كتابات حرّة

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

               

مقالات مختارة

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 

هكذا قتل زردشت

المقامة السومرية الثانية

كامل الجباري

   لبينا جميعا دعوة الحكيم هلكان السومري لانعقاد جلسة المقامة الثانية للبرلمان الشعبي السومري في يومه وتاريخه . مرجعا أسباب ذلك الانعقاد لمناقشة حدثا جلل تهتز له العروش ، ويخشى تداعياته أصحاب الكروش وطلب أن يستبعد من حضورها (اللوكية) والهتافة والشتامة . وشدد على حضور أهل العقل والتدبير و(الحسجة) الفهامة .

    ما أن أستقر بنا المقام حتى أطل علينا الحكيم غاطا بالسواد . وقد اكتسحت ملامحه سيماء أهل المصائب والحداد . وما أن أخذ مكانه على منصة الرئاسة حتى وقف طالبا منا الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء الصحافة ، ثم أمر بتوزيع القهوة المرة والماء فقط. فستشعرنا هول المصاب ، ولما أعتدل في جلسته قال:-

هل سمعتم ، يا أهل بلاد الرافدين بخطف وقتل الصحفي سردشت عثمان الذي تجاوز العشرين ربيعا ؟ وهل فكرتم بحقيقة الأسباب ؟ صمتنا صمت أهل القبور فتأسف لصمتنا وتمثل بشعر النواب (تتحرك دكة غسل الموتى أما أنتم فلا تهتز لكم قصبة) ثم أكمل :-

     لقد ذكرت التقارير الدولية ذات الاختصاص إن بلادنا هي الأشد خطورة على الصحفيين  حيث قتل وأعتقل وضرب المئات ، وسلط على العديد منهم سيف المقاضاة كل ذلك يحدث وأنتم صامتون ، كأنكم بحاجة إلى تقارير دولية كيما تعرفون . شعرنا بالخجل ثم أجبنا بوجل :- إنه الإرهاب لعنه الله . هنا غضب الحكيم هلكان وقال :- يالله ويا للإرهاب ! ما زالت حكاية (ابو طبر) تعشعش في عقولكم أما سألتم أنفسكم أين ذهبت تحقيقات اللجان التي لم يعرف ما توصلت إليه عين إنس ولا أذن جان ؟

    ياسادة يا كرام ، لا يوجد بلد خال من الفساد المالي والإداري وكل أنواع الفساد ، ومع هذا لم نسمع أن هناك أرواح قد أزهقت ودماء قد أسيلت ، إلا في بلد الديمقراطية التوافقية والشماعات الابتكارية .

    هل سمعتم في أخبار من سلف وإنباء من خلف أن برلمانا أو مشرعا ، قد أصدر عفوا عاما عن ناهبي المال العام والقتلة وأشباههم في زمن تغوص فيه البلاد بالفساد والنهب والإرهاب ، كما فعل برلماننا المنصرف ؟ وهل هنالك بلد في مثل ظروفنا يجعل فيه الشهادة على المفسدين أصعب من الشهادة على الزنا فبدلا من أربع شهود تأتي بأكثر وعليك أن ترى بأم عينيك دخول المرود في المكحلة ؟

    إذا كان الإسلام قد صعب وعقد أمر الشهادة على الزنا حفاظا على شرف الناس وسمعتهم فما الغاية من تصعيب الشهادة على المفسدين ؟

   لو سألنا أي مواطن لقال إن الفساد والمفسدين كالهواء تجده في كل مكان ولا يحتاج إلى دليل ، وبهذا فقد تحقق في الأمر ركنان أساسيان هما التواتر والإجماع . لماذا إذا كل تحوطات الأمان هذه والحرمة للفاسدين ولا حرمة للدم البريء المراق ؟ ولان تهدم الكعبة سبعون مرة أهون على الله من سفك دم إنسان بريء .

    هنا تأوه هلكان وتمثل ببيت لأمرؤ القيس

       ودع عنك نهبا صيح في حجراته       وهات حديثا ما حديث الرواحل

   هذا وما زالت جلسة المقامة السومرية مفتوحة .

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا