صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

 

 

البشير والطامة الكبرى !

 

 

جمال محمد تقي

 

قالوا وقلنا هناك تسابق امريكي وغربي على الاستثمار في مشاكل السودان ، وهناك تلاقي وتقاطعات بين مواقف وسياسات بعض دول جواره مع منظمات التبشير الصهيوني المتغلغلة بالسر والعلن في دول الطوق الجنوبي لحدوده وتحديدا اوغندا واثيوبيا ، بل وحتى في عاصمة جنوبه ، جوبا ، وقالوا وقلنا ان الايادي المخملية والضاربة لهؤلاء تقلب الرماد وتنفخ في جمر دارفور ، وقالوا وقلنا ان هناك تضخيم وتفخيم وتجسيم لما حصل ويحصل في دارفور ، وان الاصابع الممتدة والاصوات الصارخة ليست بريئة فهي شريكة وممولة لما يحصل ، فليست تشاد ببريئة ، وبالتالي ليست المخابرات الفرنسية بريئة ، وليس الموساد ببريء ، وليست السي اي اية بريئة من دم دارفور ، حتى المنظمات الدولية الواقعة تماما تحت القبضة الامريكية ليست ببريئة ، وبطبيعة الحال انه حتى المحكمة الجنائية الدولية ليست ببريئة ، وكذلك قرارها بالقبض على الرئيس السوداني هو قرار ليس بالبريء ، وقبل هذا وذاك قالوا وقلنا ان مشروع الشرق الاوسط الجديد ساري المفعول لاعادة رسم خريطة المنطقة كلها ، بدءا بقصقصة الثغور كالعراق والسودان والصومال واليمن ، وبالتزامن مع تمويج المراكز والاعماق  باضطرابات تفجيرية تلعب فيها اسرائيل دورا محوريا ، مستفيدة من حالة الهشاشة التي تعوم عليها المنطقة برمتها ، كعومها على بحور النفط والغاز من الخليج الى المحيط ومن القاهرة حتى مقاديشو ، وانتهاءا بجعل المنطقة ودولها عبارة عن قصاصات ورقية يكتب عليها الامريكان والاسرائيليون ما يشاؤون ، وهذا بعد ان يكونوا قد تمكنوا تماما من جعل انفسهم كفلاء ووكلاء وضامنين لسلامة الاجزاء من بعضها البعض .

نقول كل السالف ذكرهم فعلا هم ليسوا بابرياء من الذي جرى ويجري في وعلى السودان ان كان دما جاريا في جنوبه او شرقه وغربه او خرابا او تقطيعا ، ولكن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه بنفسه وقبل ان نطرحه نحن او نقوله ، اين البشير من كل هذا ؟ هل هو بريء براءة الذئب من دم يوسف ؟ هل هو متلقي متفرج ، ام هو مبتلي ومجني عليه وهو لم يحرك ساكنا ؟ هل يقود شعبه لمقاومة تدخلات اجنبية تريد الشر به ؟ ام وقع باخطاء كبيرة جردته من ان تكون له قاعدة شعبية حقيقية ، استغلها المستثمرون للاطاحة به وبالسودان ؟ الحقيقة المرة تقول ان هؤلاء ربما اكثر حرصا منه على استمرار بقائه في راس السلطة ، لسهولة النيل منه كوسيلة شرعية للنيل من الدولة السودانية ، وبالتالي ليطيحون من خلاله بالسودان كهدف نهائي ، لان مجيء رئيس اخر يكون في حل من كل التهم والصور المرسومة عن البشير والتي جعلت الدولة السودانية ومصيرها مشخصن به ، بواسطة انقلاب او انتخاب او عصيان مدني او اجماع وطني وقومي ، سيعقد مهمتهم وربما يجعلها بخبر كان ! 

الم يأتي البشير بانقلاب عسكري متحالف مع حزب الترابي ذا التوجه الاسلامي المتشدد ؟ الم يهرب الاثنان الى امام اثناء محاولتهم حل مشكلة جنوب السودان باتفاق اجتزائي مع حركة تحرير جنوب السودان بمعزل عن الرؤيا الشاملة للتنمية الاقتصادية كحل لمشكلات الفقر والعزلة بين سكان اقاليم البلاد ، والديمقراطية كحل لعموم المشاكل السياسية المزمنة في الشمال والجنوب والشرق والغرب ؟ الم ينفرد البشير بالحكم تماما بعد ان ازاح الترابي ودفعه للسجن ؟ الم يصر البشير على تشدقه بجعل الشريعة الاسلامية نظام حكم للسودان المحكوم بقبضته العسكرية والامنية ؟ الم يكن طرح مقولة الاسلام هو الحل والحاكم كورقة توت للتغطية على عورات واستبداد نظامه ؟ الم تكن السجون مليئة بالوطنيين والديمقراطيين الذين يعارضون سياسة البشير ويطالبون بنظام مدني يجعل من الدين لله والوطن للجميع ؟ الم يسجن انصار الصادق المهدي والشيوعيين والقوميين الاشتراكيين وانصار الحركات المعارضة في الغرب والشرق ؟ عن اي شريعة يتحدث البشير وحزبه ، والدولة الحديثة لايمكنها الاستمرار الا اذا تفاعلت مع سياسة جوهرها الربى والمديونيات والكفالات والضمانات ، ضمن صناديق وبنوك ومنظمات دولية للتجارة والنقد ؟ عن اي شريعة وهناك قوانين دولية تلزم كافة المجتمعات بالسير عليها وكلها تؤكد على حرية الافراد باختيار دياناتهم ومعتقداتهم او التخلي عنها ، وذلك ضمن لوائح الحقوق الثابتة للانسان ايا كان ؟ فهل السودان خارج عن هذا الاطار الدولي ؟ ولو كان الامر كذلك لماذا يبقى السودان عضوا في الامم المتحدة مثلا ؟ لماذا يتمنى هو ومن على خط سيره من الدول العربية والاسلامية قبوله في منظمة التجارة العالمية ؟ لماذا يتفق البشير على استفتاء قد يؤدي الى انفصال جزء من بلاده ؟

الاسلام في جوهره عمل وممارسة ومقاصد تؤدي الى اشاعة قيم العدل والمساواة وحفظ كرامة البشر وتوازنهم ، ولا اكراه في الدين ، اي يمكن اعتبار تعاليم الاسلام احدى مرجعيات دستور البلاد ، وليست هي بذاتها دستورا كليا لانها تضيف اشكاليات مضرة اكثر مما هي مفيدة لاستقرار وتطور المجتمعات الاسلامية والعربية في مرحلة تتميز بالاختلاط ولا مجال فيها للعزلة ، وهنا نعتقد ان البشير نفسه يستثمر بهذا المجال لايجاد قاعدة شعبية مضللة بين المتدينين والسلفيين في السودان ، وهذا الاستثمار شجع الاطراف الاخرى على الاستثمار المضاد ، فهل يعقل ان اهل دارفور المحرومين من متطلبات الحياة الانسانية سيقتنعون بان تطبيق الشريعة كفيل بحل مشكلاتهم ؟

ان اعتماد الحلول التعسفية على طريقة الجنجويد ، والتراجع امام الضغوط الخارجية في قضايا تخص عماد سيادة واستقلال البلاد كما حصل في اتفاقية نيفاشا ، هو تعسف يبتغي التشبث بالسلطة وباي ثمن وتحت اي شعار كان اسلامي او علماني .

لقد اعطى الجنرال سوار الذهب مثالا ثمينا ودرسا بليغا عندما اعاد السلطة للمدنيين واعتبر ان المكان المناسب للقادة العسكريين هو الثكنات العسكرية وليست القصور الجمهورية ، فالجيش هو درع الوطن وليس حاكمه ، والذي يحكم الوطن هو الشعب الذي ينتخب وبحرية كاملة والمكفولة بفرص متساوية بين الجميع كمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات ، وليسوا قطيعا يساقون الى حيث يريد الراعي ، انهم انفسهم من يختار المؤهلين لتصريف شؤون البلاد ولاجل مسمى ، وبحسب اتفاق معلن وصريح اسمه الدستور ، وهذا لعمري يتفق نصا وروحا مع مقاصد الشريعة التي يفهمها سوار الذهب فهما اخلاقيا وايمانيا وبدون دجل ونفاق ونرجسية .

لقد اعلنت جبهة تحرير جنوب السودان بانها وفي حالة انفصال الجنوب فان فرعها الشمالي سيشكل حزبا جديدا يناضل من اجل دستور يؤمن بالتعددية الدينية والعرقية والممارسة الديمقراطية الحقيقية لكل ابناء الشمال ، وتحديدا في مناطق النيل الازرق وجبل النوبة ، طبعا ودارفور وو ، بمعنى ان انفصال الجنوب سوف لن ينهي مشكلة البشير مع الدسترة الاسلامية التي يريدها غطاءا لخلوده في السلطة ، ومن جانبه اعلن البشير بانه من غير المسموح لجبهة الجنوب ، تشكيل حزبا يعمل في الشمال حتى لو كان قادته من الشماليين .  

 

الطامة الكبرى ان البشير يتصرف وكانه لا يدرك الاضرار الجسيمة لسياسته وتفرده ، لا يدرك بانه كان وبامتياز السبب المباشر لانفراط عقد السودان ، والا لعمل ومنذ وقت مبكر لمؤتمر وطني حقيقي للانقاذ، لتنبثق عنه جبهة وطنية رسمية وشعبية ، مكونة من كل الاحزاب والفعاليات والمنظمات السودانية المعارضة والمساندة ، لتشكل حكومة انتقالية ، تقترح دستورا ديمقراطيا للاستفتاء العام !

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany