفجار الحاصل نتيجة اصطدام قذيفة اليورانيوم بالهدف، يساعد  الى حد كبير من انتشار غبيرات اوكسيد اليورانيوم مع تيارات الهواء مما يؤدي الى انتقال هذه الغبيرات الى داخل جسم الانسان اما بشكل مباشر، من خلال الجهاز التنفسي، او بشكل غير مباشر عبر سلسل الغذاء والماء.

بعد حرب البلقان تم تسجيل وجود غبيرات اليورانيوم في البرك المتشكلة من هطول المطر، في كوسوفو، وذلك بعد 9 اشهر من الهجمات العسكرية، بالاضافة الى تسجيل وجودها في الهواء.  في تلك الفتره ايضا قام فريق خبراء مٌكلف من قبل  (البي بي سي)، باجراء مسح لقياس نسبة اليورانيوم في بول بعض السكان في المناطق التي استخدمت فيها قذائف اليورانيوم، فكانت النتيجة هي نسبة عالية من اليورانيوم عند جميع الذين تم اجراء الفحص عليهم، ومن ضمنهم احد مصوري فريق البي بي سي.

في شباط 2004 نشر مركز بحوث اليورانيوم الطبي (UMRC) نتائج الدراسة الميدانية التي قام بها فريق الابحاث الذي زار العراق بعد خمسة اشهر من توقف عمليات القصف الجوي. حيث بينت نتائج التحاليل المختبرية التي اجراها الفريق بعد زيارته في بغداد ، الناصرية ، الصويره  والبصرة، على عينات من البول أُخذت من المدنيين وعينات من التربة والماء تؤشر على وجود تلوث باليورانيوم في مناطق عديدة. وفوق ذلك بينت التحاليل المختبرية التي اٌجريت على اثنين ممن  يعملون ضمن فريق ابحاث التقصي في العراق نفسه، وجود نسبة عالية من التلوث باليورانيوم لديهم

في تشرين ثاني 2004، نشرت جمعية علم الاشعاع لشمال اميركا (RSNA) نتائج الدراسة العلمية لتحديد تركيز ونسبة وجود نظائر اليورانيوم في نماذج البول للمدنيين في بغداد والبصرة بعد العمليات العسكرية في 2003. لقد اظهرت نتائج هذه الدراسة وجود اليورانيوم "المنضب".  ان اسباس وجود اليورانيوم "المنضب" تقول الدراسة قد تكون بسسب استنشاق غبيرات حاوية على اليورانيوم "المنضب" وهي تتفق مع نفس الاستنتاج لدراسة سابقة شملت المجندين الذين شاركوا في الحرب.

ان انكار الحكومتين الامريكية والبريطانية للتأثير المدمرلليورانيوم المنضب على المدنيين في لعراق لايصمد امام الحقائق الملموسة الناتجة من استخدام هذا السلاح الخسيس.  فعلى صعيد افراد القوات المسلحة الاميركية والبريطانية من الذين شاركوا في حرب الخليج/الكويت 1991 (عاصفة الصحراء) هنالك في حدود 200,000 من هؤلاء الجنود من الذين يعانون من من ما يسمى اصطلاحا "متلازمة (او اعراض) عاصفة الصحراء" او متلازمة "حرب الخليج" .  تتراوح اعراض هذا المرض من الاعياء الشديد وفقدان الذاكرة بالاضافة الى آلام العضلات والمفاصل.  وقد وجدت احدى الدراسات التي اجريت على هؤلاء المجندين بان امكانية ان ينجبوا اطفال بتشوهات خلقية هي اكبر بثلاث مرات من الاباء الذين لم يشاركوا في حرب الخليج. لقد تم تسجيل هذه الاعراض من قبل مركز السيطرة على الامراض في الولايات المتحدة.  ومن الملفت للنظر بان التشوهات الخلقية لابناء هؤلاء الجنود هي نفسها تحدث للاطفال حديثي الولادة في البصرة.   

ان الموقف الرسمي لكل من وزارتي الدفاع البريطانية والامريكية بشأن استخدام اليورانيوم المنضب في الحروب التي شنت من قبل الدولتين، تُرجع بالذاكرة الى موقف وزارة الدفاع الامريكية بخصوص استخدام العامل البرتقالي في لحرب التي شُنت على فيتنام، هذا بعد وقت طويل من اثبات ان مركب الديوكسين ( من اكثر المسرطنات المعروفة) يشكل الجزء الاكبر من العامل البرتقالي.

ان المواقف الرسمية للحكومتين الامريكية والبريطانية تتعارض مع مواقف الكثير من المؤسسات العلمية.  فبعد الكشف عن استخدام اليورانيوم في حرب الخليج \الكويت 1991، اصدرت الجمعية الملكية البريطانية (وهي من اهم المؤسسات العلمية في بريطانيا) تصريح تقول فيه:( ان اليورانيوم المنضب كمادة مشعة وسامة يمثل تهديد خطير على صحة السكان المدنيين على المستويين القصير والبعيد المدى).  لقد اثبتت الوقائع الحياتية من جنوب العراق صحة ما جاء في التقرير، من خلال الزيادة الصاروخية لحالات السرطان بين الاطفال والتشوهات الولادية  بين سكان مدن جنوب العراق بعد حرب الخليج 1991. 

وفي عام 2002 قام عضو لكونغرس الامريكي ماك دبروموت، وهو طبيب ايضا، بزيارة لجنوب العراق من اجل تقييم حالات الولادات الشاذة والمسجلة طبيا في المنطقة.  بعد عودته الى اميركا قدم مشروع الى الكونغرس يطالب به تجميد استخدام اليورانيوم "المنضب" في التسليح العسكري. ولكن تم تبهيت المشروع لعدم وجود الدعم.

يتحدث الدكتور جواد العلي مدير مركز الدراسات السرطانية في البصرة ، في رصده العلاقة بين ازدياد حالات السرطان واليورانيوم "المنضب، عن وجود حالات سرطانية لم يسبق لها مثيل في البصرة. أحدى هذه الحالات هي وجود نوعين اواكثر من السرطان عند المريض الواحد (مثل الليوكيميا وسرطان المعدة).    والحالة الاخرى هي السرطان العنقودي عند العوائل.  حيث سجل الدكتور العلي وجود 58 عائلة لها اكثر من مريض بالسرطان للعائلة الواحدة.  و في المستشفى التي يعمل بها يوجد احد الاطباء له ستة من افراد عائلته مصابين بالسرطان. ولاحد الجراحين في المستشفى، اثنين من اعمامه واخت وابن عم كلهم اصيبوا بالسرطان. ويورد دكتور حواد العلي مثال من عائلة زوجته حيث اصيب تسعة من افراد عائلتها بالسرطان. وفي المستشفى نفسها اصيبت ممرضة وكذلك احد الاطباء بالسرطان.  مع العلم ان المستشفى نفسها لم تسلم    من تأثيرات الحرب المباشرة، حيث اصيبت وحدة العناية المركزة بضربة صاروخية مباشرة.

يرى الدكتور جواد العلي بضرورة ان تعطى الاهمية القصوى لمسالة  ازدياد حالات الاصابات السرطانية ( رغم ان الكثير لايتم تسجيلها)، من حيث الحاجة الى دراسة وبحث مستفيضين. حيث لم يكن بالامكان خلال الاعوام الثلاثة عشر الماضية (اعوام الحصار) من فحص المرضى بشكل مناسب بالاضافة الى عدم توفر الاجهزة الملائمة ومنع منظمة الصحة العالمية، يقول جواد العلي من زيارتنا، ولزيادة الطين بله قامت الولايات المتحدة بمصادرة بعض المعدات (MRC) وانظمة الحاسوب على اساس انها قد تستخدم لصناعة اسلحة الدمار الشامل.  مع وجود اسباب كثيرة تدل على العلاقة بين اليورانيوم "المنضب" والاصابات السرطانية، مع ذلك يؤكد الدكتور العلي على ضرورة اثبات هذه العلاقة من خلال اجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة مستوى الاشعاع في التربة، وجود جسيمات اليورانيوم في الانسجة وبول المصابين.  وهنالك حاجة للتحليل الكروموسومي والتحليل الخلوي الجيني للاشخاص المتأثرين والمصابين.  وبهذا فقط نستطيع بكل ثقة اثبات العلاقة بين اشعاعات اليورانيوم "المنضب" وحالات السرطان المحتملة.

كيف تقر الحكومتين الامريكية والبريطانية بمخاطر اليورانيوم "المنضب"

 ماذا تعرف الادارة الامريكية عن اليورانيوم "المنضب"

رغم ان الحكومه الامريكية مستمرة في انكارها الرسمي والعلني وجود اية مخاطر لليورانيوم "المنضب" على صحةالسكان والافراد من القوات المحاربة، توجد الكثير من وثائق الجيش الامريكي التي تقر بوجود هذه المخاطر وتحذر منها، هذا بالاضافة الى وثائق رسمية اخرى.

وقد استعرضت المحكمة الدولية للجرائم في افغانستان الكثير من هذه الوثائق، نورد امثلة منها:

v    1978- خطاب السناتور بوب دول في الكونغرس الامريكي: " السيد الرئيس ..... ان البنتاغون على وشك ان يبدأ في استخدام اليورانيوم المنضب لانتاج قذائف.  ويظهر ان الدافع وراء ذلك هو كون اليورانيوم معدن ثقيل وكذلك لرخص ثمنه. من غير الحاجة للقول ان مثل هذا قرار يمثل صدمة.  فمن جهة، فأنه يظهر الغياب المطلق لاية حساسية تجاه الخوف العام من استخدام المواد ذات القدرة الاشعاعية. ومن جهة ثانية غرابة القرارات التي جعلت من هذا المعدن رخيص جدا بحيث تغري لاستخدامه بصنع القذائف الحربية"

v    1984- الكونفرنس 18 لمديرية الطاقة الامريكية: يستعرض المشاكل الخاصة بمناطق الرماية لتجربة قذائف اليورانيوم "المنضب".  "ان الاهداف المستخدمة وضعت في حضائر مغلقة حيث تحتوي على غبيرات اليورانيوم "المنضب" وشضايا نتجت من تجربة التفجير.  واحدة من المشاكل هنا هي في وضع الاهداف في حضائر مغلقة مما يتطلب ازالة غبيرات اليورانيوم "المنضب" من جو هذه الحضائر تماما، قبل ان يتمكن احد الافراد من الدخول الى هذه الحضائر بدون استخدام واقيات التنفس"

v    1989- البحرية الامريكية – التحول من اليورانيوم المنضب الى معدن التنكستن: " الملفت للنظر في هذا التطبيق انه بعد قرار استخدام معدن اليورانيوم في 1978، قررت البحريةالامريكية في 1989 التحول الى معدن التنكستن، مستندة في ذلك الى شواهد من تجارب ميدانية حية اظهرت بان استخدام التنكستن يفي بالمستلزمات المطلوبة وفي نفس الوقت يقلل امكانية  التعرض الاشعاعي والتاثير البيئي"

v    1990- مكتب مساعد وزير الدفاع الامريكي أي أج باسيريلا، رسالة الى السيد دان فاهي: "ان مادة اليورانيوم المنضب تشكل معدن ثقيل وسام وذو قدرة اشعاعية سامة في حالة ان يكون على شكل غبيرات فقط وفي حالة استنشاقه او تناوله."

v    1993- مكتب المحاسبة العام في الولايات المتحدة (GAO): " تناول اكاسيد غير قابلة للذوبان تبقى لمدة طويلة في الرئتين وتشكل خطر محتمل للاصابة بالسرطان بسبب الاشعاعات.  ان تناول غبار اليورانيوم يمكن ان يشكل ايضا مخاطر سمية واشعاعية"

v    1995- الجيش الامريكي – معهد السياسة البيئية(AEPI) في تقريره الى الكونغرس: " ان دخول اليورانيوم المنضب الى الجسم ستتشكل منه عواقب صحية خطيرة. ان المخاطر الناجمة من اليورانيوم في الجسم هي كيميائية واشعاعية"

v     2003- البنتاغون – كولونيل في الجيش الامريكي: في جوابه لسؤال من قبل احد الصحافيين، عن مدى الخطورة التي يمثلها اليورانيوم "المنضب" او هل ينكر وجود مثل هذه الخطورة، يقول الكولونيل " ........  ان للبنتاغون علم بالخطورة الكبيرة المصاحبة لليورانيوم المنضب. انهم يعلمون ذلك منذ تلك السنوات التي كانو يراقبون التجارب الميدانية وسائل صناعته.  لقد تم  تحديد مناطق في العراق على اساس كونها مساحات ذات نسبة تلوث عالبة جدا، قبل ان نبدأ بارسال قواتنا الى هناك. ان المناطق حول البصره، الجليبه، تاليل، معظم الصحراء الجنوبية وغيرها من المناطق، حددت كونها ملوثة قبل بدأ الحرب.  بعض المناطق جنوب المنطقه الصحراوية عند الحدود الكويتية، بعد اجراء المسح عليها واجراء الاختبارات حددت كمناطق نشطه اشعاعيا. في احدى ميادين الاختبار في العربية السعودية، كان  مستوى الاشعاع اكثر بالف مرة من المستوى الطبيعي. ...............  انني اعرف انه في وقت سابق تم البحث في تلك النظرية التي مفادها اذا تعرض اي جندي الى قذائف اليورانيوم المنضب، يجب عليه اذن ان يرتدي بدلة الوقاية الكيميائية. وبسبب اكتشافهم عدم عملية مثل هذا  الاجراء، لم تتم مناقشتها بشكل علني." وعندما سُئل الكولونيل فيما اذا كانوا يعرفون بخطورة اليورانيوم المنضب، اجاب الكولونيل " نعم، بدون شك ان معظم القادة الكبار الذين كانوا موجودين في الثمانينات لديهم بذلك"

اما على الصعيد الخارجي فهنالك حادثتين اقرت فيهما حكومة الولايات المتحدة ضمنيا بخطورة استخدام قذائف اليورانيوم "المنضب" على صحة الناس.  ففي عام 1997 اضطرت الحكومة الامريكية للاعتذار عن استخدام قواتها المرابطة في قاعدة اكيناوا لقذائف اليورانيوم "المنضب" في عملياتها التدريبية التي جرت بين عامي 1995 و 1996. حيث قامت هذه القوات باجراء تجاربها على هذه القذائف في احدى الجزر المهجورة واطلقت فيها  مامقداره 227 كغم من هذ القذائف. ولكن امام احتجاجات الشعب والحكومة اليابانية، اضطرت الحكومة الامريكية ان تبدي اسفها وان تقوم بعملية تنظيف للمنطقة من بقايا اليورانيوم. 

اثناء مناقشة البرلمان الهولندي لمسألة نشر 1100 من افراد القوات الهولندية المتواجدة في الكويت لتعمل تحت القيادة الامريكية/البريطانية في منطقة السماوة، تمت اثارة موضوع المخاطر الاشعاعية الناتجة من استخدام اليورانيوم "المنضب".  ولاجل مساعدة الحكومة الهولندية في مسعاها لتمرير اقرار ارسال القوات من قبل البرلمان، ارسلت الحكومة الامريكية الى الحكومة الهولندية تأكيد بانها لم تستخدم اسلحة اليورانيوم قرب منطقة السماوة.  ولدعم المزاعم الامريكية صورت الحكومة الهولندية منطقة السماوة على اساس انها منطقه بعيدة بالكاد مسكونة ولم تحدث بها اية عمليات عسكرية.   وكما هو معروف فان الجيش الامريكي اثناء تقدمه باتجاه بغداد خاض معارك شرسة حول منطقة السماوة حيث استخدم فيها اسلحة اليورانيوم وقتل فيها 112 من المدنيين من اهالي السماوة.

 

ماذا تخبئ الحكومة البريطانية

v    تحذير وكالة الطاقة الذرية للمملكة المتحدة: في 30 نيسان 1990 (شهرين بعد حرب الخليج) ارسلت هذه الوكالة تقريراً سرياً ( تم تسريبه من قبل صحيفة الاندبندنت وتم الكشف عنه في 2 آذار 1998)      يحذر فيه من كارثه صحية وبيئية ستحدث في العراق والكويت من جراء استخدام اليورانيوم "المنضب".  لقد افترض التقرير بانه في حالة ان الكمية التي استخدمت هي 50 طن من اليورانيوم "المنضب"، فان نصف مليون من البشر سيموتون خلال العشر السنوات اللاحقه  جراء استنشاقهم غبار هذه الكمية.

v    بالرغم من الانكار المستمر للحكومة البريطانية لوجود اية علاقة بين استخدام  اليورانيوم "المنضب" في حرب الخليج 1991 والتدهور الصحي للكثير من المجندين الذين شاركوا في هذه الحرب، اضطرت هذه الحكومة ان تتراجع عن هذا لموقف في حرب 2003.  فامام حملات الضغط الكبيرة التي  تقوم الجمعيات التي تدافع عن هؤلاء المجندين المصابين بمايعرف بمتلازمة حرب الخليج (Gulf War Syndrome)، اضطرت وزارة الدفاع البريطانية لتزويد جنودها الذين تم ارسالهم الى العراق في حرب 2003 ببطاقة معلومات(FMED 1018) تتضمن مايلي:

1.     لقد تم ارسالك الى منطقة قتال حيث تستخدم فيها ذخائر اليورانيوم المنضب.  ان اليورانيوم المنضب هو معدن ثقيل ذو قدرة اشعاعية واطئة والذي يمكن ان يسبب مشاكل صحية.

2.     اثناء تواجدك في ارض المعركة يمكن ان تكون قد تعرضت الى غبار يحتوي على اليورنيوم المنضب.

3.     لك الحق بان يُجرى لك تحليل مختبري للبول لقياس مستوى اليورانيوم في جسمك.

4.     لمعرفة المزيد حول هذا النوع من التحليل، عليك مراجعة طبيب وحدتك العسكرية عند عودتك للوطن.  ان طبيبك قادر على تزويدك بالعلومات التي تبين التأثيرات الصحية لليورانيوم.

بعد الكشف عن هذه الوثيقة دعت مجموعة الدعم في المملكة المتحدة لمرضى متلازمة حرب الخليج الحكومة البريطانية الى العمل سريعا لاجراء اختبار لتبيان مدى تعرض المجندين لليورانيوم "المنضب" واجراء اختبار اضافي لتبيان مدى الانحراف الكروموسومي لدى كل من افراد الخدمة وكذلك لدى السكان المدنيين من الذين تعرضوا لليورانيوم "المنضب".  

موقف القضاء البريطاني

حسب الجمعية الوطنية لمجندي حرب الخليج وعوائلهم (NGVFA)، يوجد عدة آلاف من هؤلاء الجنود يعانون من امراض حرب الخليج، توفى منهم بحدود 606 شخص.  كما قدم 5933 من المجندين طلب تقاعد حرب بسبب الامراض والاعاقة التي اصيبوا بها.   خلال السنوات التي تلت حرب الخليج 1991 قامت  هذه الجمعية  بحملة مستمرة للضغط على الحكومة البريطانية من اجل اجراء فحوصات مختبرية على المجنديين لمعرفة تركيز اليورانيوم في اجسامهم واثبات دور اليورانيوم "المنضب" في معاناة هؤلاء المجندين. ولم تنجح هذه الحملة في جعل الحكومة تستجيب لمطاليب المجندين. ولكن استطاع احد المجندين من الذين شاركوا في حرب الخليج 1991 من اقامة دعوى قضائية ضد وزراة الدفاع البريطانية امام محكمة الاستئناف الخاصة بمتقاعدي الحرب (ادنبرة – اسكتلندا)، بادعائه بانه قد تعرض لتسمم باليورانيوم اثر خدمته في حرب الخليج. وفي  04 شباط 2004 اصدرت المحكمة حكما لصالح هذا المجند كيني دونكان. لقد وجدت المحكمة بان تعرض هذا المجند لليورانيوم كان بسبب خدمته في حرب الخليج. . لقد خدم هذا الجندي في  الفيلق الملكي للنقل كمختص بنقل الدبابات خلال حرب الخليج في 1991.  وقد قام كجزء من مسؤوليته، بنقل الدبابات العراقيه المدمرة بفعل قذائف اليورانيوم "المنضب".  وقد أٌعتبر قرار المحكمة الذي جاء لصالح (دونكان)، كاعتراف وقبول من قبل المحكمة لادعائه بانه قد عانى التسمم نتيجة استنشاقه غبار اليورانيوم "المنضب" من الدبابات المحترقة.  . ويقول  السيد راسلينك، الذي خدم كطبيب في فوج المظليين، بان استخدام اليورانيوم "المنضب" قبل حرب الخليج، كان "استخدام تجريبي".  واضاف بان وزارة الدفاع قد قامت  " بتحذير الجيش المتواجد بالسعودية، من مخاطر اليورانيوم "المنضب" ولكن لم تجد هذه المعلومات طريقها ابدا الى افراد الجيش.

ما العمل الان؟

بعد هذا لو عدنا مرة أخرى الى تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه (UAEP)-2005، يحق لنا ان نتسائل عن الاسباب التي ادت بالفريق الذي اصدر التقرير الى استبعاد البحث في موضوع التلوث الاشعاعي من مهمة البحث والتقييم رغم التوصيات التي رفعها الفريق السابق (2003).

من المستبعد ان تكون اسباب فنية او مالية وراء هذا الاستبعاد.  فلو كانت كذلك لتمت الاشارة اليها على الاقل مع المقترحات اللازمة لمعالجة هذا التلوث الخطير.

ستكون الصورة اوضح لنا عند قراءة مقالة الدكتورة مشكاة المؤمن وزيرة البيئة السابقة (اليورانيوم وبيئة العراق) والمنشور في موقع (اخبار البيئة) بتاريخ 22 تموز 2005. 

ان الشعور العالي بالمسؤولية لدى الدكتورة المؤمن وحسها الوطني والانساني هو وراء تصديها لكارثة التلوث البيئية التي يعاني منه العراق اليوم.  وبعد بحث ودراسة مستفيضتين للواقع البيئي العراقي، تم تشخيص اليورانيوم "المنضب" كأهم مشاكل  التلوث الذي يعاني منه واقع العراق البيئي. واستطاعت وزارة البيئة على اثر ذلك من وضع الخطوط العامة لمشروع متكامل لمعالجة هذه المشكلة من خلال تحديد اماكن التلوث وازالته. ومن خلال المقال يتبين ان المشروع الذي تم التخطيط له من قبل الوزارة تعرض لضغوط كبيرة من اجل ان لايرى طريقه للتطبيق.  ولكن بعد طريق طويل من المناقشات والمفاوضات استمرت قرابة العام استطاعت الوزيرة السابقة من التوصل الى اتفاق مع برنامج الامم المتحدة للبيئة، لتبني مشروع الوزارة.  وكانت حجة الدكتورة مشكاة المؤمن في دفاعها ضد المعارضين للمشروع هو(" فإذا كان اليورانيوم لا يترك آثار على البيئة فلماذا لا ندع هيئة محايدة كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وبالاشتراك مع وزارة البيئة المعني الأول والأخير بشؤون البيئة تقرير ذلك وليحسم الموضوع).  واستندت في محاججتها كذلك على تجارب مماثلة ("حيث تحققت إزالة لليورانيوم من كوسوفو عقب الأحداث فيها كما تحققت إزالة له في الكويت عقب حرب الخليج الأولى).

الذي يلفت النظر عند قراء مقال الدكتورة مشكاة المؤمن هو قولها بأن بداية العمل على المشروع بدأ من خلال مفاتحة برنامج الامم المتحدة للبيئة في 19/06/2004، وان اولى الخطوات العملية بدأت في 31/05/2005. ان سبب استغرابي هو  ان المشروع الذي يتحدث عنه تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئة (تقيم المواقع البيئية<< الساخنة>> في العراق ) والصادر عام 2005، بأن العمل به (حسب التقرير) في كانون ثاني 2004 وانتهى في تموز 2005. فهل الامر متعلق بمشروعين منفصلين؟ قد يكون ذلك، ولكن لماذا لم يتم التطرق لاحدهما من قبل الآخر؟ ولماذا بالذات لم يتم التطرق له من قبل الدكتورة مشكاة المؤمن، خاصة وان من المفترض ان يكون قد بدأ العمل في مشروع تقييم المواقع البيئية الساخنة في عهدها؟

لكن من الواضح جدا هو ان اي برنامج جدي وشامل يستهدف معالجة مشكلة اليورانيوم "المنضب" وعواقبها في العراق لن يجد الطريق سهلا لان يرى النور والتطبيق. فالمعارضة له ستكون قوية من قبل قوات الاحتلال التي لاتعترف حكوماتها بعواقب استخدام هذا السلاح على الصحة والبيئة.  قد يكون من الواضح الخلفية السياسية والاخلاقية التي تقف خلف هذه المعارضة من قبل الادارتين الامريكية والبريطانية، خاصة ارتباط عدد من الشركات التي لها نفوذ على هاتين الادارتين بتطوير صناعة اسلحة اليورانيوم "المنضب". وكذلك من الواضح ايضا سبب عدم التصدي الحازم من قبل اية من الحكومات "العراقية" التي تعاقبت منذ الغزو ولحد الآن، خاصة وانها تتمترس في المنطقة الخضراء.

ولكن هل من الواضح والمعقول ونحن نواجه واحده من ابشع الاعمال بربرية في هذا العصر، لماذا لم يتم لحد الآن المبادرة بحملة ضغط تقوم بمساعدة ضحايا هذا التلوث البشع..... حملة تقوم بالضغط على "البرلمان العراقي" لاجل القيام بمبادرة تطالب الحكومة العراقية بتحمل مسؤليتها في معالجة المشكلة..... حملة تقوم بالتعاون مع المنظمات العالمية من اجل الضغط على الادارتين الامريكية والبريطانية لتحمل مسؤوليتهما؟؟؟

ان المسؤولية السياسية و الاخلاقية تحتم على الاحزاب و التجمعات السياسية العراقية بالاخص تلك التي تحتل مقاعد في مجلس النواب باعتبارها(تمثل) جماهير الشعب التي انتخبتها، ان تفرض هذه القضية على جدول الاعمال من اجل انصاف الضحايا و حماية الاجيال المقبلة.

يتحتم على منظمات حماية البيئة و منظمات المجتمع المدني ان ترفع مستوى الوعي بمخاطر هذه الكارثة البيئية و مدى خطورتها على البيئة و الانسان.  ربما تكون نقطة البداية في الشروع بتحديد المناطق الملوّثة و التحذير منها.

و لكي تصبح تلك المسالة قضية وطنية و شعبية يجب العمل من اجل تشكيل وفود شعبية للضغط من اجل معرفة الحقيقة.

---------------------------------------------------------------

المراجع

1.     Assessment of Environmental “Hot spots” in Iraq (http://www.unep.org/Documents.Multilingual/Default.asp?DocumentID=468&ArticleID=5029&l=en)

2.     Environment in Iraq: UNEP PROGRESS report (http://www.earthscape.org/r1/ES15054/UNEPIraqProgress.pdf)

3.     Tuwaitha (http://www.greenpeace.org/international/campaigns/no-war/tuwaitha)

4.     Radioactive barrel swap in Iraq (http://www.greenpeace.org/international/news/radioactive-barrel-swap-in-ira)

5.     Greenpeace takes Tuwaitha radiation to heart of U.S. administration in Iraq (http://www.greenpeace.org/international/press/releases/greenpeace-takes-tuwaitha-radi)

6.     Deadly waste returned to US forces (http://www.greenpeace.org/international/news/radioactive-waste-delivered-to)

7.     One year on, UN takes up Greenpeace Iraq warnings (http://www.greenpeace.org/international/news/vanishing-nukes-in-iraq)

8.     US administration served Iraqi yellowcake (http://www.greenpeace.org/international/news/us-administration-served-iraqi)

9.     Secret airlift of nuclear material from Iraq (http://www.greenpeace.org/international/news/secret-airlift-of-nuclear-mate)

10. US Breaching Geneva Conventions Over Iraq Nuclear Plant: Greenpeace (http://www.commondreams.org/headlines03/0704-01.htm)

11. U.S Department of Energy "Programmatic Environmental Impact Statement for Alternative Strategies for the Long-Term Management and Use of Depleted Uranium Hexafluoride." April 1999

12. Campaign Against depleted Uranium (CADU), http://www.cadu.org.uk/intro.htm

13. Effect of wars and the use of depleted uranium on Iraq, DrJawad Al-Ali Director of the Oncology Center Basrah, Iraq- http://www.idust.net/Docs/DrAl-Ali.htm.

14. Depleted Uranium-Deadly, Dangerous and Indiscriminate, Anne Gut and Bruno Vital.

15. Did the use of Uranium weapons in Gulf War 2 result in contamination of Europe? Chris  Busby, http://www.llrc.org/aldermastrept.pdf

16. New Scientist – Risk of low-level radiation higher than thought, Hazel Muir, http://www.newscientist.com/article.ns?id=dn1640

17. World Health Organization – Depleted uranium, http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs257/en/

18. Uranium n your Koolaid: and interview with Cancer specialist Dr Jawad Al Ali.  Ewa Jasiewicz, http://vitw.org/archives/403

19. Cancer Risk From Low level Radiation: A review of Recent Evidence.  Bernard L. Cohen, PhD, http://www.haciendapub.com/article50.htm

20. Horror of US Depleted Uranium in Iraq Threatens World.  James Denver/rense.com, http://www.melbourne.indymedia.org/news/2006/03/109185.php

21. IDUST Report to Parliament on DU. Dr. Dan Bishop (2/28/2004), http://www.idust.net/

22. Are American soldiers in Iraq dying due to depleted uranium? James Conachy, http://www.wsws.org/articles/2003/aug2003/du-a04_prn.shtml

23. ‘Shock and Awe’ The Pentagon’s Fiery Crucibles of War.  Leuren Moret 10 Mar 03, http://www.mindfully.org/Nucs/2003/Shock-And-Awe-Moret10mar03.htm

24. Depleted Uranium: The Trojan Horse of Nuclear War. Leuren Moret, http://www.mindfully.org/Nucs/2004/DU-Trojan-Horse1jul04.htm

25. The Great Depleted Uranium Cover-Up-http://www.wandsworth-stopwar.org.uk/du/coverup.htm#ukaea

26. Radiant Iraq: Assassination by Conventional Nukes - http://www10.antenna.nl/wise/index.html?http://www10.antenna.nl/wise/387-8/radiant.html

27. Gulf Veterans Hail Uranium Poisoning Ruling, http://www.idust.net/News/DUVetsClaims01.htm

28. International Criminal Tribunal for Afghanistan, QUESTION11:WHAT DOES THE U.S. GOVT. KNOW ABOUT DU? http://traprockpeace.org/moret_25nov03.pdf

29. MoD Accept DU has the potential cause ill health - http://www.idust.net/Docs/MODWarningCard.htm

30. اليورانيوم وبيئة العراق_ الدكتورة مشكاة المؤمن - وزير البيئة العراقي السابق
 ،
http://www.4eco.com/2005/07/__23.html

31. Weapon of mass distraction, http://www.schnews.org.uk/archive/news373.htm

32. Blowback: The Cost and Consequences of American Foreign Policy by Jon Baker, http://www.ecclectica.ca/issues/2003/1/baker.asp#_ftn59.

33.  Chomsky, N. (1997). World orders, old and new. London: Pluto Press.

34. Bush Lies uncovered, http://www.alternet.org/story/17923/

 

 
 
 
 
______________________________________________________________
 
الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
 
 
جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

 

مقالات مختارة

صوت اليسار العراقي

صحيفة تصدرها نخبة من المثقفين والكتاب اليساريين العراقيين