<%@ Language=JavaScript %> محمد الحنفي ثورة الشباب العربي (3)، ثورة من أجل قيام دولة الحق، والقانون
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

ثورة الشباب العربي (3)

 

 ثورة من أجل قيام دولة الحق، والقانون.....

 

 

  محمد الحنفي 

 

إن من دواعي قيام ثورة الشباب في البلاد العربية، كون الدول القائمة في مختلف أقطارها، هي دول استبدادية، لا تخدم إلا مصالح الحاكمين، ومصالح ناهبي ثروات الشعوب، ومصالح المستغلين في مستوياتهم المختلفة، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

فالدول العربية القائمة، هي دول لا شعبية، ولا ديمقراطية، وحكوماتها ليست منبثقة عن صناديق الاقتراع، وهي، لذلك، تخضع لتعليمات الحكام، ولا تطبق القانون على جميع المواطنين، على أساس المساواة فيما بينهم، ولا تحمي حقوق الإنسان، كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي صادقت عليها معظم الدول العربية.

 

وانطلاقا من هذا التوصيف المذكور للدول العربية، فإن هذه الدول، هي دول تقوم على أساس تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، لتصير بذلك دولا في خدمة الحكام، وفي خدمة الطبقات التي تستغل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي خدمة جميع المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، لجميع أفراد المجتمع.

 

ولذلك، فثورة الشباب في البلاد العربية، هي ثورة من أجل قيام دولة الحق، والقانون، في كل بلد عربي.

 

فدولة الحق، والقانون، هي دولة بسمات محددة، تتمثل في كونها دولة مدنية، ديمقراطية، علمانية.

 

فاعتبار دولة الحق، والقانون دولة مدنية، يقتضي:

 

1) كونها دولة غير عسكرية، تخضع للحكم العسكري، القائم على قمع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي يجب أن تخضع لخدمة المصالح العسكرية.

 

وكونها غير عسكرية، يعني أن المدنيين، هم الذين يتحكمون في أجهزتها التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، التي يجب أن تكون مستقلة عن بعضها البعض.

 

2) كونها غير ملكية، محكومة من قبل الملك، أو العائلة المالكة، المصحوبة بالقداسة، التي تجعل الملك، أو العائلة المالكة، من اختيار الله، مما يجعل منها دولة ملكية مستبدة بالاقتصاد، وبالاجتماع، وبالثقافة، وبالسياسة، ومستعبدة للشعب، ومتحكمة في أساليب استغلاله على جميع المستويات، لصالح الملك، أو العائلة المالكة.

 

وكونها غير ملكية، يعني أن أجهزتها التشريعية، والتنفيذية، من اختيار الشعب، من خلال انتخابات حرة، ونزيهة، بعيدا عن كافة أشكال التزوير، وأن حاكمها، كذلك، يصير من اختيار أفراد الشعب، في كل بلد عربي على حدة، حتى تصير الدولة في خدمة مصالحه، انطلاقا من احترام مقتضيات القانون، واحترام مقتضيات المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

 

3) كونها دولة دينية، تحكم المجتمع انطلاقا من النصوص الدينية، وخاصة تلك المتعلقة بما يسمونه ب"الشريعة الإسلامية" وخاصة تلك النصوص المتعلقة بالحدود، وبالمرأة، وبتكريس استبداد الرجل بولاية الفقيه، وغير ذلك، مما لا داعي إلى ذكره في هذا المجال، والذي تنتفي معه إنسانية الإنسان، الذي يتحول إلى مجرد عبد لا حق له في أن يتمتع بحريته، ولا بأي حق من حقوقه، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

 

وكون الدولة غير دينية، يساعد على تكريس مدنية الدولة، التي تأتي من الشعب، وتخدم مصالح الشعب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى لهذه الدولة، أن تمكن الشعب من تقرير مصيره بنفسه، ومن اختيار مؤسساتها في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، بما في ذلك مؤسسة البرلمان، الذي يفرز من بين أغلبيته، حكومة تكون مسؤولة أمامه، ويقوم بمحاسبتها عن المهام الموكولة إليها.

 

4) كونها دولة غير عشائرية، تحكم البلاد في كل دولة عربية، من منطلق الانتماء إلى عشيرة معينة، تعتبر بقية العشائر، وجميع أفراد الشعب، مجرد خدم، أو رعايا، عليهم الطاعة، ولا حق لهم في المطالبة  بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، نظرا لكون ذلك يتناقض مع كونهم خدما، أو رعايا، مما يجعلهم لا يتمتعون بحق المواطنة. والدولة العشائرية لايمكن أن تكون إلا دولة مستبدة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا.

 

وكون الدولة غير عشائرية، يبعدها عن النظام العشائري، ويجعل منها دولة مدنية، تسعى إلى القضاء على الظاهرة العشائرية في المجتمع، وتعمل على تذويب كل الفروقات القائمة في المجتمع، بسبب الانتماء العرقي، أو اللغوي، أو الديني، أو القبلي، أو العشائري، أو اللون، وغير ذلك، فالدولة المدنية صارت دولة ضرورية، لتجاوز كافة أشكال الدول، التي عانينا منها في البلاد العربية.

 

واعتبار دولة الحق، والقانون، دولة ديمقراطية، يقتضي:

 

1) اعتبار الديمقراطية مفهوما حقوقيا شاملا، لا يتم إلا بإعطائه مضامين اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومدنية، وسياسية، حتى تقف في حال تحققها، وراء تحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل جعل جميع أفراد المجتمع يشعرون بالمساواة في الحقوق، وفي الواجبات، ومن أجل أن يصير ذلك وسيلة للحد من الفوارق الطبقية، وعلى جميع المستويات. ذلك أن الديمقراطية، لا يمكن اختزالها في الانتخابات فقط، وإلا تحولت إلى ديمقراطية الواجهة.

 

2) وللوصول إلى تحقيق الديمقراطية بمفهومها الشامل، لا بد من وجود دستور ديمقراطي، يضمن سيادة الشعب على نفسه، ويفصل بين السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ويضمن تشغيل العاطلين، والمعطلين، والتعويض عن العطالة، وإلزامية التعليم الأساسي، ومجا نيته، كما يضمن الحماية الاجتماعية، والصحية، ويلزم كل ذي ثروة بتوظيفها في مشاريع صناعية، تساعد على تشغيل العاطلين، ويجرم عملية احتكار الأراضي، والمواد الاستهلاكية، وغيرها، مما يعجز أفراد الشعب عن الحصول عليه؛ لأن الاحتكار لا ينتج إلا ارتفاع الأسعار.

 

ذلك أن التنصيص على كل ذلك في الدستور، باعتباره قانون الدولة، يفرض إيجاد تشريعات تلزم الدولة بأجرأته، لضمان تحقيق الديمقراطية، في شموليتها، حتى يتساوى جميع أفراد الشعب، في كل بلد من البلدان العربية، في الحقوق، وفي الواجبات.

 

3) والدستور الديمقراطي، باعتباره قانونا للدولة، يفرض إيجاد قوانين انتخابية مستمدة من طبيعة السيادة الشعبية، كمصدر للسلطات، ويردع كافة أشكال الفساد السياسي، التي تعرفها البلاد العربية، طيلة عقود، وتقف وراء إيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، لجميع أفراد الشعب، وتعكس احترام إرادتهم، في إطار الاختيار الحر، والنزيه، حتى تصير المؤسسات المنتخبة في خدمة مصالح الشعب، في كل بلد عربي، من خلال إقرار حكومة من الأغلبية البرلمانية، تكون مسؤولة أمام البرلمان.

 

4) إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، تحت إشراف هيأة وطنية مستقلة، من بداية التسجيل في اللوائح الانتخابية، إلى إعلان النتائج، التي تصير معبرة، فعلا، عن إرادة الشعب في كل بلد عربي، لإيجاد مؤسسات تمثيلية: محلية، وإقليمية، وجهوية، ووطنية، تتحمل مسؤولية التقرير، والتنفيذ، في الشؤون العامة لجميع أفراد المجتمع، وفي خدمة مصالحهم، حتى تصير تلك المؤسسات أساسا، ومنطلقا لخدمة مصالح الشعب، وللاندراج في مدارج التقدم، والتطور، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ومن أجل أن تصير البلاد العربية، كباقي البلدان المتقدمة، والمتطورة.

 

5) إيجاد حكومات من الأغلبيات البرلمانية، تقوم بمهمة خدمة مصالح الشعوب العربية، بالإضافة إلى العمل على تمتيع جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي، بجميع الحقوق، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعلى تطبيق القوانين الصادرة عن الهيئات التشريعية، التي يجب أن تكون متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تصير الدولة الديمقراطية منسجمة مع نفسها، ومع مطالب الشعب في كل بلد عربي.

 

فالدولة الديمقراطية، إذن، هي الدولة التي تعطي لمفهوم الديمقراطية الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وإيجاد دستور ديمقراطي، يضمن سيادة الشعب على نفسه، ويفصل بين السلطات، وإيجاد قوانين انتخابية، تضمن حرية الانتخابات، ونزاهتها، وتقطع مع كافة أشكال الفساد السياسي، التي تعرفها الانتخابات في البلاد العربية، وإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، تكون في خدمة الشعب، في كل بلد عربي، وإيجاد حكومات من الأغلبية البرلمانية، تشرف على احترام حقوق الإنسان، وعلى تطبيق القوانين المعمول بها، وخدمة مصالح الشعب، تكريسا لدولة الحق، والقانون.

 

وبالنسبة لاعتبار دولة الحق، والقانون، دولة علمانية، فإن هذا الاعتبار يقتضي: 

1) الحسم مع المنطلقات الغيبية، مهما كان مصدرها، سواء كان دينيا، أو خرافيا، أو غيرهما من الغيبيات، التي تفرض على الشعوب العربية بطريقة، أو بأخرى.

فالمنطلقات الغيبية في التشريع، والتنفيذ، هي التي كانت مصدرا لكل أشكال التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي تعاني منه الشعوب العربية، في ظل حكم الدول الاستبدادية القائمة في الدول العربية منذ قرون.

ولذلك كان الحسم مع الغيبيات ضروريا، للتخلص من التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

2) اعتماد واقع الشعوب العربية، منطلقا رئيسيا، بالإضافة إلى منطلقات واقعية أخرى، محلية، وإقليمية، ودولية، في التشريع، والتنفيذ، حتى تصير ممارسة الدولة متعاطية جدلا مع الواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي علاقة هذا الواقع مع المحيط الإقليمي، والدولي.

فاعتماد واقع الشعوب منطلقا للتشريع، والتنفيذ، يساهم، بشكل كبير، في تجنب تفعيل عوامل التخلف، ويدفع بعملية التطور، في مختلف المجالات، إلى الأمام، وينمي قدرات الإنسان العربي المختلفة، مما يمكن من التسريع بعملية التطور في مختلف المجالات.

3) بناء البرامج التعليمية المختلفة، باعتماد نفس المنطلقات، من أجل إيجاد تعليم شعبي ديمقراطي، قائم على أساس احترام الاختيارات الديمقراطية، التي تمكن الشعب، في أي بلد عربي، من ممارسة سيادته، ومن اعتبار نفسه مصدرا للسلطة.

ذلك أن خلو البرامج التعليمية من الغيبيات، أنى كان مصدرها، يجعل التعليم مجالا خصبا، لإعداد أجيال عقلانية، غير مستلبة بالغيب، وترتبط، في تفكيرها، بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعلها تساهم، بشكل كبير، في التفاعل، جدلا، مع الواقع، مطورة له، ومتطورة به، دون اللجوء إلى أي ممارسة فكرية، مضللة لمختلف الفئات العمرية، للمجتمع المستهدف بهذا النوع من البرامج التعليمية، مما يجعل منها برامج علمانية بامتياز.

والبرامج التعليمية، عندما تصير برامج علمانية، تصير برامج شعبية ديمقراطية بامتياز؛ لأنها لا تهتم إلا بإعداد الأجيال المتعاقبة، إعدادا معرفيا، وعلميا، وتكنولوجيا، حتى يمتلكوا القدرة على المساهمة في البناء الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، والتكنولوجي.

4) نهج سياسة إعلامية واضحة، لا علاقة لها بأي شكل من أشكال الغيبيات، ويعتمد ما يجري في الواقع، منطلقا لممارسة إعلامية هادفة، تسعى إلى ملامسة الحقيقة، ولا شيء إلا الحقيقة.

 والحقيقة لا تكون إلا موضوعية، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، أو الاجتماع، أو الثقافة، أو السياسة، حتى يصير المستقبل، لذلك الإعلام، على دراية كافية بما يعتمل في الواقع الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي.

واعتماد الوضوح، والموضوعية، يجعل من الإعلام إعلاما علمانيا، يقطع الطريق أمام إمكانية استغلال الإعلام لممارسة التضليل، الذي يجعل المتلقي يفقد القدرة على امتلاك حقيقة ما يجري في الواقع الموضوعي، في أبعاده المختلفة.

5) القطع مع الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، باعتبارها ممارسات تعتمد الغيب، منطلقا لممارسة تخدير كافة أفراد المجتمع، حتى يقبلوا باستعبادهم، والاستبداد بهم، واستغلالهم.

ذلك، أن القطع مع هذا النوع من الممارسات المضرة بواقع، ومستقبل المجتمعات، يمكن من عملية فضحها، والعمل على نقضها، والسعي إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، باعتبارها أهدافا كبرى، لا تتحقق إلا ببرنامج قائم على التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي لا علاقة له بالمنطلقات الغيبية.

فالتحليل العلماني، هو تحليل يقوم به الإنسان القائم في الواقع، والذي ينطلق في تحليله من معطيات الواقع، من أجل أن يصل إلى نتائج، تهدف إلى تغيير الواقع إلى الأحسن؛ لأن المحلل علماني، والمعطيات علمانية، والمنهجية المتبعة في التحليل علمانية، والنتائج المتوصل إليها علمانية، وفعل تلك النتائج ينتج نتائج علمانية.

ولذلك، فالقطع مع الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، لا يمكن أن يأتي إلا في إطار الممارسة العلمانية، التي لا وجود فيها لشيء اسمه التضليل.

 والعلمانية، التي يمارس في ظلها الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كما هو حاصل في بعض الدول العربية، التي تعتبر نفسها علمانية، لا يمكن أن تكون علمانية، كما نفهم نحن العلمانية.

6) بناء مؤسسات الدولة، على مستوى الدستور، باعتباره قانون الدولة، وعلى مستوى إيجاد مؤسسات تمثيلية: محلية، وإقليمية، وجهوية، ووطنية، وعلى مستوى الحكومة، وهيأة القضاء، على أساس الارتباط بالواقع، في تحولاته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبناء على ما يتوفر في ذلك الواقع من معطيات، حتى تصير الدولة دولة علمانية، لا علاقة لها بالغيبيات، مهما كان مصدرها، حتى تصير الدولة إفرازا للواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. ودولة كهذه، لا يمكن أن تكون إلا دولة علمانية، لا دولة دينية؛ لأن الدولة الدينية، هي التي تأتي من خارج الواقع، ولا تخدم إلا مصالح الطبقة التي تتحكم في المجتمع، انطلاقا من ذلك الغيب، بينما نجد أن الدولة العلمانية الحقيقية، تكون في خدمة جميع أفراد المجتمع.

7) قيام العلاقات الاجتماعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أسس موضوعية، قائمة على المعطيات المتفاعلة في الواقع، حتى لا تصير تلك العلاقات من إنتاج الغيب، كيفما كان هذا الغيب، حتى لا تصير هذه العلاقات قسرية، بحكم الغيب، ومن أجل أن تبقى مجرد علاقات اختيارية، ترتبط باختيار الأشخاص المعنيين بتلك العلاقات.

ذلك، أن العلاقات الغيبية، تقوم على شيئين أساسيين:

الأول: نفي الواقع، باعتباره فاعلا في الإنسان، ومتفاعلا معه، من منطلق أن ما يظهر لنا على أنه هو الواقع، ليس إلا صياغة غيبية، وما يعتمل فيها موجه من الغيب، بما في ذلك العلاقات القائمة بين أفراد المجتمع، وبين الشعوب، وبين الدول، وبين الحاكمين، والمحكومين.

والثاني: نفي اعتبار أفراد المجتمع الواحد، للعلاقات التي ينسجونها فيما بينهم، علاقات قسرية، فكأنهم لا يفكرون، ولا يتعاملون مع غيرهم من أفراد المجتمع، وكأنهم مجرد مسخرين للغيب، الذي يتحكم فيهم، ويوجه علاقاتهم المراقبة من قبل السلطة، التي تعتبر ممثلة للغيب، ووصية على تحكمه في الواقع. 

وحتى تنتفي العلاقة الغيبية، لا بد من تأسيس العلاقات القائمة بين أفراد أي شعب عربي، على أسس موضوعية، لا علاقة لها بالغيب، من أجل جعل العلاقات بين أفراد الشعب، علاقات علمانية.

وهكذا يتبين، أن اعتبار دولة الحق، والقانون، دولة علمانية، لا يتأتى إلا بالحسم مع المنطلقات الغيبية، واعتماد الواقع الموضوعي للشعوب العربية، منطلقا للتشريع، والتنفيذ، وبناء البرامج الدراسية، اعتمادا على الواقع الموضوعي، لإيجاد تعليم شعبي ديمقراطي، ونهج سياسة إعلامية، لا علاقة لها بالمنطلقات الغيبية، والقطع مع الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، باعتبارها ممارسة تعتمد الغيب، لضمان استمرارها، وبناء مؤسسات الدولة، على أساس الارتباط بالواقع، وقيام العلاقات الاجتماعية على أسس موضوعية، سعيا إلى جعل العلمانية ممارسة يومية، تهدف إلى نفي الغيب، من التحكم في حياة الإنسان العربي.

وبناء على ما رأينا، فإن ثورة الشباب العربي، هي ثورة من أجل قيام دولة الحق، والقانون، التي لا تعرفها البلاد العربية، ولا يمكن أن تستقر الأمور في البلاد العربية، إلا إذا قامت في البلاد العربية، وبالمواصفات التي ذكرنا، في كل دولة عربية على حدة. وقد أظهرت تجربتا تونس، ومصر، أن ثورة الشباب في البلاد العربية، من المحيط، إلى الخليج، هي التي يوكل لها أمر قيام هذه الدولة الحديثة، فعلا، والتي يمكن اعتبارها دولة للحق، والقانون، إلى جانب كونها دولة وطنية ديمقراطية حديثة، وعلمانية، تعمل على تحقيق المساواة بين جميع أفراد الشعب، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو عقيدتهم، أو لغتهم، أو عرقهم، أو القبيلة التي ينتمون إليها، وتحفظ حقوق الجميع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وتضمن حرية الاعتقاد، وممارسة الطقوس الدينية المختلفة، وتنضج شروط قيام نهضة حقيقية، وتعمل على أن تصير الخدمات الاجتماعية كفأة، وفي متناول الجميع، وبالمجان، وتحرص على تحرر الاقتصاد الوطني من التبعية للأجانب، وتتحرر من خدمة الديون الخارجية، والداخلية، وتستهدف بالدرجة الأولى تحرير الإنسان، والأرض... مما يمكن اعتباره ثورة في حد ذاته، جاءت نتيجة لثورة الشباب، في كل بلد عربي.

فثورة الشباب، إذن، في أفق قيام دولة الحق، والقانون، هي، في العمق، المدخل الحقيقي للتخلص من مجموعة من النفايات، التي عملت، ولا زالت تعمل على تكريس التخلف، في كل البلاد العربية.

فهل تستمر هذه الثورة، حتى تحقيق أهدافها القريبة، والمتوسطة، والبعيدة؟

إن الأمل في ثورة الشباب، وفي صموده، إلى أن تتحقق جميع أهدافه كبير، وما الشعارات المرفوعة من المحيط، إلى الخليج، إلا دليل على ذلك.

فهل تتحقق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية على يد الشباب الثائر؟

 

 

 

محمد الحنفي

sihanafi@gmail.com 

ابن جرير في 19 /3 / 2011

 

 

 

إقرأ للكاتب أيضا

 

ثورة الشباب العربي(5)،

ثورة من أجل وضع حد

 لنهب ثروات الشعوب..

 

 

ثورة الشباب العربي (4

 ثورة الأمل في بسط سيادة الشعوب على نفسها

 

 

ثورة الشباب العربي (2)

 ثورة من أجل التحرر

 والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.....

 

 

ثورة الشباب العربي (2)

 ثورة من أجل التحرر والديمقراطية

 والعدالة الاجتماعية.....

 

 

ثورة الشباب العربي (1)، ثورة الأمل

 في بسط سيادة الشعوب على نفسها

 

 

المناضلون الأوفياء لحركة 20 فبراير،

 هم الذين ينسون: من هم؟

 في الانتماء إلى حركة 20 فبراير..!

 

 

المزايدون في إطار حركة 20 فبراير

يعملون على إضعافها..... !!!

 

 

حركة 20 فبراير حركة شعبية،

لا يحق لأحد فرض وصايته عليها.. !

 

 

أحزاب الدول

 وأحزاب الشعوب.....

( تسعة أجزاء)

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا