<%@ Language=JavaScript %> عبدالغفار شكر الإدارة المحلية ومصالح الناس
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


الإدارة المحلية ومصالح الناس

 


عبدالغفار شكر

 
من أهم المطالب التي طرحتها ثورة‏25‏ يناير تطهير الإدارة المحلية وتطويرها بما يلبي طموح الشعب المصري إلي إقامة نظام ديمقراطي يكفل تحقيق مصالحه والتعبير عن إرادته الحرة‏.

ويعتبر حل المجالس المحلية القائمة وتغيير المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية خطوة أولي في هذا الاتجاه ولكنها ليست كافية.
صحيح أن حل المجالس المحلية كان ضروريا لأنها تشكلت بالتزوير وتضم في عضويتها أكثر من52 ألفا من أعضاء الحزب الوطني الذين يشكلون قاعدة النفوذ السياسي لأعضاء مجلسي الشعب والشوري والذين يوفرون لهم فرصة احتكار عضوية هذه المجالس علي الرغم من الإرادة الشعبية.. ولكن المشكلة لاتكمن فقط في هذه المجالس أو في المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية بل هناك أيضا نظام الإدارة المحلية نفسه الذي أصبحت الإدارة المحلية في ظله أكبر مجالات الفساد في مصر. وتحفل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة بآلاف الوثائق الخاصة بالفساد في الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية والإدارات الأخري, وقد نظر القضاء آلاف القضايا التي اتهم فيها موظفون بالإدارة المحلية والعديد من القيادات بمن فيهم بعض المحافظين وسكرتيرو عموم المحافظات, وفي ظل هذا النظام لم يكن باستطاعة المواطنين قضاء مصالحهم دون دفع الرشاوي سواء للحصول علي رخصة بناء أو هدم عقار أو رخصة منشأة صناعية أو تجارية أو خدمية, أو للحصول علي العطاءات في المناقصات أو المزايدات التي تنظمها وحدات الإدارة المحلية لإقامة المباني الحكومية أو توريد المعدات للمصالح الحكومية.
من أهم الثغرات التي كشف عنها تطبيق نظام الإدارة المحلية أنها لا تمارس سلطة أصلية بل قام الوزراء بتفويض بعض سلطاتهم للوحدات المحلية ونشأ نتيجة لذلك العديد من الثغرات في مقدمتها ازدواجية الإشراف علي الإدارة المحلية ما بين الوزارات المركزية والقيادات المحلية مما يمكن الموظفين من استغلال هذه الازدواجية لتعطيل مصالح الناس ما لم يتم الحصول علي رشاوي منهم, كما أن هذا التفويض يمكن لمن قام به أن يعدل عنه أو يغير حدوده مما يخلق بيئة وظيفية تتسم بالغموض وعدم الاستقرار فلا يستطيع أصحاب المصالح من المواطنين إنجاز مصالحهم في الوقت المناسب.
وقد ترتب أيضا علي النظام الحالي للإدارة المحلية غياب أو ضعف الرقابة الشعبية والمساءلة علي أداء الأجهزة الوظيفية بالإدارة المحلية, خاصة أن المجالس المحلية الشعبية المنتخبة ليست لقراراتها صفة إلزامية بالنسبة لهذه الأجهزة, فهذه القرارات مجرد توصيات واقتراحات وليس للمجالس الشعبية الحق في محاسبة هذه الأجهزة أو سحب الثقة منها. ويضاعف من مشاكل الإدارة المحلية تدني أحوال العاملين بها وحصولهم علي أدني الأجور من فئات العاملين بالدولة, ولا يحصلون علي أجور إضافية تعوضهم عن الأعمال الإضافية التي يقومون بها, ولا تكفي مرتباتهم لتوفير ضرورات الحياة لهم ولأسرهم, مما يجعلهم يستجيبون لإغراء الانحراف الذي تتعدد مظاهره في أنشطة عديدة بالمحليات.
من هنا طرحت مسألة اللامركزية كحل لمشاكل وقصور الإدارة المحلية والمقصود بمصطلح اللامركزية هنا هو( نقل جزء كبير من السلطات والمسئوليات والوظائف من المستوي القومي إلي المستوي المحلي) ولكي يكون هذا الثقل في السلطات ذا معني فإن إعادة تنظيم الإدارة المحلية علي أساس اللامركزية يجب أن يتم من خلال قانون يكفل لها كشرط لفاعلية الأداء:
ميزانية خاصة تتضمن الموارد والإنفاق لكل وحدة محلية.
سلطة توزيع الموارد علي المهام المختلفة.
اتخاذ القرارات بواسطة الممثلين المنتخبين للمواطنين.
وسوف يساعد النظام اللامركزي علي تحقيق قدر مناسب من النمو المتوازن بين المناطق الجغرافية( الحضر ـ الريف), كما أنها تساعد علي التعامل بإيجابية مع مشكلات التنوع واختلال معدل الأداء التنموي علي المستوي الوطني, وتساعد اللامركزية بما توفره من فرص للتدريب والمشاركة أن تكون مدخلا لإرساء قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وعلي رأسها الحق في المشاركة السياسية وصولا إلي مستوي أفضل من مستويات الحكم الجيد, ويحقق ذلك أيضا مزيدا من التطور الديمقراطي وتفاعل ثلاث ثقافات مهمة هي ثقافة اللامركزية وثقافة المشاركة وثقافة حقوق الإنسان.
ويتطلب الأخذ بنظام اللامركزية في الإدارة المحلية إصدار قانون جديد للإدارة المحلية يكفل قيام نظام حكم محلي شعبي حقيقي يكفل للمجالس المحلية التمتع بالشخصية الاعتبارية, وأن تكون قراراتها ملزمة للأجهزة التنفيذية المقابلة وحق سحب الثقة منها, وأن تتمتع هذه المجالس بسلطات حقيقية وأصلية. ولن يستقيم الوضع القانوني للامركزية كأساس لنظام الحكم المحلي ما لم يتم النص علي ذلك في الدستور الجديد, بحيث ترد المواد الخاصة بالحكم المحلي في باب مستقل عن باب السلطة التنفيذية, وأن ينص في هذه المواد صراحة علي السلطات الأصلية للمجالس الشعبية المحلية المنتخبة باعتبارها أساس نظام الحكم المحلي.
ويمكن القول إجمالا أن أهم ضمانات نجاح نظام فعال للامركزية كأساس للحكم المحلي:
وضع حد لمسألة التعددية في التشريعات المنظمة لعمل الإدارة المحلية وجمعها في قانون واحد.
التمتع بدرجة مناسبة وكافية من الحرية والاستقلال عن السلطة التنفيذية المركزية بالنسبة إلي كل ما يتعلق بإدارة الشئون المحلية من خلال نقل حقيقي وأصيل للسلطات من الجهة التنفيذية المركزية إلي المحليات. وعدم الاقتصار علي التفويض في السلطات.
حسن اختيار القيادات المحلية من خلال وضع ضوابط واضحة ودقيقة ومحايدة.
تفعيل نظام الانتخابات الحر والنزيه هو وحده الكفيل بتفعيل نظام الإدارة المحلية وبالذات المجالس الشعبية المحلية.
بهذه الضمانات يمكن إقامة نظام حكم محلي علي أساس اللامركزية يحقق مصالح الناس ويمكنهم من قضاء حوائجهم بسهولة ودون أي مشاكل, ولا تضطرهم التعقيدات الإدارية والبيروقراطية الي دفع الرشاوي للحصول علي حقوقهم.
- ولكن قيام هذا النظام يتطلب توافر بيئة مجتمعية مساندة لهذا التطور في الحكم المحلي, بحيث يكون لمنظمات المجتمع المدني دور فعال في دعم النزاهة والشفافية في أداء المحليات وبناء شبكات بين مؤسسات المجتمع المدني في كل محافظة تراقب أداء المحليات وتقيم مراصد لمقاومة الفساد تكون مهمتها رصد مظاهر الفساد في كل مستويات الإدارة المحلية وتكوين رأي عام محلي ضاغط من أجل الالتزام بالشفافية والنزاهة في أداء المحليات.
ولا يقل عن هذا أهمية ما يجب أن تقوم به الأحزاب السياسية لدعم المحليات بما توفره من قيادات محلية مؤهلة بالخبرة والمعرفة الكافية للمشاركة في انتخابات المجالس الشعبية المحلية والقيام بدور حقيقي في تطوير أداء هذه المجالس سواء في مراقبة الأجهزة التنفيذية المقابلة أو محاسبتها علي أدائها. وفي هذا كله تحقيق لمصالح الناس التي هي الغاية من أي عمل سياسي وهي في الوقت نفسه أحد أهم الأسباب التي قامت من أجلها ثورة25 يناير

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا