المجتمع العراقي والدكتور جايكل والمستر هايد

 

 

 يوسف علي خان

 

يعتقد الكثيرون بان قصة الدكتور جايكل هي قصة خيالية من ابتداع وابتكار المؤلف روبرت ستيفنسن0 والحقيقة ان الدكتور جايكل شخصية حقيقية موجودة في العشرات والمئات من السادة الافاضل والمرشدين المبجلين بل وبعض الساسة والقادة الجماهيريين الذين تزخر بهم الاماكن العامة والمجتمعات والمؤتمرات وخاصة في القنوات الفضائية وعلى شاشات التلفزيونات ليظهروا بهذه الشخصيات الوديعة الرقيقة والحنونة والمليئة بالعطف والرحمة والانسانية نحو بني البشر كي تبدي تعاطفها وتأزرها نحو المظلومين الذين قد اوقفت حياتها من اجل العمل لاسعادهم وانتشالهم مما هم فيه من نكد وتعاسة 00

واذا بظلمة الليل ينقلبون الى المستر هايد ذلك الوحش المفترس الذي يعيث فسادا في الارض فيقتل في الخفاء وينشر الرعب في النفوس ولن يستطيع احد ان يكتشفه وكلما حامت الشكوك نحوه بدد كل تلك الشكوك بما يظهر على الناس في اليوم التالي بهيئته المحتشمة وشخصيته الوديعة الطيبة فيزيل عنه تلك الشكوك فيخدع بها الناس من جديد ويبقيهم في حيرة من امرهم 00 اذا من الذي يقتل ومن الذي يرتكب كل هذه الجرائم ولكن ليس هناك من يستطيع ان يمسكه بالجرم المشهود فليس هناك جريمة دون دليل 00

فيعيد الكرة الدكتور جايكل هذا الطبيب المعالج لينقلب الى وحش كاسر فتبرز انيابه وتبان مخالبه كي يقطع اجساد الابرياء ويتركهم اشلاء مبعثرة هنا وهناك فيستيقظ الناس فيرون امامهم الدكتور جايكل الطبيب القلب المسالم وقد فارقته انيابه الحيوانية ومخالبه المخيفة ليعود الى حياته العادية كاي انسان طبيعي اخر 00

فهذه الشخصيات تملأ عالمنا العربي والاسلامي ومع ان العوالم الاخرى قد لاتخل من مثلها ولكن سرعان ما تنكشف وتلاحق ويلقى القبض عليها غير انها في عالمنا مستمرة تسرح وتمرح د ون حسيب او رقيب فهي اشباح او لابسة طاقية الاخفاء وحتى لو اكتشفها الناس فانها ستظهر بمظهر الدكتور جايكل وليس بمظهر المستر هايد المظهر الانساني الطبيعي فينخدع الناس بها وبالتالي فسوف لن يصدقون حتى من يرونهم في ظلام الليل وفي تغيرهم الى المستر هايد ذلك المجرم المتوحش 00

فهل كان يصدق العرب كل ما كان يفعله عدي من تعذيب حتى مع لواعيب كرة القدم والتي اكتشفت افعاله بعد مقتله وعرضت شاشات التلفزة عدة اشكال من ادوات التعذيب التي كان يستعملها والتي كانت خافية على الملايين من الناس 00  بينما كان يظهر للعالم بتلك الشخصية الهادئة وبابتسامته المسمومة الصفراء والتي كان يقابل بها الوفود من كل اصقاع العالم 00بكل اجلال واحترام00

وامثال عدي يزخر بهم عالمنا العربي والعراقي وكم من الشخصيات المستر هايد تظهر علينا في الندوات لتقدم لنا ارق واحلى جمل المحبة والمودة وازكى ايات النصح والارشاد والدعوة الى الصفاء والسلام وهي في داخلها يتحرك مستر هايد وهو يفكر في طريقة واسلوب مبتكر ليخترع افضع اساليب القتل والتخريب والتأخير والتعطيل والاعاقة لاي مشروع يفيد البلد ثم تجده يقيم الاعراس والحفلات ويصرف عليها ملايين الدولارات في صالات لندن  استلبها من افواه الجياع والعاطلين عن العمل والمحرومين من الخدمات ولم يقدم شيئا للعراق00

فان من كتب قصة الدكتور جايكل الذي كان يعالج المرضى اثناء النهار بشخصيته الطبيعية ثم ينقلب خلال الليل الى وحش يفتك بنفس الناس الذين كان يعالجهم اثناء النهار0 لم يكتب قصته من فراغ او من وحي الخيال وانما استقاها مما شاهده على ارض الواقع من المجرمين ذوي الشخصية المزدوجة الذين يغيرون طباعهم بين لحظة واخرى فان كان الدكتور جايكل مريضا نفسيا فيتغير بدون ارادته فان هؤلاء المجرمين يتغيرون بارادتهم ولتحقيق مصالحهم فينقلبون الى مستر هايد لكل من يقف في وجه سرقاتهم ويحاول منعهم من النهب والسلب فيفتكوا به شر فتك دون شفقة او رحمة ثم يظهرون على شاشات التلفاز او من خلال مؤتمرات المجتمع المدني يدافعون عن الارامل والايتام والعانسات ويذهبون الى الدول لطلب الاعانات للفقراء والمحتاجين  كما فعل اؤلائك اللذين استلموا الف ماكنة خياطة من احدى دول الخليج التي تبرعت بها للارامل فباعوها في البصرة وقبل ان تصل الى من حصلوا عليها باسمهم من الارامل والمطلقات  وغيرهم فحدث ولا حرج 00 والعجب العجاب انهم لم يتعرضوا لاي ملاحقة او حساب فهل اصبحنا وسط غابة من المستر هايدات او ان النصف يعمل دكتور جايكل والاخرون مستر هايد ويتبادلون الادوار00

وهل سيبقى الدكتور جايكل غير مكتشف ويقى يتحول الى المستر هايد ويعتدي على الناس في ارواحهم واموالهم  ام انه مجرد فلم رعب او قصة من وحي الخيال 00!!