<%@ Language=JavaScript %> كتابات حرّة

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

غابت المرأة عن الحكومة أم غيّبت ؟

 

صباح علي الشاهر

 

قبل نصف قرن، تسلمت أول إمرأة في العالم العربي، وربما في الشرق الأوسط منصب وزيرة في حكومة العراق، واليوم، في ظل ما يُسمى بـ( العراق الجديد)، يُعلن ساسة العملية السياسية، وقادة العراق الجديد حكومة المشاركة، التي تجاهلت الأكثرية المطلقة من الشعب ، وفق التقديرات الإحصائية، التي بينت أن عدد الأناث في العراق يتفوق على عدد الذكور، وهو أمر متوقع في بلد عانى ويعاني من الحروب والدمار والقتل العشوائي .

لم يكن من المتوقع أن توزع المقاعد الوزارية مناصفة بين الذكور والأناث إستناداً للمعيار الذي إعتمده سياسيو مرحلة الإحتلال، ولا حتى بما يشكل الربع كما إعتمد قسراً في البرلمان السابق والحالي، ولكن وفي أقل التقديرات، وفق العدد الذي كان في مجلس الوزراء السابق، والذي لم يكن فيه تمثيل المرأة سوى إكمال عدد! 

كان هذا هو المتوقع، وليس المؤمل، لكن ساسة العملية السياسية، وقادة الكتل فاجأوا الجميع بحكومة الجنس الواحد، التي أعادت البلد إلى الوراء، إلى ما قبل نصف قرن من الزمن .

صحيح أن إشراك المرأة في الوزارة وبأي عدد سوف لن يغيّر من الأمر شيئاً، ذلك لإن مجرد تبوء العناصر النسوية لبعض الوزارات سوف لن يكون سبباً لتحسين إداء هذه الوزراة أو تلك، إذ أن تحسن الأداء يعتمد معطيات ومعايير ومستلزمات أخرى، لا علاقة لها بالجنس، مثلما لا علاقة لها بالعرق أو الدين أو المذهب، لكنه صحيح أيضاً إن عدم إشراك المرأة في الوزارة، وإقتصارها على الذكور حصراً لن يكون مدعاة لتطور وتحسن الإداء الحكومي .

انه من تحصيل الحاصل القول أن نجاح أي وزارة أو وزير يعتمد إعتمادأ أساسياً على توفر هذه المعطيات والمستلزمات والمعايير المتعارف عليها، والتي تشكل الضمانة الأساسية للنجاح في أية مهمة، إلا أننا نود التأكيد هنا على أن هذه المعايير مثلما لا تنحصر بأي عرق أو دين أو مذهب، فإنها لا تنحصر بالجنس أيضاً. إن القدرة على الأدراة والقيادة، مثلما الذكاء والجلد والمصابرة، والإخلاص والحرص، ليست إمتيازاً ذكورياً .

لقد كشف إلإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة طبيعة عقلية القوى السياسية العراقية كافة ، بما فيها تلك التي تبجحت بالعلمانية، وحقيقة رؤيتها للمرأة ودورها في العملية السياسية ، وحدود هذا الدور .

من كان يتابع الحملة الإنتخابية، والصراع على الحكم فيما بعد الحملة الإنتخابية، لا بد وأن يستوقفه العدد الكبير من النسوة المتحدثات بأسم هذا الكيان، وتلك الكتلة، وهذا الزعيم وهذه القائمة.  لقد تخلت المرأة في حمى هذا الصراع عن طبيعتها، وبدت نمرة من دونما أسنان، تهدد وتتوعد، وكأنها صاحبة قرار، في حين أن دورها لم يتعد حدود التشويش إن لم نقل التهريج في أغلب الأحيان. وأكتفى الرجال، وبالأخص أصحاب النفوذ الحقيقي بالعمل وراء الكواليس وإطلاق التصريحات الحكيمة .

يمكن القول أن جميع النسوة من المولعات بالتصريحات، والظهور أمام عدسات التلفاز أثبتن فشلهن الذريع في هذه المهمة التي لم تكن مهمتهن أصلاً . لقد تناسين المرأة وحقوق المرأة ودور المرأة، وأصبح هدفهن الدفاع عن رئيس الكتلة أو القائمة، الذي بيده وحده منحهن مقعداً نيابياً أو نيابياً تعويضياً، ويبدو أن هذا كان أبعد مطامحهن .

لقد تناسين المرأة، وتجاهلنها طيلة الحملة الإنتخابية وما بعدها. لقد إنصب إهتمامهن كله في الدفاع عن مواقف سياسية ، كانت متناقضة ومتبدلة على الدوام ، بحيث إحترقت مصداقيتهن.

أنه لأمر مؤسف غاية الأسف أن لا ينتبه إنسان إلى كونه يقول شيئاً في الصباح، ثم يقول عسكه في المساء . مثل هكذا شخص كيف له أن يتبوء منصباً وزارياً مثلاً ؟.

المرأة الناشطة في العمل السياسي في كل الكتل تتحمل مسؤولية ما حدث من تهميش للمرأة ، لأنها لم تستغل الفرص التي أتيحت لها في الدفاع عن قضية المرأة، وإنما نافست الرجل في في المماحكات والجدل الفارغ، الذي لا يغني ولا يشبع من جوع، وفي التزلف والتقرب إلى أصحاب الحل والعقد، يؤسفني القول بإنتهازية صارخة، تثير الأسى . 

لقد تبين أن السياسيين كانوا يختلفون على الكرسي، ولم يكونوا يختلفون في البرامج أو على الأفكار، إلا قليلاً ، ومثلما فرقهم الكرسي فقد وحدّهم الكرسي أيضاً.

لقد ثبت أن ليس ثمة فروق كبيرة وأساسية بين كتلة وأخرى فيما يتعلق بالرؤى العامة ومنظورها لوضع العراق الحالي كبلد محتل، وحتى في رؤيتها للمرأة ودورها في المجتمع . لقد أرادوا لها ( المرأة) أن تكون ظلاً وتابعاً. لقد أصبحت الناشطة السياسية منافحة ومكافحة عن كل شيء، إلا تلك القضايا التي لها مساس بالمرأة وحقوقها، ومشاكلها الحالية وما تعانيه من وضع مأساوي لا مثيل له . لقد تخلت الناشطة السياسية عن ميدانها الأساسي والطبيعي ، والتي هي أقدر من الرجل على العمل فيه، إذ لم نسمع عن ناشطات عملن وسط الأرامل والعوانس، والأمهات اللواتي لا يجدن معيلاً، والنسوة اللواتي تعرضن ويتعرضن للإمتهان، وقادة الكتل بدورهم لم يدفعوا عضوات كتلهم في هذا الإتجاه، ولم يجعلوا مهماتهن الأساسية هذه. لم يساعدوهن على فتح مراكز مكافحة الأمية، أو إيجاد مشاغل حرفية للعاطلات، أو رعاية المسنات والمقعدات، ولم تعمل النائبات على فتح أبوابهن لمشاكل النسوة تحديداً .

لم تقدم أي ناشطة نسوية من العاملات في الكتل السياسية كافة، برنامج عمل للدفاع عن المرأة، ولم نر طيلة الفترة المنصرمة ناشطة سياسية تجعل من قضية ما من قضايا المرأة قضيتها الأساسية، وترفع هذه القضية إلى حدود الحملة الوطنية التي تنتهي بإنجاز للمرأة والناشطة معاً، وحيث أن هذا وغيره لم يحدث، فأنه كان أمراً طبيعياً أن لا تنتخب المرأة العراقية نساء العملية السياسية.

لقد وصلت النائبة العراقية إلى قبة البرلمان بالأصوات التي أخذت من الرجال وأعطيت لها، ولم تصل البرلمان لا ممثلة للشعب ولا ممثلة  للمرأة، لأنها لم تنتخب لا من النساء ولا من الشعب، ولذا فليس من حقها إحتكار تمثيل النساء، ومن أجل إنصاف المرأة ينبغي إختيار الكفاءات النسوية من خارج قبة البرلمان، من أولئك النسوة المستقلات اللائي يعملن بجد بعيداً عن الأضواء، في الجامعات والمؤسسات والمستشفيات، واللواتي يختلطن بالشعب ويخدمنه بالملموس، ومن دونما مقابل،لا بمجرد القول وبمقابل مجزي، ولكن من دونما فعل. 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال