<%@ Language=JavaScript %> رمزي العبيدي عن أوضاع العراقيين في سورية

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

عن أوضاع العراقيين في سورية

 

 

رمزي العبيدي

دمشق

 

       قال أحد السابقينَ :ـ (( إنَّ البذور تلقى في الأرض ، فلا تنبتُ إلا حرث الحارث تربتها ، وجعل عاليها سافلها ؛ كذلك القلب لا تبلغ منه العظة إلا إذا داخلته ، وتخللتَ أجزاءه ، وبلغتَ سويداءه ، ولا محراث للقلب غير الشعر )) ، واستشهد بقول القائل :ـ

وا رحمتا للغريب في البلد النا       زح مــاذا بـنـفـسـه صــنـعــا

فــارق أحـبـابه فـمـا انـتـفـعـوا       بالـعـيـش من بعده ولا انتفعا

 

       قبل البدء بموضوع اليوم لابدَّ لي من الرئيس بشار الأسد أنْ ينظر بعين الرحمة والعطف للعراقيينَ المقيمينَ في بلاده ، ويخفف عنهم إجراءات الإقامة وروتينها الذي أصبح بمثابة الطوق الذي يضيق على حياتهم ، ويكدِّر صفوها ، ويشعرهم بالغربة ، وهم في بلاد حماها الله وجنبها شرَّ ويلات الدهر عبر التاريخ ، وذكرها نبيه الكريم بالخير ، وما دخلها إنسان إلا وأحبها ، وأمن فيها ، وبقي في ذاكرته حسن مقامه بها .

       فالعراقيون المقيمون في سوريا لا يريدون من الحكومة السورية سوى أن تحميهم من ويلات الزمن التي عصفت ببلادهم ، فهم لا يطالبوها بتوفير المسكن والمأكل وغيرهما من ضروريات الحياة المتعددة ، فهم على ما رأيت يدبرون شؤونهم ، فمنهم من يعمل ويكسب رزقه ورزق عياله ، ومنهم من له معيل يرسل له الأموال إلى يفرجها الله ، وتبقى معاناة إجراءات معاملة الإقامة في سوريا هي الأبرز وخاصة في محافظة دمشق بين دائرتي فرع الهجرة بالبرامكة وإدارة الهجرة والجوازات بالمرجة ، ولا أريد الخوض بالتفاصيل المملة التي لا فائدة من الخوض فيها ، أقول إنَّ إجراءات معاملة شراء منزل بدمشق هي أسهل بكثير من معاملة الإقامة السنوية للعراقي ، فمعاملة شراء الدار تأخذ وقتها الطبيعي وتنتهي ، أما معاملة الإقامة السنوية فلا تنجز وتظل وقتية تمدد كل ثلاثة أشهر ، وتلغى ويُطلب إعادتها بمزاج موظف الهجرة والجوزات بعد تسعة أشهر أو ستة أو ثلاثة في بعض الأحيان ، وحسب حظ مقدم المعاملة بذريعة عدم ورود موافقة الأمن السياسي عليها ، فيختم على وصل استلام المعاملة المحتفظ به من قبل المراجع العراقي عبارة ( بلا إيجاب ) ، فيأمر هذا المراجع المسكين بإعادة الإجراءات مرة أخرى ، وأذكر أنَّ معاملة شراء منزل بدمشق هي أسهل من هذه الإجراءات .

       ويجب التنويه هنا إلى أنـَّني أقيم بدمشق منذ العام 2006م ، أنا وعيالي ، ولم أذهب إلى العراق ولا مرة واحدة ، والمعلومات المذكورة أعلاه هي من خلال تجربتي الشخصية ، فأنا لا أرم ِ الناس بالباطل ، ولا أنكر فضل سوريا وحكومتها على العراقيينَ ، ولا أعرض بأحد وليست لدي مشكلة مع أحد ، ولكني أنظر من حولي إلى أوضاع الناس ومشاكلهم وأطلب لهم الرحمة من ذوي الشأن ، شاكرا ً ممتنا ً ، معترفا ً بالفضل والجميل ، طامعا ً بالمزيد من التسهيلات للتخفيف على الناس ، فيكفيهم ما عانوه ، ويعانوه من الاحتلال الأمريكي لبلادهم .

       ومؤخرا ً تمَّ رفض طلبات الإقامة لبعض العراقيين ، وطلب منهم الرحيل ( المغادرة ) ، فأين يذهبون ؟ ، وإلى أيِّ مكان يغادرون ؟ ، أ إلى جنة الوطن العراقية ، أم إلى أين ؟ ، فانطبق عليهم قول عنترة بن شداد العبسي :ـ

جـنـة بها منـة لا أريـدها        ونار في العز خير مسكن

       فجنة الوطن اليوم لا يريدها العراقيون ، وعندهم نار سوريا وما يعانوه منها هي خير مسكن ، لأنهم يعيشون في هذا البلد أعزاء مكرَّمين ، لا يضايقهم أحد ، ولا يعترضهم طريقهم معتد أو محتل ، ويعاملهم الشعب السوري بمنتهى الأخوة ، ولا بدَّ هنا من أن أذكر ما فاتني أن أقوله أنَّ الشعب السوري شعب طيب ، لم نرَ منه إلا كلَّ الخير ، ولم أسمع يوما ً من أيِّ واحد منهم ضيقه أو تذمره من وجود العراقيين في بلده ، بل على العكس لم أسمع منهم ومنذ اليوم الأول لقدومي إلى سوريا إلا قولة باللهجة السورية ( أهلا وسهلا ) ، ورغم أنَّ الأسعار قد ارتفعت هنا في سوريا بسبب وفود مئات الآلاف من العراقيين ونزوحهم إليها ، فحدث عندهم ما يسميه خبراء الاقتصاد بالتضخم ، إلا إنَّ طيبة هؤلاء الناس جعلتهم ينسون التضخم ، لا يقولون أو يرددون إلا قولتهم بلهجتهم الجميلة ( أهلا وسهلا ) ، ولكن نحن نحس بهم ، ونعترف بجميلهم ، ونقدر طيبتهم ، ونشكر فضلهم .

       وما بقي لي إلا أنْ أذكر موجزا ً بعض مشاكل ضيق ذات اليد التي تواجه معظم العراقيينَ الموجودينَ على الأراضي السورية ، فالحاجة والعوز وقلة المورد ، هي أبرز مشاكلهم ، ناهيك عن الكثير من الحالات المرضية التي تدمي القلوب وتبكي العيون ، يقف العوز حائلا ً في التصدي لها ، فتجد العراقيين يقفون في طوابير منذ ساعات الفجر الأولى من كلِّ يوم اثنين أسبوعيا ً أمام مبنى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة الأمم المتحدة طلبا ً في الحصول على المساعدة الطبية لإجراء العمليات الجراحية أو توفير الأدوية النادرة أو المفقودة أو المرتفعة الثمن على حدٍ سواء .

       هذا ما عنَّ لي من ملاحظات ، راجيا ً أنْ تصل كلماتي إلى ذوي الشأن والمسؤولينَ في الحكومة السورية ، لبذل المزيد في مساعدة العراقيينَ على اجتياز هذه المحنة ، والله المستعان .

        

         

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال