<%@ Language=JavaScript %> واثق زبيبه كتمان العلم
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                 علوم أسلامية للكاتب واثب زبيبة             

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

كتمان العلم

 

بقلم واثق زبيبه                                                                                                                       

 

إن العلم للإنسان مثل الماء والهواء ، فإذا كان الماء والهواء يحفظان حياة الإنسان ؛ فإن العلم يحفظ عقله ودينه ، ويقوم سلوكه ، وهو في الآخرة يرفع صاحبه كما قال تعالى :
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(المجادلة:11) ولم يطلب الله من نبيه طلب الزيادة من شئ إلا من العلم فقال تعالى : ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طه:114) لذا فإن حفظ وطلبه العلم من ضروريات الدين وواجب على  العالم و الاستاذ أن يبينه لطالبه وهذه صفة العلماء الحريصين على أداء رسالة العلم وبسط ما أعطاهم الله على الملأ ، وذلك لان أمانة العلم في نشره ،ولا يوجد دين أمر بالتعليم وحرم كتمان العلم النافع إلا الإسلام . والذي يهمني هنا هو اذا ماكتم العالم او كل من لديه العلم ولم يبينه لطالبيه فقد ذمته وحذرته كثير من الايات القرآنية والاحاديث الشريفة لكتمان العلم وتوعدتهم بعذاب شديد في الدنيا والاخرة-منها:

كتمان العلم في القران الكريم

قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ–(البقرة 159)
ينبغي أن نقف عند هاتين الآيتين وقفة عظيمة , فربنا تعالى حذر من كتمان العلم , وتوعد على ذلك , ولعن من فعل ذلك واللعن في الأصل هوالطرد والإبعاد الممزوج بالغضب والإستياء. فاللعن الإلهي إذن إبعاد الإنسان عن رحمة الله، فالله سبحانه وعباده الصالحون وملائكته المقربون يلعنون من يكتم العلم، وكلمة (اللاعنون) لها معنى واسع لا يقتصر على الملائكة والمؤمنين ، بل يشمل كل الموجودات0
ودلت الآية أيضاً على لزوم إظهار العلم، وترك كتمانه، وعموم الآية يدل: على أن كل من كتم شيئا من علوم الدين ، فان الوعيد يلزمه،
وقال ربنا( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )(آل عمران-18 ) فالمراد بالبخل هنا كتمان العلم والبخل في كلام العرب منع السائل من فضل ما لديه وإمساك المقتنيات وفي الشرع البخل عبارة عن إمساك الواجب ومنعه, ومعنى (سيطوقون ما بخلوا به) 0

قال أبو مسلم ، المراد أنهم يطوّقون طوقاً من النار جزاء هذا الكتمان(تفسير الالوسي ج3 ص339*) يوم القيامة" أي: يحملون وزرَه وإثمهُ كقوله تعالى: "(وهم يحملون أوزارَهم على ظهورهم)"( الأنعام -31 ).
وكذلك قول ربنا"(الذين يبخلونَ ويأمرون الناس بالبخل ويكتمُوُن ما آتاهم الله من فضله)"( النساء -37 ).
أي الذين لم يبينوا ماعندهم من العلوم التي يستفاد منها الناس ويبخلو بها سيطوقهم ربنا بطوق من نار يوم القيامة أجارنا الله0
وهذا تهديد ووعيد شديد فيجب على العالم وكل من لديه علم ان يبينه ولايكتمه0


 

كتمان العلم في الروايات

 

حملت الأحاديث بشدّة أيضاً على كاتمي العلم،وهنا ساجمع كل الصورالتي يكون عليها كاتم العلم0 فروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْم يَعْلَمُهُ فَكَتَمَ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَام مِنْ نَار»(1مسند احمد ج15 ص296).
أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم : " لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ولا تضعوها في غير أهلها فتظلموها "(بحار الانوار ج36 ص) وروي عنه ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ أنه قال : " لا تعلّقوا الدُّرّ في أعناق الخنازير " يريد تعليم الفقه من ليس من أهله 0(تفسير اللباب ج2 ص226 )
وسُئل الامام أمير المؤمنين(عليه السلام):«مَنْ شَرُّ خَلقِ اللّهِ بَعدَ إبلِيسَ وَفِرعَونَ؟ قَالَ: العُلَمَاءُ إذا فَسَدوا، هُم المُظهِرُونَ لِلأبَاطِيلِ، الكَاتِمُونَ للحَقَائِقِ، وَفِيهِم قَالَ اللّهُ عَزّوجَلَّ: (اُولئك يَلعَنهُم اللّهُ ويَلعَنُهُم اللاعِنُونَ)(بحار الانوار ج2 ص89 )
. وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): قرأت في كتاب علي (عليه السلام): إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال، لأن العلم كان قبل الجهل (ميزان الحكمة ج3 ص337 ).
ومن الواضح ان هذه الاحاديث تشمل كل العلوم المفيدة للانسان في كل المجالات ،ويوؤكد ذلك قوله (ص ):((من علم شيئا فلا يكتمه )) (معرفة الصحابة ج9 ص126 )
وعنه (صلى الله عليه وآله): أيما رجل آتاه الله علما فكتمه وهو يعلمه، لقي الله عزوجل يوم القيامة ملجما بلجام من نار (احاديث في الدين والثقافة ج1 ص253 ).
وكذلك قول الإمام علي (عليه السلام): من كتم علما فكأنه جاهل (غرر الحكم ودررالكلم ج1 ص4 ). - وعنه (عليه السلام): إن العالم الكاتم علمه يبعث أنتن أهل القيامة ريحا، يلعنه كل دابة حتى دواب الأرض الصغار (مشكات الانوارج1 ص103 ).الا ترون كم هي مفجعة هذه الصور0   ".
  وهنا يتبين لنا ان نشر الحقائق التي يحتاجها النّاس لا يتوقف على السّؤال، خاصة وأن الاحاديث تتحدث عن تبيين الحقائق ، وهذا كذلك يرد على أولئك الذين يلتزمون جانب الصمت أمام الإنحرافات بحجّة عدم وجود سائل يسألهم ويطرح عليهم سؤالا بشأن تلك الإنحرافات و إمّا عن الخوف من الناس، وإمّا بدافع المصلحة الشخصية مثل منافع دنيوية مالاً أو رياسة ، وأيّاً كان السبب فهو دليل على ضعف الإِيمان وانحطاط الشخصية،

مفاسد الكتمان
كتمان ا العلم من المسائل التي عانت منها المجتمعات البشرية على مرّ التاريخ، وكان لها دوماً آثار سيئة عميقة استمرت قروناً واعصاراً. ويتحمل تبعة هذه المساويء دون شك أولئك العلماء الذين يعلمون تلك العلوم ويكتمونها.
ولعل القرآن لم يهدد ويذمّ فئة كما هدّد وذم هذه الفئة الكاتمة للعلم. ولم لا؟ فإن عمل هؤلاء يجرّ أجيالا متعاقبة إلى طريق الضلال والفساد، كما أن نشر الحقائق يدفع بالأمم إلى طريق الهداية والصلاح.والناس تميل للحقائق بفطرتها، والكتمان عنها يعني صدّ الناس عن طريق تكاملها الفطري المرسوم لها.فيشمل الكتمان كل علم من العلوم يكون سببا في هداية الناس والكتمان مصيبة، وكبيرة من الكبائر، نعوذ بالله من ذلك، فكتمان الحق جبن، وكتمان الحق انهزام في الشخصية، وكتمان الحق فشل، وعندما تصبح هذه الظاهرة عند العالِم تنتهي الأمة فلا تصدقه، ولا تثق به، ولا تنضوي تحت لوائه، ولا تذهب معه، ولا تشيد به، وتصبح الأمة بعيدة كل البعد عنه، كيف يكتم وعنده جوهر، وعنده وثيقة، وعنده نصوص في صدره؟!


 

 التوبة وبيان العلم

قال ربنا  *( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (160البقرة)
ان عدم الكتمان: فهو مطلب أساسي، ثم بين الله أن لا سلامة من هذا الوعيد ، وهذا اللعن ، إلا بالإصلاح والبيان؛ والتوبة ، وبيان لما لديه من العلم الذي كتمه ، والعزم الصادق بأن لا يعود فيه ثانية ، التوبة هي الندم الذي يقع موقع التنصل من الشيء و ذلك بالتحسر على ماكتمه والعزم على ترك معاودته إن أمكنت المعاودة لأن الأمة أجمعت على سقوط العقاب عند هذه .(مجمع البيان ج1 ص 406)0


 

 التوبة من هذا الذنب

قال تعالى: " يَأَيُّهَا الَّذين آمَنُوا تُوبُوا إلَى الله تَوْبَةً نَصُوحاً " التحريم: 8.
والتوبة: عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح

(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مغَفِرَةٍ للنَّاِس عَلَى ظُلمِهِم)(الرعد 6).
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ).(البقرة 222)
(أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى الله ويَستَغفِرونَهُ واللهُ غَفُورُ رَحيمٌ).(المائدة 74 )
   (وَاستَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إلَيهِ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُجِيبٌ).(هود 90)
 (إِلاَّ مَن تابَ وَآمنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سِّيئَاتِهِم حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(الفرقان 70).
(يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوبَةً نَصُوحاً) (النحريم 8).
وكثير من آيات التوبة فينبغي أن نقف عند  هذه الايا الكريمات وقفة عظيمة , فربنا حذر من كتمان العلم , وتوعد على ذلك , ولعن من فعل ذلك ، ثم بين الله أن لا سلامة من هذا الوعيد ، وهذا اللعن ، إلا بالتوبة والإصلاح والبيان؛ التوبة مما مضى: من التقصير والذنوب , وإصلاح للأوضاع التي يستطيع إصلاحها من نفسه ، وبنفسه ، وبيان لما لديه من العلم الذي قد يقال: إنه كتمه ، أو فعلا قد كتمه لخطأ عاجل ، أو تأويل باطل ، ثم من الله عليه بالهدى ، فلا توبة إلا بهذا البيان ، ولا نجاة إلا بهذه التوبة ، وهي تشتمل على الندم على ما مضى ، من التقصير واقتراف الذنب ، وإقلاع وترك لهذا الذنب ، خائفا من ربه عز وجل ، حذرا من عقابه .وكذلك العزم الصادق بأن لا يعود فيه ثانية  والبيان والاظهار لأنه قد يتوب ولا يعلم الناس توبته ، فإذا أظهر ذلك وبينه للناس ، برئت ذمته , وصحت توبته .

 

 

واثق زبيبة

- جامعة الكوفة – كلية الفقه - علوم قرآن


watheqwwww@yahoo.com

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا