<%@ Language=JavaScript %> د. عزيز الدفاعي من يعطل صاعق ثوره يناير في الشارع العربي ؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

من يعطل صاعق ثوره يناير في الشارع العربي ؟

 

 

د. عزيز الدفاعي

 

في قراءه متانيه وغير انفعاليه للأحداث ألراهنه وغليان الشارع العربي سواء في الدول التي خرجت إلى الشارع مطالبه بإسقاط النظام أو إجراء إصلاحات جذريه فيه لإنهاء حقبه الدكتاتورية الغاشمة أو ترقب الملايين في دول أخرى للقفز إلى حلبه الصراع لإجبار قادتهم على الاستقالة أو الهرب او الرضوخ للاستحقاق الجماهيري والإصغاء لمطالب الملايين المهمشه المبعدة عن صنع القرار  من الذين عاشوا لعقود أو ولدوا في ظل الإحكام العرفية ونفس المستبدين .

و في ظل نشوه انتصار أشقاءهم العرب في شمال القارة السوداء بعد صدمة عملية استئصال جنوب السودان  الذي منح لمفهوم العروبة اليوم المرتبط بالديمقراطية والعدالة والكرامة مداها الفكري الصادق بعد الفول الدكتاتوريات القومية المستبدة  وشعاراتها الوحدوية المفرغة من معناها  التي  اثبت عجزها وعدم قدرتها حتى على لعب دور( المستبد العادل) الذي طالب به جمال الدين الافغاني وهو نفس النموذج الذي نصح به مبارك بوش الابن ليكون حلا في العراق خلفا للبطل القومي .

 

تثار جملة من الاسئله الخطيرة التي تتطلب منا وعيا يفوق الحماس والدم الفائر والاستسلام للحدث في ظاهره الإعلامي وخطابه وتغطيته منذ اندلاع ألانتفاضة التونسية ومن ثم المصرية التي لازالت متواصلة في مواجهة محاولات ترويضها واحتواءها وتحويلها الى مجرد جراحة بالناظور لاستئصال بعض الورم وهو الرئيس دون تغيير جوهر السلطة ورموز الفساد فيها . , والتي انتقلت شرارتها الى قلب العروبة مصر التي غيبت عن الحراك العربي قبل ثلاثة عقود ونصف لنشهد أيضا محاولة أكثر دهائنا للالتفاف على الثورة الحقيقية الشعبية غير المؤدلجة وغير المسيسة و لابد لنا هنا  من التقاط جملة من العلامات الدلالية لهذا الغليان في الشارع العربي  بعد عقود طويلة من الجمود والغموض الذي أحاط بحركة الجماهير.

 

وأول هذه الحقائق أن النخب العربية الحاكمة والأحزاب ألسلطوية التابعة لها وعيونها وسياطها عجزت عن فهم المتغيرات الداخلية التي شهدتها المجتمعات العربية خلال العقدين الماضيين بعد انتهاء الحرب الباردة وغزو العراق والتغيرات في تفكير وطبيعة العقل الجمعي ونمو قوى جديدة من الشباب والمثقفين والعاطلين والمهشمين الذين أهملهم أصحاب الايدولوجيا والنخب الحاكمة معا.  وما أحدثته ثوره المعلوماتية من ارتباط اجتماعي  في ظل تنامي التناقضات الطبقية والفقر والبطالة وظهور الإحياء المهمشة وعري الانظمة المستبدة وفضائحها واعتمادها على مافيا الفساد أكثر من القيام بالاستجابة   للحد الأدنى من  مطالب الملايين الذين تم قمعهم   بغطاء يشبه المستعمل في طناجر الضغط دون أي فتحة لتنفيس البخار والتخفيف من غليان الشعب الذي انفجر في النهاية او هو في طريق التمرد .

لقد توهم المستبد والقوى الكبرى التي وقفت خلفه ان الشعوب يمكن ترويضها لكنه تناسى أنها لايمكن ان تموت أبدا . واخطأ حين  تصور اليوم انه تحت مبررات الخوف من الغضب الجماهيري يمكن ان يسيطر على حركة الجمهور واحتوائها بمجرد الفتات والقمع والإغراءات والوعود والرهان على أحزاب من الموالين النفعيين الذين أوقعوا المستبد في أخطاء جوهرية قاتلة ستقوده حتما إلى الهرب مع الحاشية بعد خروج الجمهور من حظائر الترويض ولتدجين والذبح وانتهاء السرك بلا رغيف خبز بل مجرد قعقعة سوط الحاكم الهرم الذي لم تستطع المساحيق وعمليات التجميل وإصلاح فقرات عموده الفقري  ان تمحي تجاعيده وتقادمه واحتضاره المؤجل .

أن التغير لا يحدث خارج سياق التاريخ أو بمجرد نزوة أو انفعال  او لمجرد احراق غاضب لنفسه او بارادة خارجية فقط او تحت تاثير الحماس  او الانبهار بنموذج ثوري حصل في تونس أو في مصر أو غيرها بل هو استجابة لمعادلة الصراع والتغيير في طبيعة العلاقة بين قوى اجتماعية تسعى لتغيير إليه القرار والعقد الاجتماعي القديم  واستخدام الثروة والسلطة لصالحها  كغالبية .

وهي في الحالة العربية غير خاضعة فقط الصراخ المعدة او ارتفاع عدد الفقراء والمهمشين والعاطلين  فقط مثلما اخطا الغربيون في تفسير دوافع العنف والارهاب لان المصريين انتقلوا بسرعة فائقة من ثوره رغيف الخبز في تونس الى رفع شعار إسقاط النظام وهي حالة تعبر عن رد فعل على  الهزيمة النفسية والانحطاط والظلم السياسي والإحساس بالدونية والتهميش الحضاري والاحتلال واندحار مشاريع الديمقراطية المشوهة الممسوخة  وفشل الخطاب الإيديولوجي مما يعبر عن حالة وعي  قد يفجر الإحداث في عواصم عربية غنية و ربما ستمتد  شرارة التمرد الى دول البترودولار . لان التغيير اشتعل في المكان غير المتوقع وهو تونس الأكثر سرعة في النمو وجذب الاستثمار والتعليم والصحة ونمو الطبقة الوسطى والتي اعتبرت حتى ديسمبر 2010م نموذجا متميزا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية على صعيد العالم العربي وإفريقيا  والأقل قمعا نسبيا  من دول عربية مشرقية  تترقب العاصفة التي أعيقت عن الامتداد في العراق بسبب العامل الطائفي ونجاح الانظمة العربية المستبدة في إغراق العراق بالدم والإرهاب والاصولية لكي لا يتطلع له العرب في المنطقة .

ثمة إحساس عارم في الشارع العربي انه الجزء المشوه في جسد ألدولة المدنية في العالم والأكثر تخلفا وقمعا والنموذج الأوحد للاستبداد الشرقي الذي لفضته أمريكا اللاتينية واغلب الدول الافريقيه وأصبح مجرد ذكرى لدى شعوب شرق أوروبا .وقد فشلت جميع محاولات التبرير والذرائع وترويض العقل الجمعي بحجه الصراع العربي الإسرائيلي والتنمية والتخوف من النموذج الغربي وتأجيل الاستحقاقات  التي أحالت الشارع إلى كومة من التناقضات و القش والأوراق القابلة للاشتعال السريع دون الحاجة الى سكب البنزين عليها .

أن محاولة بعض الانظمه العربيه الشمولية اليوم استخدام المسكنات والمخدرات مع حزمة من أساليب الإغراء والقمع وتفتيت حركة الشارع وتغيير بعض رموز الفساد واستبدالها بأخرى من داخل ألمؤسسة الحاكمة  في نظام متعفن موبوء أصلا.. وتقديم الوعود لن تكون سوى محاولة أخيرة لأطالة عمر المريض الراقد في غرفة العناية المركزة وإبقاءه في حاله موت سريري لن تجدي نفعا .لان شهادة وفاه أي نظام تصدر في اللحظة التي تخرج فيها الجماهير إلى الشارع للمبارزة وتقبل خيار الموت بصدور عارية وتكسر حاجز الخوف الذي أبقاها خانعة لعقود وسنوات من الذل والمهانة والمجاعة والاستسلام .

والطريف هنا أن أسرع من يغير ولاءاته هم الأقرب الى القصر وحرسه والعسكرتاريا واجهزه المخابرات التي لعبت دورا هاما في اغلب الثورات والانقلابات  للالتفاف على حركه الشارع او للقفز من زورق غارق في اللحظة الاخيرة .

أن الامر يعيدنا هنا للحديث عن غباء المستبد ودور العامل الخارجي  وعدم فهم ما يجري في القاع واستيعاب هموم الجمهور في الوقت المناسب  الذي قد تحركه واقعة بسيطة في المكان والزمان غير المتوقع بعد عقود من المهادنة والرضوخ والاستسلام القدري وثقافة الموت والترهيب والاستسلام للقدر.

أن اغلب الإحداث الساخنة في العالم  منذ الثورة الفرنسية عام 1789 والثورة البرجوازية في اوروبا 1848 والثورة البلشفية في روسيا عام 1917 وانتفاضه 1919 في مصر وثوره العشرين في العراق وانتفاضة المجر عام 1956 والثورة الايرانية عام 1979 وانهيار الشيوعية بعد سقوط جدار برلين التي غيرت وجه وسط وشرق أوروبا  والثورة البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا والاطاحه بنظام نيكولاي جاوجسكو واورتيغا  وغيرها .ومسلسلات الانقلابات في أمريكا الجنوبية كانت محصلة لاحتقان تاريخي من نوع خاص لايمكن الوصول بشأنه إلى أي توافق طبقي قد تستبق فيه دبابات العسكر الإحداث وقد تزحف فيه الجماهير لإسقاط العسكرتاريا وبناء ألدوله المدنية  لاحقا .

 

فلماذا سرت شراره تونس بهذه السرعة غير المعهودة التي أقدم فيها شاب على الانتحار  أذهل حتى من انتهجوا أسلوب الاحزمه الناسفة وبسرعة فاقت تحول الملكيات إلى جمهوريات منتصف القرن الماضي بعد انقلابات دمويه أو بيضاء أعاقت نمو الديمقراطية ولم تجلب سوى الهزائم العسكرية والقمع وضياع فرص التنمية؟

   ان الواضح من تحليل أرشيف التغيرات الدراماتيكية في العالم الثالث والشرق الأوسط على وجه التحديد  لعب  القوى الدولية العظمى دورا خفيا  في هذه المعادلة ومحاولتها  أحيانا التدخل في  سياق التطور الطبيعي للانتفاضات  والثورات الشعبيه  بهدف احتواءها او حرف حركه الجماهير عن مسيرتها وأهدافها  الحقيقية. و قد نجحت قوى المركز والقطب الأوحد  أحيانا وفشلت في أخرى  لكنها تكرر محاولاتها للدفاع عن مصالحها ومشاريعها  وتلجا إلى استباق التغيرات  او وأدها أحيانا او ملاحقتها لإجهاضها بمختلف الذرائع والحجج .

 

لماذا سرت شراره تونس لتقع في القش العربي وأشعلته بهذه السرعة في مصر التي هي القلب بالنسبة للعالم العربي الذي أصيب بالشلل بعد عام 1977م ؟؟  ولماذا هذا الانبهار بها الذي لايقل عن الانبهار بمشروع الثورة الاسلاميه في إيران  الذي تعاطف معه العرب من كلا الطائفتين وحتى المسيحيين العرب واليسار العلماني .ثم أصبحت إيران النووية اشد أعداء النظام العربي اليوم .؟؟

كيف نجح  لشعب التونسي لوحده في  تحقيق عمليه التغيير السريعة جدا دون عون وتدخل خارجي ؟     وكيف تم تسويق الثورة إعلاميا الى مصر بدلا عن ليبيا والجزائر وسوريا او الاردن   ؟ولماذا هرب  الرئيس بن علي  من تونس  يوم ألجمعه بعد رفضه مقترح احد مستشاريه باتهام القاعدة في بلاد المغرب العربي بانها تقف وراء هذه الإحداث وكيف صمد مبارك لحد الان ؟ ولماذا تخلى بن علي  عن خطاب كان ينوي إلقاءه ظهر اليوم نفسه وقام به مبارك بعد منتصف الليل  ؟ ولماذا اقال الدكتاتور التونسي وزير داخليته الدرع الحامي للنظام هل بسبب الخوف من الشعب المتظاهر ؟أم الخوف من الجيش الرافض للتدخل ؟ واين هي صور التونسيين الذين سقطوا في المواجهات ؟ هل تلقى بن علي أوامر من الغرب (فرنسا وأمريكا ) ليغادر الى السعودية والاسيكون مصيره الموت ؟ وماذا كان يدور في الخط الساخن بين مبارك وساده البيت الأبيض ؟كيف يمكن الركون لما حدث في تونس والانتفاضة حدثت بدون قيادة لها  ؟ ومن يقود حركه الشارع في مصر الان في الخفاء؟

 

 

هل سقط بن علي الذي نجح في النهضة والتنمية وفشل   في معرفة تطلعات التوانسة ؟أم بفعل المعلومات المغلوطة التي سوقت للديكتاتور؟ ام نتيجة مشروع اوبامي ساركوزي  لاعاده رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد بعد فشل أساليب الاحتلال والغزو والديمقراطية ألطائفيه  في العراق التي كان البريطانيون عرابيها التاريخيين بعد تناقص وضعف مخاطر التيارات الاسلاميه وانكشاف لعبه التطرف الديني ؟ولماذا   رفض قائد القوات البرية التونسيه التدخل  ولماذا لم يفعل الجيش المصري نفس الشيء مع الرئيس المصري ؟

هل كان الأمر انقلابا على الدكتاتورية ومحاوله استباقيه للحيلولة دون وقوع ثوره شبيهه بالثورة الايرانيه عام 1979 في مصر من خلال تحريك هذه التظاهرات للوصول الى مصر عبر البوابة التونسية أي ضرب عصفورين بحجر واحد   ؟ وهل تفاهمت واشنطن مع القوى الاسلاميه في مصر ؟

ثمة تساؤلات كثيرة بل سيل من الاسئله المقلقه التي يتوجب علينا البحث عن إجابات دقيقه وغير متسرعة لها  لكي لا نسقط في فخ الخطاب الثوري  والمشاعر الجياشه التي كانت احد السباب النكسات العربية المتلاحقة . هذه التوضيحات والتي تطرق عقولنا المندهشة ونحن نراقب ما  يجري منذ يوم 25 يناير في مصر و في إعقاب هروب الدكتاتور التونسي في 14 من نفس الشهر.

إن أول هذه الإجابات الاوليه تظهر بوضوح  سقوط الايدولوجيا والانتلجنسا العربية التي أصبحت ذيلا في مسيره إسقاط القصر الجمهوري رغم انها ساهمت في إنضاج الأفكار وتعريه الاستبداد لكنها لم تمتلك الأدوات القادرة على تاطير حركه الجمهور او قيادته طليعيا والتي فوجئت بحركة الشباب القادر على المغامر والتضحية وتجاوز الفلسفة وفنتازيات النخب. لإبل أن هؤلاء الشباب يتهمون منظري الايديولوجيا بانه مترددون دوما  وسقطوا في الغالب اسري العامل الخارجي وميزان القوى الدولية ونظريه المؤامرة متناسين ان الخارج لايستطيع ان يحصل من الداخل الا بمقدار ما يسمح به الداخل.

وقد لعبت فئه عريضة جدا من الكتاب المصريين دورا هاما في تبرير سياسة مبارك منذ فتره طويلة وإيجاد ذرائع لسياساته الداخلية والخارجية وتحوله الى شرطي في المنطقة وأشاعه مفاهيم مرتبكة عن الواقع الافليمي  و القوى ألدوليه والعمل العربي وتضخيم مخاطر التيار الإسلامي ودعم النظم العربية التي تناصبها الجماهير  العداء لكي لايتكرر نموذج ايات الله او طالبان دون أي اتعاظ من الدرس العراقي وباقي الانظمه التابعه التي ألقى بها   الغرب( مثل الجرذان النافقه) عندما ينتهي دورها ا  على حد وصف محمد رضا بهلوي عند رحيله عن طهران.

الجماهير العربيه في تونس ومصر  غالبا ما وصفت بالخنوع والاستسلام لكنها في حقيقة الأمر كانت تبحث عن القائد المغروس في تاريخها وعقلها الجمعي الموروث من مرحله مواجهه الاحتلال أي البحث عن اطر ا لايدولوجيا والقيادة التي لاتسرق احلامها في العشرية الثانية من الالفيه الثالثة و التي لم تعثر عليها في بقايا الفكر القومي او اليسار او القيادات الاسلاميه بل في الفيس بوك والتوتر والانترنت التي هي من صناعه الغرب  الذي دعم الانظمه المستبدة ضد شعوبها المقهورة و يتخلى عنها اليوم لانها لم تعد ضروه تكتيكيه تحمي مصالحه بل عبئا عليه .

ان حركه شباب 6 ابريل في مصر ونقابات العمال والطلبة والنسوة في تونس و باقي مؤسسات المجتمع المدني في الدول العربيه التي لم يعطها أي مراقب أهميه مقارنه بزعماء الأحزاب المعارضة  المناوءه في الداخل والمنفى تؤكد مجددا ان عمليه التغيير في بنيه العقل العربي وفئاته الاجتماعية قد شهدت تغيرا جوهريا لم تلاحقه الايدولوجيا ولم تستوعبه النخب .

 

هل ان ما جرى في تونس كان الهدف منه إحداث تغيير فوقي في السلطة  تفاعل بشده وبصوره غير محسوبة مع البركان المخبأ في مصر الذي زادت حممه استعارا بعد تزوير الانتخابات البرلمانية في مصر وقرب موعد انتخابات الرئاسة في ماي  وفشل واشنطن في إيجاد أي حل فلسطيني- إسرائيلي  خاصة آن مصر هي بمثابة الرأس والسنام في المنطقة؟ام لان ما حدث في العراق كانت له ارتدادات عكسية في عمليه بناء الشرق الأوسط الجديد الذي استفز الشارع العربي خاصة بعد انفصال السودان والتوتر في لبنان.؟

حتى كبار عرابي السياسة العربية ومفكريها لم يقرءوا الزلزال التونسي بتمعن فمحمد حسنين هيكل وفي خضم الإحداث التونسية دعا الى مراقبه لبنان متناسيا بلده مصر التي تغلي كالمرجل .

مالذي يدفع المرء على الاعتقاد بان هناك من يحاول إجهاض حركه الشارع اليسارية الشبابية وهل ان الشكوك مبعثها عدم قدره شعب اعزل على تحقيق التغيير لان هناك مشاريع خارجية  للتغيير لا تتقاطع مع تعهدات مصر الخارجية والتزاماتها بالسلام وتمنع عودتها لممارسه دورها الإقليمي  الصحيح في المنطقة الذي أفل تماما في ظل مبارك  الذي خطفته انقره وطهران ؟

ربما يكون ملايين من الشباب العرب قد استنسخوا الشعار الذي رفعه الرئيس اوباما في حملته الانتخابية  yes we can( نعم نستطيع)  في ظل غياب أي مشروع عربي واضح المعالم تلتف حوله الناس لان المشروع الطائفي والقومي تفريقي تمزيقي وآلامه بحاجه اليوم لاستعاده اوصياغه هوية وطنيه أصيله ..

لكن أمريكا اوباما كانت مثل الساعة البندوليه تراقب خصمين متصارعين.. الجماهير ضد الزعامات الحليفة لها التي تصدت لليسار والإسلاميين وحمت مصالحها وأصدقائها   رغم ادعاء سيد البيت الأبيض  بأنه يقف مع الجانب الصحيح في التاريخ وهي الجماهير وكان يكفي موقف امريكي واضح لكي ينهار النظام المصري في جمعه الغضب مثلما حصل مع تونس .لكن الحالة المصرية معقده لتداعياتها على مفاصل وأحشاء الوضع العربي برمته . ان واشنطن لاتريد تكرار ما حدث في ايران عشيه الثوره حين قال مدير  C.I.A  بان بلاده كانت( مثل كلب كبير دهسته شاحنه) وفقا لتعبير مديرها وليم كيسي في وصفه .  لما أحدثته شخصيه ومشروع إيه الله الخميني من صدى واسع في المنطقة   بل تريد نوعا من التغيير في   قمة الهرم وبناء كيان جديد من نفس القرميد والرهان على الصراع بين القوى الجديدة شبيه بما حدث في العراق بعد اسقاط صدام حسين .

واذا كان الجيش قد تخلى عن الدكتاتور التونسي الذي اعتمد طويلا على الشرطة السرية لقمع التيارات والأحزاب المعارضة  الاان الجيش المصري الذي هيمن على المسرح السياسي منذ 23 يوليو 1952 وحتى اليوم  لم يتخلى عن مبارك الذي منح هذه المؤسسة امتيازات جعلت منها طبقه مستفيدة من بقاء السلطة الحالية والتي تشعر ان حركه الشارع والقوى الجديدة ستجردها منها او ربما ستزجها في مشاريع خارجية تكسر الحياد الذي أسس له السادات ومبارك بعد اتفاقيات كامب ديفيد .

ألملاحظه الأخرى ان الورقة الاخيره الرابحة التي ألقى بها بن علي بعد رحيله ومبارك في لحظه تهاوي عرشه وهي البلطجييه او الفراغ الأمني لأشاعه القلق من المجهول او النيرونيه نسبه للامبراطور الروماني نيرون الذي احرق روما وإطلاق سراح وحوش قاع المدينة من القتلة واللصوص وكسر المعتقلات و  تكرار  ما فعله المستبد العراقي في تنظيف السجون عند هبوب العاصفة ربيع عام 2003 وواصله الجنرال غارنر بالتفرج على   نهب المتاحف والمصارف وحرق مؤسسات الدوله  في بغداد  لخلط الاوراق بين حرائق تلتهم رموز النظام القمعيه مع رموز التاريخ والسيادة الوطنية  واجبار الشارع الثائر على التراجع    و تقديم الشباب   على انهم لصوص وغوغائيين وفوضويون بلا مشروع او حس وطني قد نجحت نسبيا ولو الى حين في تاجيل نهايه مبارك  .

 

الشارع العربي بات اليوم اكثر نضجا ووعيا وإدراكا  لما يريد ولما يجري حوله... ومهما تداعت الدكتاتوريات لحماية بعضها البعض فإنها لن تستطيع ان  تقف بوجه العاصفة الشعبيه التي ستتحول حتما الى إعصار بلا لون او إيديولوجيا او يوطوبيا الشعارات الرنانة والجوفاء .

من جاء به الاستكبار او الدبابات ستدوسه إقدام الشباب العربي الثائر .

 

azjadeirq_55@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ا

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا