<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر نحو سوريا جديدة، مُعافاة وقوية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

نحو سوريا جديدة، مُعافاة وقوية

 

 

صباح علي الشاهر

 

ليس ثمة حدث عربي إختلط فيه الحابل بالنابل  كالحدث السوري، وليس ثمة من صراع  لا يمكن تحديد طبيعة المتصارعين  فيه كالصراع الجاري الآن في سوريا.

يصعب التأكد من صدقية المنتفضين، خصوصاً عندما ينبري للحديث عن الحرية والديمقراطية أشد الناس تخلفاً وظلامية، وأكثرهم إرتهاناً بقوى التخلف،  مثلما يصعب التأكد من صدقية المؤيدين. عندما يعيدون إنتاج خطاب خبرته الأمة، والذين يعتقدون أن بإمكانهم إعادة مفردات تأليه الفرد إلى التداول، وأنهم بهذه اللغة الفارغة المُنحطة يمكن أن يقفوا بوجه الهجمه الإمبريالية.

من يقف مع النظام الذي يراه ممانعاً ومقاوماً له مبرارته، وهي مبررات حقيقية وموضوعيه، وعبثاً محاولة الإستهزاء أو التشكيك بها، إلا إذا كنا قد حسمنا موقفنا، واصبحنا في الصف الآخر، قلباً وقالباً. وعندما نكون في هذا الخندق فإن الحديث عن الديمقراطية والحرية والكرامة، والسيادة، والتداول السلمي للسلطة، وكل مفردات العصرنه والحداثة، تصبح مثار سخرية، وهي لن تكون في أحسن الأحوال سوى وسيلة للخديعة، وهي خديعة بائسة لا تصمد أمام محاججة وأختبار.

ومن يقف مع المنتفضين لأنه تواق للحرية، مطالباً بحقه الطبيعي في الخروج من بوتقة التهميش، إلى المشاركة في صنع القرار، والذي يحس بثقل القهر والكبت،  وتحكم الحزب والأجهزة الأمنية برقاب الناس، وتحكم رأسماليو الإنفتاح بأبسط أسباب العيش بعد أن أضحت سوريا شركة خاصة بهم وليست (وطن السوريين)، فإن من العار لومه، أو حتى مجرد التشكيك بنواياه ، فكيف يكون الأمر إذا قوبل  بالرصاص الحي !

نعم سوريا ممانعة ومقاومة، ليس هذا فقط، بل هي آخر القلاع، وسقوطها رغبة وهدف إسرائيلي وأمريكي، قد يؤجل ولو إلى حين، إنهيار إسرائيل، وغروب شمس أمريكا عن سماء العرب، ولكن سوريا أيضاً يحكمها حزب واحد، يتسم حكمه بالتفرد والإستبداد وإحتكار العمل السياسي، مع بعض الدكاكين التي وأن إختلفت ألوانها لكنها تعود لمالك واحد، هو الحزب الحاكم ، حزب السيد الرئيس.

لماذا تكون الممانعة والمقاومة صنو الإستبداد والتسلط ؟

سؤال برسم أولئك الذين يبررون كل الموبقات تحت يافطة الممانعة والمقاومة.

من المؤكد أن دولة تحكم من الإنتهازيين والوصوليين، الذين وجدوا أنهم سوف لن يصلوا للجاه والمنصب إلا من خلال باب الحزب فولوجوه، دولة يكون هؤلاء هم المدافعون عنها سوف تكون في نهاية المطاف عبئاً على الممانعة والمقاومة، مهما طال الزمن.

وسؤال أخر، برسم الممانعين أيضاً : لماذا تختلف أنظمة الممانعة والمقاومه عن دول المهادنة والتبعية وحكم الأسر والعوائل في الستراتيج والأهداف البعيدة، وتتطابق معها في نظم الحكم والإستبداد وحبس أنفاس الرعية ؟

هل الذي يقاوم ويمانع السيد الرئيس وحزبه فقط، أم الشعب كله والوطن بكل حبة من حبات ترابه؟

إذا كانت المقاومة بحجم حزب السيد الرئيس، فإنها سوف لن تنتصر، ذلك الإنتصار المعهود، الذي نطمح إليه جميعاً، لن يكون بمقدورها سوى الصمود في أحسن الأحوال، والصمود إذا ما طال فهو رديف الهزيمة، إذ لكل شيء في الحياة مدّة صلاحية، بعد إنقضائها يفقد الشيء تأثيره وفاعليته.  

نحن أمة لم تعد تحتمل المراوحة، لأن  في المراوحة موتها، ولا تقتنع بالصمود، لأنه  أمتد أكثر مما يجب. الأمة تواقة إلى الإنتصار، والإنتصار اليوم وليس غداً، فمن دون الإنتصار قد يكون الغد لغيرنا وليس لنا، ربما لا يكون لنا(غد)، وليس هذا مجرد ضرب من الخيال، فكل الدلائل تشير إلى أننا في منعطف حاسم، سيفرض علينا أن نكون أو لا نكون.

النصر الذي نطمح إليه ليس بالضرورة حرباً على عدو نشنها اليوم، وإنما قد يكون وطنأ حرا معافى وقوي، قادر على النهوض بالمهمات الكبرى، والإستجابة للتحديات الوجودية التي تواجهنا جميعاً.

أن إنبثاق سوريا جديدة، معافاة وقوية، هو نصر إبتداءاً، سيراكم حتماً إنتصارات متلاحقة ومتتالية، وهذه فرصة ذهبية لتتخلص سوريا من أثقالها، على الجميع إلتقاطها.

إن الأمة كلها، وليس سوريا وحدها، تقف اليوم أمام منعطف حاسم، يحمل من بين ما يحمل أبعاداً ستراتيجية كبرى، تستوجب تجاوز ما أعتبر من المسلمات، ليس في الماضي البعيد، وإنما حتى في الماضي القريب، وربما الحاضر. لم يعد مجدياً التغني بحادي الركب ، وربان السفينة، والحزب القائد، إن الإنحباس والتقوقع على حزب بعينه، ومجموعة بعينها، مهما كانت قدرات وإمكانات هذا الحزب وهذه الجماعة، هو الكارثة بعينها.

المطلوب البحث عن القواسم المشتركة، التي تفررزها معطيات اليوم، وإحتياجات المستقبل، وإذا كان قدر من التسامح مطلوباً بالأمس، فإن المطلوب اليوم التسامح بمطلقه ، وبكليته، وبشموله، وقبول الإختلاف في الإجتهاد والرؤى، وإعتباره إثراء وغنى، وليس ترفاً فكرياً، أو وسيلة للتمايز.

إن مقولة التنوع ضمن الوحدة أكثر من ضرورية في هذه المرحلة . لقد بات من الواضح والبين حدود الوحدة التي يحتاجها الشعب السوري، والتي ينبغي أن يجمع الجميع عليها وحولها، والتي تتمحوّر حول الوطنية، وإحترام سيادة ووحدة الوطن وإستقلاله، وكل ما يتعلق بمصالحه كوطن ينضوي تحت لوائه الجميع، وإحترام التنوع القومي والديني والمذهبي، وإحترام الحقوق المشروعة للأقليات، سواءاً ما يتعلق بحق هذه الأقليات في تنظيم وإدارة شؤونها بنفسها، أوالتعبير عن خصوصيتها بشتى الوسائل والطرق، و مشاركتها في القرار، وقبل هذا وذاك حرية وكرامة المواطن، وإنهاء وإدانة كل أشكال الممارسات القمعية، ومحاسبة الفاسدين والمرتشين، والمسيئين للشعب، وناهبي المال العام. إن السوريين الذين أحسنوا الدفاع عن وطنهم يحسنون بلا شك حل مشاكلهم المتراكمة فيما بينهم، بدون وصاية أو تدخل من أحد، وهذا هو المدخل الأساسي، والضروري لحل كافة المعضلات.

لنقل جميعاً لأوباما، وكلينتون، وللأصدقاء القريبين والبعيدين، إرفعوا أيديكم عن سوريا ، فسوريا تختزن من الحكمه ما يهيؤها ليس لحل أزماتها ومشاكلها، وإنما الإسهام بحل مشاكل الآخرين .

سوريا القوية، القادرة على تحقيق النصر الموعود، هي سوريا الكائنة تحديداً بين الأغلبية الواسعة والشريفة من المنتفضين والمعارضين، والأغلبية الواسعة والشريفة من المؤيدين والداعمين للنظام، أما (المتطرفون ) في كلا الجانبين فهم لا يسعون عملياً إلا لخراب سوريا، أدركوا هذا أم لم يدكوه.  

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا